عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Sep-2025

من لبنان إلى قطر* غازي العريضي
المدن -
الذين يبرّرون الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه المفتوح على لبنان، بذريعة عدم تسليم سلاح "الحزب"، ويتجاوزون الإنجازات التي حققها الجيش اللبناني على هذا الطريق في الجنوب، واجهوا وقائع كثيرة خلال الأيام الماضية، ولكنهم تجاهلوها.
 
بعد تقديم الجيش خطته، تحركت، ولو على نحوٍ متواضع، عملية تقديم مساعدات أولية له بعد أن جمّدت لفترة طويلة. وللأسف لعب ويلعب بعض اللبنانيين دوراً سلبياً في هذا الموضوع، عبر تحريضهم الدائم على الجيش، والضغط لمنع تقديم المساعدة المطلوبة له. بعد لقاءات اللجنة الخماسية مع المسؤولين السياسيين والقيادة العسكرية، وُضعت أمامهم الحقائق كما هي. واقع الجيش، إمكاناته، حاجاته. عدم تقديم الدعم اللازم المطلوب له لإكمال مهامه، والخطوات المتقدمة التي قام بها. حدث تبدّل مقبول في التعاطي الأميركي الغربي لجهة الإعلان عن تقديم مساعدات، والاعتراف بضرورة تعزيز دور الجيش. وينبغي تكثيف الاتصالات وشرح الموقف من قبل اختصاصيين مطّّلعين عارفين مدركين، قادرين على تثبيت الوقائع والدفاع عن موقف لبنان بالقرائن، والخبرة في إدارة النقاش أو التفاوض -إذا جاز التعبير- فلا يجوز أن يسأل بعض المكلفين بهذا الأمر سؤالاً: ما الفارق بين الخط الأزرق والخط الأخضر؟ على سبيل المثال لا الحصر. هذا عمل هواة أو مبتدئين. كما لا يجوز التعاطي مع مثل هذه المسؤولية والأمانة بنوع من عدم الاهتمام، لأن بعضهم لا يرى إلا الضغط على لبنان والاستفادة من المعادلة القائمة، وهي لمصلحة اسرائيل. وهم بالتأكيد مخطئون حتى لو كانوا يراهنون عليها ويناقضون أنفسهم، والدليل أنهم انتقدوا العدوان الاسرائيلي على قطر، واستهداف قيادات حماس على أرضها.
 
 
 
وقطر لم تقم إلا بدور الوساطة الجدية المنسقة مع أميركا، وشارك فيها الإسرائيلي. فلماذا ضربها؟ ولماذا تهديدها؟ ولماذا الإصرار في التصريحات الاسرائيلية على المزيد من التهديد والوعيد باستكمال عمليات الاستهداف والقتل؟ هل هددت قطر أمن اسرائيل واستقرارها؟ بالتأكيد لا. فلماذا ضُربت إذن؟ وعند حصول الضربة قال كثيرون: هذا ليس استهدافاً لقطر وحدها؛ هذا استهداف لدول الخليج وللمنطقة عموماً، واستنكروا العملية. وهذا واجب سياسي وأخلاقي. والسؤال: لماذا لا يفعلون ذلك في لبنان؟ وفي موازاة هذا الأمر ثمة من يؤيد التركيبة الجديدة في سوريا و"الرفاق" في قيادتها، ومن يدعمهم في المنطقة، فماذا فعل هؤلاء عندما ضربتهم اسرائيل، واحتلت المزيد من أرض سوريا، وتهدّد بضربات أكبر، وبترسيخ الاحتلال، وفرض الشروط، واستهداف القصر الجمهوري، ورئاسة الأركان؟ ألا يرى هؤلاء أن المشروع الإسرائيلي المعلن بوضوح من قبل نتانياهو وحكومته يريد إخضاع الجميع؟ فلماذا تجاوز هذه الوقائع عندما يتعلق الأمر بالواقع الداخلي في بلدهم لبنان؟ 
 
 
 
الأسئلة المطروحة هنا، لا تخرج عن الالتزام بضرورة تطبيق قرارات الحكومة من أيّة جهة أتت، وبالتحديد حصر السلاح. لكن الاندفاعات غير المحسوبة والمواقف الموتورة لا تعزّز وحدة موقف الدولة اللبنانية. ثمة تحوّل كبير حصل في المنطقة، وتداعياته مستمرة، ولبنان دفع ثمناً باهظاً. وهو صاحب حق في مطالبة أميركا وفرنسا والدول العربية المعنية بالعمل على احترام قرار وقف الأعمال العدائية في الجنوب بكل مندرجاته. وإذا كانت إسرائيل لا تقبل، وتستمر في عدوانها، فهذا لا يعني أن يحوّل البعض المشكلة الى مشكلة لبنانية- لبنانية. والمسؤولية اللبنانية هنا عامة. حزب الله مطالب بالالتزام بقرارات الحكومة وخطة الجيش، والدولة مطالبة بتحمّل مسؤولياتها تجاه أبناء الجنوب والقرى المحتلة، والعودة، وإعادة الإعمار، والبدء ولو بخطوات أولية تواكب دور الجيش، فيشعر الناس أنهم محتضنون، وليسوا واقعين تحت ضغوط الاستهداف الإسرائيلي، والتحقير الداخلي، والاستفزاز، ومحاولات تصفية الحساب. 
 
في جلسة إقرار الموافقة على القرار 1701 في العام 2006 لوقف الحرب قلت في مجلس الوزراء: "الحمدلله أننا انتصرنا على إسرائيل. لكننا نخرج الآن من مرحلة الجهاد الأصغر الى مرحلة الجهاد الأكبر. الجهاد الأصغر: الانتصار، الجهاد الأكبر: المحافظة عليه، وهذا يتطلب وحدة وطنية، والمسؤولية تقع على الجميع". 
 
ارتُكبت خطايا في الداخل، فأسيئ للانتصار، وسقطت مفاعيله، واهتزت وحدتنا. اليوم: لسنا منتصرين. نحن محاصرون، واليد الإسرائيلية شبه مطلقة في ضرب أي هدف في المنطقة، وأهم ضمانة عندنا لحماية ما تبقى: وحدتنا الوطنية. وهي مهمة أصعب بكثير مما كانت عليه سابقاً. فهل نتعلّم من الدروس والعبر من لبنان إلى سوريا وقطر وغيرها؟