عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Apr-2020

يمنى أبو حسان.. أيام رحلة العلاج تشكل نقطة تحول في حياتها

 

مجد جابر
 
عمان – الغد-  “أيام معدودة من العلاج.. شكلت نقطة تحول في حياتي”، بهذه الكلمات وصفت المتعافية يمنى خلدون أبو حسان مراحل إصابتها وتماثلها للشفاء من “كورونا”، وما تخللها من إعياء وآلام، ومشاعر متضاربة، تمكنت من التغلب عليها بتشبثها بالإرادة والصبر، لحين وصولها إلى “بر النجاة”.
تروي أبو حسان لـ”الغد” رحلة وقوعها في فخ “كورونا” بتفاصيلها كافة، وهي على أمل بأن تصبح قصتها ملهمة للآخرين، بتبدل “النظرة الاجتماعية” تجاه هذا الفيروس.
اعتقدت أبو حسان، التي تعمل مندوبا إقليميا في منظمة “ورلد ريدر” للشرق الأوسط وأفريقيا، بأنها مصابة بالتهاب القصبات الهوائية، الذي اعتادت أن تصاب به، وبشكل موسمي، خصوصا وأنها لم تكن تعاني من ارتفاع في درجات الحرارة، أو أي شيء من هذا القبيل، مبينة أنها توجهت بالسؤال لأكثر من طبيب في العائلة عن حالتها للاطمئنان، واتفق الجميع، أنها طالما لا تعاني من ارتفاع في درجات الحرارة، فلا داعي للقلق.
التزمت أبو حسان بيتها، كونها تعاني من زكام، بحسب اعتقادها، إلا أنها بعد أيام عدة قررت النهوض من الفراش والتغلب على المرض بأداء بعض التمارين الرياضية، ولكنها تقول “هنا استدركت أن هناك شيئا خاطئا يحدث، فأنا لم أستطع القيام بعمل تمرين واحد، بسبب صعوبة التنفس، وضيق الصدر الذي شعرت به حينها”.
وتتابع أبو حسان، أنها على الفور قامت بالاتصال بأحد المختبرات لإجراء فحص “كورونا”، وظهرت النتيجة إيجابية، وتم التواصل مع مستشفى الأمير حمزة ونقلها لتلقي العلاج، وطوال ذلك الوقت لم يرافق الأعراض ارتفاع لدرجة الحرارة عن المعدل الطبيعي.
وتعلق “عندما ظهرت النتيجة إيجابية شعرت بصدمة كبيرة، خصوصا أنني لم أعاني من أي آلام مختلفة عن نزلات البرد”، وأقامت بالمستشفى بدون إخبار أحد، فهي لا تريد إثارة قلق الآخرين، كما تحتاج إلى وقت لفهم طبيعة المرض، وترغب بإحاطة نفسها بأشخاص إيجابيين فقط، قادرين على مساعدتها على تجاوز هذه المحنة.
وتضيف أبو حسان أنها وبعد تجاوز مرحلة الصدمة، أصبح جل اهتمامها لتلقي العلاج، مبينة أنها حتى الآن لا تعرف تماما من أين التقطت المرض، لكنها ترجح بأنها خالطت شخصا مريضا في أحد الاجتماعات، وكان يجلس بجانبها، خصوصا أن أعراض المرض لديها بدأت بالظهور تدريجيا بعد ذلك اليوم.
 
وتشرح أبو حسان أعراض إصابتها بالمرض، وهي: حكة في الحلق، ثم تحول إلى التهاب بالحلق وسيلان في الأنف، تلاها سعال مع “بلغم”، ومن ثم “سعال ناشف جدا”، وآلام حادة في الصدر، وإرهاق وصداع وصعوبة في النوم، بسبب السعال المتكرر، وأيضا فقدان لحاسة الشم، لافتة إلى أن جميع تلك الأعراض لم يرافقها ارتفاع لدرجة الحرارة.
وتشير إلى أنها في الفترة الأولى بدأت حالتها النفسية تتدهور، لاعتقادها بأن مدة العلاج لا تتجاوز الأيام الأربعة فقط، لكنها فوجئت بالمدة الحقيقية، وبدأ الخوف يسيطر عليها، مبينة أن عند دخولها إلى المستشفى كان عدد الحالات 170 حالة، وفي الطابق الذي تمكث به لتلقي العلاج 9 حالات.
وعن رحلتها في العلاج داخل المستشفى، تقول إن الطاقم الطبي في المستشفى أكثر من رائع “رحيمون جدا”، بحسب وصفها، مبينة أنها كانت تتبادل الحديث مع كل شخص منهم، وتشعر بالاطمئنان والقوة في التغلب على مخاوفها.
تؤكد أبو حسان أن رحلة العلاج لم تضايقها، كون هدفها الوحيد كان الشفاء، مبينة أنها كان لديها مشاعر عدة، أولها أنها كانت تشعر بأنه امتحان من الله ، فكان الحل الوحيد للتغلب على المرض، هو أن تكون إيجابية جدا وتبتعد تماما عن عقلية الفتاة الضحية، وأن تتأقلم مع المعطيات الموجودة أمامها.
تلقت أبو حسان دعما كبيرا من عائلتها الذين كانوا دائما يساندونها ويشجعونها، خصوصا وأنها بعد فحوصات الرئة تبين أنها تعاني من “نيمونيا”، وبعدها زاد الألم عليها كثيرا، وفقدت حاسة التذوق، وهو ما انعكس على حالتها النفسية كثيرا.
وتذكر أبو حسان أنها لجأت لله تعالى بالدعاء والاستغفار، كما اتجهت للتفكير بالمستقبل والأيام الجميلة التي تنتظرها، وشحنت همتها بالطاقة الإيجابية، وأكثرت من الاستماع لآيات الذكر الحكيم، ولم تتردد في طلب الدعاء لها بالتعافي من المحيطين والمقربين، مبينة أنها أحاطت نفسها بحلقات دعم خارج المستشفى.
ولا تنكر أبو حسان أن هناك أوقات ضعف أحاطت بها، تخللها البكاء والحزن، إلا أن الفريق الطبي كان يساندها ويدعمها، وعليه شعرت بأن الجميع “عائلة واحدة”.
وتقول إن المرض صعب من ناحية العزلة، وما يزال شيء جديد غير مفهوم لكل العالم، بالتالي فإن الصورة الواضحة الكاملة لهذا المرض “مجهولة”.
وتضيف أنها خلقت لنفسها أجواء من داخل الحجر، فكانت تضع على الإفطار موسيقى فيروز تجلس أمام النافذة المطلة على الشارع، وترى أمامها سارية العلم الأردني التي منحتها دفعة إيجابية قوية، مبينة أنها أحيانا كانت تخرج إلى الممر مع أخذ الاحتياطات كافة للتحدث عن بعد إلى باقي المرضى لوقت قصير، أو التلويح لهم من خلف الزجاج، وهو ما جعلها تخرج من هناك بعد انتهاء رحلة العلاج، وجميعهم أصدقاؤها، مبينة أن تقديرها لعمل الطاقم الطبي المعطاء، جعلها تتقيد بالشروط كافة، خصوصا وأنهم يبذلون قصارى جهدهم لحماية ومساعدة كل مريض.
وأصرت أبو حسان على توثيق ما مرت به وتسجيل يومياتها من خلال فيديوهات على “فيسبوك”، ليعلم الجميع أن المصاب هو شخص طبيعي يمر برحلة صعبة فقط لا غير.
وتتوجه أبو حسان برسالة لكل الأردنيين بعد هذه التجربة، بقولها “لا يوجد عار ووصمة بمرض الإنسان، فعلى العكس، عندما يعرف الناس بأن الشخص مصاب، تتعاطف وتقف معه”، مناشدة كل من يشعر بأي من أعراض المرض المبادرة للفحص، حتى يحمي نفسه وعائلته ومجتمعه، وعليه الالتزام بإجراءات السلامة كاملة، خصوصا “التباعد الاجتماعي”.
وتضيف أن كل التحذيرات التي تقوم بها الحكومة بمكانها، وليست مبالغة على الإطلاق، فالمرض صعب، ويجب أن يأخذه الجميع بجدية، والانتباه للعوارض، لكن بدون الخوف حد الهلع، مبينة أن سرعة انتقاله سهلة جدا.
وفي ختام حديثها، تتوجه بالشكر لمدير المستشفى عبد الرزاق الخشمان، وجميع الطاقم الطبي، على رعايتهم ومساندتهم للمرضى بتفاصيل هذه الرحلة كاملة.