الدستور - انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة السجائر الالكترونية بين المدخنين كبديل محتمل للتدخين التقليدي حيث تشهد هذه الظاهرة إقبالا متزايدا من المواطنين والمقيمين، وهو الأمر الذي تسبب في انخفاض عائدات ضرائب السجائر بشكل كبير, حيث أدى إنتشار هذه الظاهرة إلى انخفاض واردات الخزينة من العوائد الضريبية على الدخان بنحو (90) مليون دينار خلال الخمسة شهور الأولى من العام الحالي، بحسب تصريحات وزير المالية.
وهنا يجب التذكير بأن خبراء الصحة على مستوى العالم أجمعوا على أن التدخين يعتبر مسببا رئيسيا للعديد من الأمراض القاتلة بما فيها أمراض القلب وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وسرطان الرئة إضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والحساسية والتهاب الشعب الهوائية والسعال المزمن.
وبالإضافة للأضرار الصحية للتدخين، هناك أضرار مادية كبيرة ترهق ميزانية المدخن نفسه وتحرم أسرته من متطلبات منزلية وعائلية ربما تكون أكثر أولوية وأهمية من التدخين.
كما أن هناك توافقا عالميا بأن التدخين يلحق الضرر بالأنماط السلوكية للمدخن حيث إن التبغ يحتوي على مادة النيكوتين المسببة للإدمان، كما تشير الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى أنها تتوقع بأن يرتفع عدد الوفيات بسبب التدخين إلى ثمانية ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2030.
وتؤكد الدراسة كذلك إلى أن التدخين يؤدي إلى إنخفاض معدل الخصوبة عند الرجال والنساء على حد سواء، إضافة إلى أنه يؤدي إلى تثبيط جهاز المناعة عند الإنسان، فالمدخنين أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية مثل التهاب الرئة و الانفلونزا، كما أنه يؤدي إلى انخفاض مستويات مضادات الأكسدة في الدم.
ولا يقتصر ضرر التدخين على المدخن نفسه بل أنه يشمل الاشخاص المحيطين به في بيئة العمل أو المنزل أو المواصلات العامة وهو ما يعرف بالتدخين السلبي (Passive Smoking)، حيث تؤكد الدراسات العلمية المتخصصة أن المحيطين بالمدخن، يلحقهم الضرر الصحي الكبير من الأدخنة المنبعثة من السجائر وخاصة فئات الأطفال بالنظر لضعف مناعة أجسامهم وقابليتها للتأثر بالأدخنة المنبعثة من السجائر والأراجيل خاصة في ظل عدم توفر التهوية في أماكن التدخين..
وفي المقابل تؤكد الدراسات العلمية المتخصصة على مستوى العالم خطورة السجائر الالكترونية وأضرارها بصحة الانسان، فهي تحتوي على مواد كيماوية سامة بحسب تأكيدات منظمة الصحة العالمية، كما أنها ليست بديلا آمنا عن تدخين سجائر التبغ العادية.
وقد كشفت أحدث الدراسات الأمريكية أن الأبخرة المتصاعدة من أجهزة التدخين الإلكترونية تحفز إنتاج مواد كيميائية سامة تسبب إلتهاب الرئتين كما أن هذه الأبخرة تعطل في الوقت نفسه، دفاعات مهمة في خلايا جسم الانسان وتثبط مناعته.
وبينت دورية (ثوراكس) العلمية البريطانية المتخصصة في الشأن الطبي أن الباحثين اكتشفوا عبر سلسلة تجارب مخبرية أن الأبخرة المنبعثة من أجهزة التدخين الإلكترونية تؤثر على خلايا الحساسية والبكتيريا التي تصل إلى الرئة الأمر الذي قد يؤدي الى الانسداد الرئوي المزمن.
كل ما هو مطلوب من المدخنين هو أن تتوفر لديهم الإرادة الحقيقية والجادة للإقلاع عن التدخين بشقيه التقليدي والألكتروني حفاظا على صحتهم وصحة الأشخاص المحيطين بهم سواء في بيئة العمل أو الأسرة أو في وسائط النقل العام أو حتى في سياراتهم الخاصة كذلك حفاظا على أموالهم التي هم بحاجة لإنفاقها في مجالات أخرى لمنفعتهم ومنفعة أبنائهم وعائلاتهم. وعلى الجمعيات المتخصصة في مكافحة التدخين أن تكثف جهودها لنشر التوعية والتحذير من مخاطر التدخين بمختلف أنواعه وأشكاله والتحذير من الأمراض القاتلة التي يسببها، والله ولي التوفيق..