• منذ یومین
ھآرتس
المطربة اللبنانیة صباح في أغنیة ”زي العسل“، تقول إذا أحضروا القمر من الاعلى وقاموا بتخییط
النجوم في شالي، سأقول ھذا لا یھمني، لن أترك في أي یوم من أحبھ، ھذه الاغنیة التي أحبھا
اخترت أن أبدأ بھا ھذا المقال، رغم حقیقة أنھ یوجد للعرب الكثیر من التعبیرات الاكثر كلاسیكیة
في أن یقولوا ھذا لن یحدث.
مثلا، لم أكن سأصوت في أي یوم لمیرتس لو واصلت تمار زندبرغ ترأس الحزب. حتى لو أنھا،
مثلما یقول العرب، أعادت الاندلس لحكم العرب. زندبرغ ھي یمینیة وكل من یدافعون عنھا لن
یغیروا ذلك.
ایضا لم أكن لأصوت في أي یوم لحزب عضو أو أكثر من ھؤلاء یوجدون فیھ: بني غانتس
وموشیھ یعلون وغابي اشكنازي. حسب رأیي ھؤلاء فاشیین ویمینیین أكثر من بتسلئیل سموتریتش
وجماعتھ الكھانیة. لم أكن سأصوت في أي یوم لحزب تعلق فیھ صورة یئیر لبید، الیمیني الذي
یطارد منظمات الیسار مھما كانت، بما فیھا منظمات حقوق الانسان.
بعد ذلك جاء اھود باراك. ومن اجل ازالة الشك، حتى قبل اسبوعین لو أن أي شخص عرض علي
التصویت لباراك كنت سأقطع علاقتي معھ لسنوات كثیرة، لأن ھذا الشخص ھو باراك، فلا مبرر
للبدء في احصاء عیوب ماضیھ الكثیرة. ولكن ھناك اوضاع نادرة جدا في الحیاة یتحول فیھا
شخص ما من مكروه الى محبوب، فقط بسبب عمل كبیر أو مقولة مبدئیة قاطعة. وھذا بالضبط ما
قالھ باراك: ”لن أجلس مع نتنیاھو في حكومة واحدة بأي شكل من الاشكال ولا في أي مرحلة ولا
بأي طریقة“ (یھوشع برنر، ”ھآرتس“، 7/2.( ”الیساریون“ اصابتھم صاعقة باراك (عران كوتنر، ھآرتس،7/2 ،(لیس لأن باراك وجھ اقوالھ ضدھم، حیث أنھ صرح بأنھ لن یجلس مع بنیامین نتنیاھو، الذي كما ھو معروف رفع كلمة ”یسار“ على رأس سلم الكراھیة لمؤیدیھ. لكن ضائقة الیسار تنبع بالاساس من أن تصریح باراك كشف بمرة واحدة عورتھم الایدیولوجیة، حیث أن رئیستھم زندبرغ وھم كانوا على استعداد (وبتشوق) لیس فقط للجلوس مع نتنیاھو بل مع افیغدور لیبرمان، المستوطن الفاشي، بحقارتھ ونذالتھ. بالنسبة لآفي غباي وجوقة المشجعات لھ (شیلي یحیموفیتش)، احباب الیساریین، الجلوس مع نتنیاھو ھو موضوع طبیعي ومبارك. ایضا لبني غانتس، المعبود الجدید لمن یعتقدون أنھم یساریین مثل كوتنر فان التعامل مع نتنیاھو والیمین ھو أمر مرغوب، بالتأكید اكثر من دمج القوى مع الاحزاب العربیة، التي اقصاھا بصورة مطلقة.
دموع كوتنر ملأت شاشة حاسوبي عندما تباكى على انقسامیة باراك امام حزب العمل وحزب
ازرق ابیض. من ھناك انتقل كوتنر الى اوصاف من عالم الكیمیاء الحیویة والطب بشأن تركیز
السكر في الدم. بدل السكر وفائض الطاقة، كوتنر والیساریون مثلھ، كانوا یریدون منا أكل اشیاء لا
طعم لھا، شيء مثل ”من ھذا الجانب ومن الجانب الآخر“، نعم ولا، لأن والدھم ھو شمعون بیرس،
أبو المستوطنات ومھندس العدوان ضد العرب الذي نجح في ادخال سمھ الى عقول ملایین
الاشخاص في العالم. ھكذا بعد اللدغ ھو یظھر بصورة فارس السلام.
حسب كوتنر، الدیمقراطیة ھي ایضا ”طریقة خطاب معینة عبر سلوك النقاش والحوار، فحص
وموازنة اصوات مختلفة ومركبة لصور قیم مختلفة“، ھذه المقولة ھي التي تمكن الیساریین من
ایجاد ”طریقة للنقاش والحوار“ مع اسوأ الكھانیین، وھي التي تعطیھم التدریب ”الاخلاقي“ من
ناحیتھم للجلوس والتعاون مع كل یمیني فاشي، یكون مستعدا لارتداء قناع ضد الرائحة والجلوس
معھ.
إن وزن الاصوات الكثیرة والمعقدة ھو الذي یمكن الیساریین الذین یعیشون ویعملون مع العرب في
المنظمات، ولكن في نفس الوقت یحلمون بنقل وادي عارة الى سیطرة السلطة الفلسطینیة. في نظر ھؤلاء الیساریین فان الانفصال بسلام عن الفلسطینیین یرتبط باعتبارات كثیرة منھا تقدیم تنازلات
عن اجزاء من ارض اسرائیل التي ھي في نظرھم أھم مما ھي في نظر المستوطنین. وبالطبع من
اجل تحقیق دولة ”یھودیة ودیمقراطیة“. ھذا اسم مرن لادعاءات الیمین بشأن ”الخطر الدیمغرافي“
للعرب، أن یساریین كثیرین لم یعترفوا بشكل علني بالتخوف منھ، ولكنھم یعملون بكل طریقة من
اجل محاربتھ – رغم أنھ من ناحیة احصائیة ھذا ھذیان یساري لیس إلا. الحریدیون وحدھم یزیدون
بتكاثرھم الطبیعي على العرب مواطني الدولة.
إن فحص ووزن اصوات كثیرة ومركبة لصور قیمیة مختلفة، ھو صیاغة محكمة ومضللة لـ ”الذھاب مع والشعور بدون“ أو العكس ”لي اصدقاء كثیرین في الوسط العربي“، قال احد الیساریین العادیین الذي في نظره العرب في اسرائیل لیسوا أكثر من وسط. ھم لن یصلوا في أي یوم في نظره الى مستوى الافراد، الذین لھم رغبات شخصیة. المجتمع العربي سیبقى في نظره مثل كتلة غیر متبلورة لكنھا موحدة من وجھة النظر القائلة ”احترمھ وشك فیھ“. یوجد لھ اصدقاء كثیرون في الوسط، لكنھ لن یسمح في أي یوم لقریة عربیة جدیدة أن تقام قرب الموشاف الذي یعیش فیھ. ھو یقوم بزیارة اصدقائھ العرب في نھایة الاسبوع، لكنھ تقریبا لن یستضیفھم عنده في أي یوم، خلافا لمستوطنین فاشیین جدا یلتقي معھم من اجل ”تقریب القلوب“.
لذلك، بعد اقوال باراك ھذه، الذي رفض من رفضونا، نحن العرب، أنا أؤیده.