عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Aug-2025

"صوت الجيل": مشهد الثقافة الشبابية بين الرواية والشعر والرقمنة

 الغد-عزيزة علي

 يتناول العدد الجديد من مجلة "صوت الجيل" (العدد 33)، التي تصدرها وزارة الثقافة، مجموعة من المواضيع المهمة التي كتبها نخبة من الكتاب والنقاد والروائيين.
 
 
من بين هذه المواضيع: "صدمة السوشال ميديا" بقلم الروائي جلال برجس، "القارئ الشاب بين الرواية العربية والمترجمة" بقلم عهود عبد الكريم، "أدب الشباب.. أدب التجدد والمغامرة" كتبها الناقد الدكتور محمد عبيدالله، "الشباب والنجومية.. فرقة ودوي بلا صوت" بقلم إيهاب مصطفى. كما كتبت إسراء النمر عن الشعراء المصريين الشباب وإغراءات الرواية.
 
كتب رئيس تحرير المجلة، الروائي والشاعر جلال برجس، "عتبة العدد" بعنوان "صدمة السوشال ميديا"، وجاء فيها: "ماذا لو ظهرت ثورة الاتصالات الحديثة في زمن ماركيز أو نجيب محفوظ أو الطيب صالح؟ هل كانت وسائل التواصل الاجتماعي ستغريهم، ككتاب، بالانخراط في عوالمها؟ وهل كانوا سيخسرون بعضا من طقوسهم، وعزلتهم، ولقاءاتهم في المقاهي الثقافية، تلك اللقاءات التي كانت تفضي إلى حوارات ترتقي إلى مستويات إبداعية عالية؟ حوارات واشتباكات فكرية ولدت منها أفكار عظيمة، تحولت إلى كتب مهمة ما زلنا نتداولها إلى اليوم.
تبدو الإجابة ناقصة، بل وغير عادلة، إذا ما قدمت بأدوات زمنهم، من دون أن نأخذ في الحسبان أدواتنا الإشكالية في هذا العصر؛ ذلك العصر الذي يمضي فيه الإنسان -خاصة بعد مرحلة كورونا- إلى عزلة غريبة، لا يكسرها سوى الهاتف النقال بتقنياته الحديثة جدا؛ حيث يطل الفرد على العالم عبر وعي فردي صامت، يراقب الجمع الصاخب دون أن يشارك فيه، ودون أن يترك ذلك الأثر الإيجابي الذي كانت تحدثه الاشتباكات الإنسانية في زمن ما قبل صدمة التكنولوجيا.
لقد تلاشت معظم المقاهي الثقافية المعروفة، سواء في العالم أو في العالم العربي، وما تبقى منها لا يتعدى كونه إطارا شكليا يستثمر الذاكرة بوعي استهلاكي. وقد تراجعت تلك الفضاءات الثقافية التقليدية، لتحل محلها فضاءات افتراضية قد تفتقر إلى حرارة التفاعل الإنساني، وعمق الحضور الواقعي.
عرفتُ الإنترنت في صيف عام 1995، بعد أن قرأت في الصحف عما كنا مقبلين عليه من عصر جديد يقرب المسافات، ويذلل كثيرا من العقبات التي تواجه الإنسان، ويحول العالم إلى قرية صغيرة، شأنه شأن أي ابتكار علمي يسهم في ارتقاء البشرية.
كان دافعي في تلك الأيام هو ذات الدافع الذي يقود الكاتب إلى عوالم جديدة تثري تجربته وتنعكس على نصه الأدبي. كانت الحماسة تستبد بي لعبور بوابة الواقع إلى ما سمي حينها بالفضاء الافتراضي. وقد تحقق ذلك بالفعل في مقهى إنترنت كان يتقاضى، آنذاك، أكثر من خمسة دنانير أردنية مقابل ساعة واحدة.
أتذكر ذلك الارتباك الكبير الذي أصابني وأنا أتخبط بين الصفحات الإلكترونية المحملة بكم هائل من المعلومات. كنت ككاتب واقفا حائرا أمام تساؤل: من أين أبدأ رحلتي نحو المعرفة في هذا الفضاء الجديد، وبين الكم اللامتناهي من الكتب الإلكترونية، والمخطوطات، والمجلات، والصحف، والتسجيلات الصوتية والمصورة؟ هذا التساؤل دفعني للتفكير في شكل العالم بعد ذلك الانفجار الاتصالاتي الكوني".
مع تطور هذه النافذة الواسعة وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وجد الكاتب نفسه قريبا من قرائه، بلا تلك المسافات التي كانت تفصل بينهما. هذا جعله يهبط من برجه العاجي ويتفاعل مع القارئ، مما يفتح مساحات إبداعية جديدة، إذ يصبح القارئ شريكا في النص، وفعل القراءة يصبح فعل كتابة بمستوى آخر.
يرى برجس أن بعض الكتاب استفادوا من هذا القرب الثقافي بأن استمعوا لقصص الناس وأفكارهم عبر أدوات جديدة تضاف إلى أدوات الواقع، وعاين بعضهم تأثير كتاباتهم على قرائهم. لكن الصورة العامة لهذا الفضاء لم تتوقف عند هذا الحد، بل اتخذت مسارات سلبية على الصعيدين الثقافي والإنساني. ففي الجانب الثقافي، غرق كثير من الكتاب في حمى الظهور وحصد إعجاب القراء، مقابل خسارتهم للطقس الكلاسيكي الذي بددته، للأسف، هذه الثورة الاتصالاتية.
كثير من أبناء هذا الكوكب توجهوا إلى ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي، التي يفترض أنها تعزز التواصل بين الجماعات، لكنها في الواقع رسخت الفردية بدلا من الروح الجماعية، مما أحدث تغييرا كبيرا في بنية العائلة وروابطها المهمة التي كانت قائمة سابقا.
ويقول "في عام 2018 زرت مدينة لندن، وكان في ذهني العديد من الصور التي ترسخت عن تلك العاصمة عبر مراحل حياتي، أهمها صورة الإنجليزي المتعلق بالقراءة. لكن في صباح زيارتي، لم أجد كتبا بين أيدي مرتادي المترو، بل حلت الهواتف النقالة محلها. كان معظمهم إما يحدقون في شاشات هواتفهم، أو يربطونها بمسامعهم وينظرون في الفراغ. كنت أعتقد بسذاجة أن هذا التراجع يحدث في العالم العربي فقط، لكنني وجدت أن ذلك قد انسحب أيضا على المركز الذي كان -وما يزال- يعتبر مثالا يحتذى به حين الحديث عن الكتاب والقراءة كوسيلة للمعرفة".
يضم العدد مجموعة من الزوايا، منها زاوية (البوابة الرقمية)، التي كتب فيها الشاعر علي شنينات مقالا بعنوان: "Open AI تعلن أنها ستغير طريقة الكتابة الإبداعية بواسطة الذكاء الاصطناعي". أعدت عهود عبد الكريم مصفوفة العدد بعنوان: "القارئ الشاب بين الرواية العربية والمترجمة"، وشارك في إعدادها كل من: تسنيم معابرة، محمد زلوم، إكرام العطاري، د. ليث الرواجفة، ميمونة الشباطات ومحمد دلكي.
في ملتقى الأجيال، بعنوان "حوار على طاولة صوت الجيل"، حاورت منال العبادي الدكتورة خولة شخاترة. وفي باب الأعمال الإبداعية الشبابية، بعنوان "ورد بلدي"، جاءت فيها قصص وقصائد وخواطر ونصوص لكل من: أسماء العمري، أسيل علي، زينب السعود، رندا المهر، شهيد قبيلات، وفاء بني عامر ومحمد كنعان. أما زاوية خرائط البوح، فقد خصصت لآية نصر محمود، بعنوان: "الأدب بين النجاة والغرق.. ارتواء وظمأ".
وفي مختبر العدد، جاءت المواد الآتية: "أدب الشباب.. أدب التجدد والمغامرة": د. محمد عبيد الله، "تجارب شعرية شبابية.. ديوان أميمة يوسف (أُرتّل لهفتي شعرا)": إياد أبو ريان، "الشباب والنجومية... فرقعة ودوي بلا صوت": إيهاب مصطفى، "سرد الشباب الكلاسيكي والكتابة التقليدية.. بين غياب الصور والطرح المباشر": سامر المعاني، "معاني الوجود الإنساني الهش في شعر نضال برقان": أحمد الشيخاوي، "جيل بلا كتب... التحول من المكتبات إلى الشاشات": ميرفت هليل، "أدب الشباب في عصر الرقمنة"،  د. أماني سليمان داود. وفي زاوية مراسيل، كتبت إسراء النمر بعنوان: "الشعراء المصريون الشباب وإغراءات الرواية"، أما في زاوية نقوش، فكتبت ميس تيسير بعنوان: "قلب اللويبدة".
تشتمل هذه الزوايا والمواد التي احتواها العدد، والتي تضم الأدباء الذين نشروا فيها، قدرة وزارة الثقافة وهيئة تحرير المجلة على الإحاطة بالمشهد الثقافي الشبابي في المملكة، وإبراز كل ما يزخر به من تجليات إبداعية وتنويع يثري المشهد الثقافي.
يذكر أن مجلة "صوت الجيل" معنية بالإبداع الشبابي، وأخذت على عاتقها مهمة كشف النقاب عن عدد كبير من شباب وشابات المملكة الموهوبين والمبدعين، بالإضافة إلى إبراز مواد شبابية، تعبر عن آمال وتطلعات الجيل الجديد، اختارتها هيئة تحرير المجلة التي تتألف من: الروائي والشاعر جلال برجس (رئيسا للتحرير)، الشاعر علي شنينات، والأديب والإعلامي جعفر العقيلي، والشاعر تيسير الشماسين (أعضاء هيئة التحرير)، أ.محمد المشايخ (مدير التحرير)، أ.فادية نوفل (سكرتيرة التحرير)، د.أنس الزيود: المدقق اللغوي، وأ.عبد الهادي البرغوثي: الإخراج الفني.