عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jun-2019

حق الضم - بقلم: البروفیسور آریھ الداد
معاریف
أجرى السفیر الأمیركي في إسرائیل دیفید فریدمان قبل اسبوع مقابلة مع ”نیویورك تایمز“ قال فیھا
لأول مرة على لسان مندوب أمیركي كبیر ورسمي انھ ”في ظروف معینة، اعتقد أن لإسرائیل الحق
في ان تحتفظ بجزء من الضفة الغربیة“. وأضاف منددا بتأیید باراك أوباما لقرار 2334 لمجلس
الأمن في اواخر ولایتھ المعادیة. ویذكر أن ھذا القرار قضى بان المستوطنات تتعارض والقانون
الدولي. وقال فریدمان إن ھذا القرار لمجلس الأمن عزز ثقة الفلسطینیین بان كل ”الضفة الغربیة“
والقدس تعود لھم. اما ھو بالمقابل، فواثق انھم مخطئون: ”لا شك أن إسرائیل یحق لھا أن تحتفظ
بقسم على الاقل من الضفة“.
الفلسطینیون اشتكوا. فقد قال حسین الشیخ إن ھذا یثبت ان خطة القرن لترامب ستثبت الاحتلال.
ودعا صائب عریقات زعماء العالم العربي بان یردوا بمقاطعة القمة في البحرین. احتجت أوروبا احتجاجا ھزیلا وتفرغت لمشاكلھا. وزیر الخارجیة الفرنسي الذي زار المغرب تفوه بشيء ما مثل ”خطوات الإدارة الأمیركیة ھي بمثابة جھد لا یمكن أن یمنح الھدوء“، وذكر ایضا بان فرنسا، مثل الاتحاد الأوروبي كلھ، یعارض الاعتراف الأمیركي بالقدس كعاصمة اسرائیل. اما مضیفوه المغاربة فحتى لم یكلفوا انفسھم عناء التلوي بجملة دبلوماسیة منحرجة من ھذا القبیل. اما شرق أوروبا فھذا لم یحرك لدیھا ساكنا على الاطلاق.
ایمن عودة واحمد الطیبي فقدا ھذا تماما. ”فریدمان مجرم دولي“، قال الطیبي. لو كنت انا السفیر
فریدمان لتلقى الطیبي بلاغا لاذعا في البرید بالغاء تأشیرتھ الى الولایات المتحدة. ولیبحث عن
اصدقائھ في المقاطعة.
والقلیل ایضا مما بقي من الیسار الإسرائیلي اعرب عن الصدمة. رئیسة میرتس، تمار زندبرغ، تھجمت على السفیر فریدمان وحاولت اثارة اعصاب مرسلیھ من واشنطن – ”علیھ أن یتذكر بانھ سفیر الولایات المتحدة إلى إسرائیل ولیس الى دولة المستوطنات“ – ولكن بعد بضعة شعارات عفنة عن ”حیاة السلام بلا احتلال“ سمعت كمن تتنفس الصعداء بقولھا انھ على ما یبدو أن ”الادارة الأمیركیة قررت ان تخدم الیمین المتطرف فقط“. ودعت حركة ”السلام الآن“ (اتذكرون؟ أیبدو لكم ھذا معروفا؟) ترامب ان ینحي فریدمان. وعین دین یسسخروف، ذاك من حركة ”نحطم الصمت“ ناطقا بلسان ایمن عودة. حسنا، قد یكون ھذا مرتبطا مباشرة بتصریح فریدمان، ولكن ما یزال مسلیا. وكأنھ لیس واضحا لنا دوما من تخدم تلك العصبة المتمیزة من نحطم الصمت.
ُ واضح أن السفیر فریدمان لم یقل ذلك بناء على رأیھ فقط. فلم یسمع اي شجب او نفس من جانب
وزارة الخارجیة الأمیركیة او البیت الابیض. وبالتالي ینبغي الافتراض بان ھذه كانت معلومة مدروسة تحرر لاعداد الرأي العام في إسرائیل، في السلطة الفلسطینیة، في الدول العربیة وفي الغرب تمھیدا لخطة القرن لترامب. وھذه ستتضمن عدة خطوات لا یمكن لإسرائیل أن تقبلھا باي شكل، ومنھا نقل اجزاء من القدس الى سیادة فلسطینیة، ولكن الفلسطینیین سیرفضون الخطة على الفور وحتى المال الأمیركي غیر مستعدین لان یقبلوه اذا كان ینطوي على سیادة إسرائیل في البلدة القدیمة ومستوطنات المناطق. وبالتالي، مثلما یفھم فریدمان بانھ لیس معقولا بان تؤدي الخطة بسرعة الى السلام في الشرق الاوسط – فاننا نبقى مع تصریح أمیركي أول عن الاعتراف بحق إسرائیل في ضم اجزاء من یھودا والسامرة.
ینبغي الانتباه إلى التطورات التدریجیة: الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائیل كان اعترافا اثر رجعي
بأمر قائم، بما ھو موجود ”بالأمر الواقع“، منذ أكثر من 70 سنة. والاعتراف باحلال القانون الإسرائیلي في ھضبة الجولان كان ھو الاخر اعترافا بأثر رجعي بأمر قائم، بما كان سنتھ حكومة بیغن قبل 38 سنة.
ولكن مقابل ھذین الاعترافین، فان الاعتراف بالحق بضم اجزاء من یھودا والسامرة حتى قبل أن
تفعل اسرائیل ھذا عملیا – اھم باضعاف. الولایات المتحدة تعترف بالحق، وترفض بذلك القول ان
ھذه ”ارض محتلة“ ضمھا یتعارض مع القانون الدولي. یعتمد ھذا الاعتراف على الحجة الاسرائیلیة
القدیمة باننا لم نحتل الارض من اي دولة ذات سیادة كانت تحتفظ بھا قانونیا.
ولھذا فان إسرائیل تقف أمام فرصة تاریخیة نادرة لتجسد بعضا من انجازاتھا في حرب الأیام الستة. وحتى لو اكتفت حالیا باحلال السیادة فقط على كل المنطقة ج، بما فیھا كل مناطق المستوطنات الیھودیة في یھودا والسامرة – ستخلق بذلك وضعا لا مرد لھ یمنع اقامة دولة عربیة مستقلة في قلب بلاد إسرائیل. نافذة الفرص ھذه من شأنھا أن تغلق اذا لم یعاد انتخاب ترامب.
فور نشر النبأ عن تصریح فریدمان اقتبست وكالة ”رویترز“ للانباء عن كبیر أمیركي قال إن ”إسرائیل لم تعرض على الولایات المتحدة خطة لضم من طرف واحد من جانب إسرائیل لاجزاء من الضفة الغربیة“. وعلى حد قولھ، لا یجري بحث في ھذا الموضوع.
أفھمتم ھذا؟ ترامب وفریدمان تجاوزا نتنیاھو من الیمین. فھما مستعدان منذ الآن ان یعترفا ولكن
إسرائیل حتى لم تطلب ذلك. الأمیركیون یفھمون ھم ایضا بان تصریحات نتنیاھو عشیة الانتخابات
عن نیتھ احلال القانون الاسرائیلي على كل المستوطنات الیھودیة تساوي في قیمتھا قیمة قشرة
الثوم. فلو أن غباي وروسو كانا مستعدین فقط لان ینضما الى ائتلاف نتنیاھو – لكان تصریح الضم
تبخر في تلك المدخنة ایاھا التي تبخرت فیھا الوعود للجم المحكمة العلیا. فلا شك أن من لم یقصد،
رغم تعھداتھ الصریحة في أن یھدم عدة اكواخ غیر قانونیة في الخان الاحمر بینما لدیھ الاذن من
العلیا لعمل ذلك – بريء من كل نیة لضم المستوطنات الیھودیة في المناطق. أحد لم یمنعھ من ذلك
في السنتین الاخیرتین.