عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2019

لستِ أميرته* رمزي الغزوي
الدستور - 
اتخذتُ قراراً منذ سنتين، ألا نبقى في سهرة تُطلق فيها الأعيارة النارية، حتى لو كانت عرساً لعزيز أو قريب. وإننا لن نسير في مهزلة الفاردة وحمقها، حتى لو كانت لعريس يخصنا. والأهم عدم المشاركة في عرس لا يكتب اسم العروس صريحاً في بطاقة دعوته.   
في طفولتنا، كان الواحد منا يحرص، ألا يعرف أحد اسم أمه. فالمسألة حياة وموت، بل أكبر من فضيحة تدوي. وذات مرة جاء زميل مبتهجا؛ لأنه عرف اسم أم ابن صفنا، وحين سألناه عن كيفية حصوله على صيده الثمين؛ قال بأنه شارك بجنازة أخ للفتى، وعند التلقين ذكر الشيخ اسم أمه. ساعتها شعرت بفداحة مصيبتنا وسخف أفكارنا.
لربما كان اسم الأم مرتبطاً بالسحر في مرجعياتنا الثقافية؛ ولهذا كان يتحرز الوحد من شيوع اسم أمه وتداوله، بل يتحفظ عليه ولا يبديه. ورغم نهوضنا من تلك العقلية، إلا أن رواسبها ما زالت فينا، بدليل الخجل من اسم العروس.
في أعراف البادية كان ثمة اعتزاز بالأخت، وظل اسمها مرتبطا بنخوة كثير من العشائر. والرجل كان إذا ما رمى عقال التحدي؛ يقول بفخر: (لحّد وأنا أخو فلانة)، أي أن اللحد أو القبر دون ذلك الأمر، بشهادة أنني أخو لفلانة، فهي مصدر عزي وثقتي.
فماذا أصابنا اليوم؟. فثمة من ما زالوا يخجلون من كتابة اسم العروس صريحاً. رغم أن حفلة العرس للبعض في فندق خمسة نجوم ورقاصة. بل يكنون عن الاسم بكريمته، أو عيون أبيها، أو أميرة قلبه، أو غالية أهلها. فأي سخف هذا؟ وأي انفصامنا نتلبسه. ثم كيف تكون هذه المشاعر صادقة، ونحن نكني عن الاسم بكريمته، ولو كانت حقا كريمة عنده لما أخجله اسمها. 
الأصل في الزواج الإشهار، ولا يكون الإشهار صحيحا دون ذكر اسم العروس. وحتى لو كتبنا كريمته. فهذا لا يكفي أو يفي. فأية كريمة من كريماته تكون العروس؟ هل هي المهندسة؟ أم الدكتورة الصيدلانية؟ أم المعلمة؟.
ربما قد تسرب الأمر إلينا من عقليتنا الذكورية الفجة. فالرجل ورغم اعتزازه بأمه وأخته، إلا أنه كان يزدري زوجته، ولا يؤاكلها، بل ويخجله اسمها. فلا يذكره أبداً، بل يكني عنها قائلا: العيلة، الله لا يعيلك لأحد، أو بقوله: (الحرمة، حاشاك من هالطاري). أو المرة، الله لا يمرمر عيشتك.
مؤلم أن نعيش هذا الانفصال بأوجاعه. فنحن ندعي التقدم والحرية والانفتاح، ونتبنى حق المرأة، وفي الوقت ذاته لا ننصفها بذكر اسمها في عرسها. والعجب كيف تتقبل العروس أن تكون مجردة من أبسط حقوقها؟.