عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Nov-2019

اعتبروها تهديدا للسيادة.. لماذا يتخوف الجميع من عملة "ليبرا" الخاصة بفيسبوك؟
 
الجزيرة - ما زال المشروع الأخير الذي أطلقته شركة فيسبوك يعاني من بعض مواطن الضعف ويخضع للتدقيق، غير أنه يتمتع بالقدرة على التشويش على سياسة الحكومات. وقال الكاتب فرانسيس كوبولا -في مقاله الذي نشرته مجلة "وايرد" الأميركية المتخصصة بالتكنولوجيا- إن من العلامات على أن قطاع الاقتصاد أصبح أقوى من اللازم، محاولة مجموعة من الشركات إملاء سياسة الحكومة والتدخل فيها.
 
فبالنسبة للقطاع المالي على سبيل المثال، تقوم الأسواق "بتأديب" الحكومات عن طريق التهديد بالتخلي عن اعتماد عملاتها وسنداتها في حال تصرفت بطرق لا يحبذها المستثمرون.
 
أما في مجال التصنيع، فقد هددت "إيرباص" بمغادرة بريطانيا في حال انسحابها من الاتحاد الأوروبي، كما تتمتع شركات النفط بنفوذ تاريخي فيما يتعلق بحسابات السياسة الخارجية لحكوماتها. وبالتالي، فعندما يكتسب قطاع ما ثقلا حقيقيا، فإنه لا يكتفي فقط بإملاء ما يجب على الحكومات فعله، بل يسعى إلى استبدالها.
 
عصر عمالقة التكنولوجيا
وأفاد الكاتب بأن التعاون بين عمالقة شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون والحكومات لم يكن أمرا سهلا، حيث كانت الشركات ملزمة باستخدام العملة القانونية في استثماراتها. وحين تستخدم شركة ما العملات الحكومية، فإن ذلك يمنح الحكومات الحق في تنظيم أنشطة الشركة والسيطرة عليها.
 
وقد فشلت الحكومات في تنظيم أعمال شركات التكنولوجيا العملاقة، وبدأت الأمور في التغير، علما بأن عمالقة شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون يواجهون غرامات وإجراءات تنظيمية نتيجة التهرب الضريبي والممارسات المفتقرة إلى الشفافية.
 
عملة رقمية "للسيطرة" على الحكومة
أنشأت فيسبوك منظمة لإصدارعملة ليبرا، تتخذ من سويسرا مقرا لها، وشهد حفل التدشين حضور 27 عضوا كان معظمهم من شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون وشركات الدفع التي تتماشى أهدافها مع تلك الخاصية في فيسبوك.
 
وأورد الكاتب أن الذين يرغبون في استخدام ليبرا في المعاملات على منصات فيسبوك، سيضطرون إلى شراء هذه العملة باستخدام العملات القانونية.
 
وعلى هذا الأساس، ستضاف هذه الأموال إلى احتياطي ليبرا من أجل استثمارها في الأصول المقومة في "سلة" افتراضية من العملات. وتُدار الأصول الموجودة في الاحتياطي بفعالية للحفاظ على قيمة واستقرار عملة ليبرا مقارنة بسلة العملات كلها، بغض النظر عن أنها قد لا تكون مستقرة مقابل العملات الفردية.
 
وفي الحقيقة، لا نعرف بالضبط ما ستشمله محفظة الأصول الخاصة باحتياطي ليبرا، لكن البيان الرسمي الذي يُعنى بالجانب التقني لعملة ليبرا يشير إلى أنه سيتضمن نسبة كبيرة من الأصول "الآمنة" على غرار الدين الحكومي والنقد.
 
يمكن أن يكون للمشروع تأثير هائل، إذ يبلغ عدد مستخدمي فيسبوك وشركاته الفرعية -مثل إنستغرام وواتساب- في الوقت الراهن 2.7 مليارا، وفي حال اعتمد جميع هؤلاء على ليبرا كوسيلة أساسية للتبادل، فمن المحتمل أن تصبح هذه العملة متداولة بين حوالي ثلث سكان العالم.
 
ومما لا شك فيه أن عددا أكبر من الأشخاص يستخدمون الدولار الأميركي حاليا، ولكن قد يبدأ المستهلكون في تبادل دولاراتهم مقابل عملة ليبرا من أجل الدفع مقابل السلع والخدمات التي تقدمها فيسبوك وشركاؤها، بما في ذلك موقع إيباي للتجارة الإلكترونية وموقع سبوتيفاي للموسيقى.
 
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا فعل ثلث سكان العالم ذلك، فقد يدل هذا الأمر على أن فيسبوك وشركاءها نجحوا في الواقع في إنشاء نظامهم المالي الخاص الذي يعمل وفقا لقواعده الخاصة ولا يخضع لأي حكومة.
اعلان
 
ونبّه الكاتب إلى أنه على الرغم من أن ليبرا ما زالت تعتمد على العملات الحكومية للحفاظ على استقرارها، فإن ذلك لا يعني أن الحكومات قادرة على السيطرة عليها. وخلافا لذلك، سيمثل احتياطي ليبرا أكبر صندوق استثماري على وجه الأرض، من شأنه أن يتجاوز حتى صناديق الثروة السيادية للدول المنتجة للنفط.
 
وعلاوة على ذلك، يساهم شراء وبيع الأصول في الحفاظ على استقرار قيمة ليبرا وقدرتها على تحريك أسواق العملات والسندات الحكومية. وبما أن هذه العملة ستتفوق على البنوك المركزية وحتى على الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الضخم، فلن يكون بمقدور الحكومات حماية اقتصاداتها من مثل هذه التحركات.
 
في هذا الصدد، يمكن لمنظمة ليبرا أن تصرّ على أن الحكومات لا تعمل فقط على إنتاج ما يكفي من "الأصول الآمنة" من أجل ضمان ربط عملة ليبرا بالدولار، بل تولي أيضا الأولوية للحفاظ على قيمة تلك الأصول على حساب رفاهية سكانها. وفي حالة نجح احتياطي ليبرا في الهيمنة على الأسواق المالية، من المرجح ألا يكون أمام الحكومات خيار سوى الامتثال.
 
الكثيرين يأملون في وجود عملة عالمية واحدة من شأنها أن تسمح للناس في جميع أنحاء العالم بالتعامل مع بعضهم بعضا بسلاسة وبشكل فوري، ولكن إذا كانت الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك تتمثل في أن تحل نخبة من الشركات غير الخاضعة للمساءلة محل الحكومات المنتخبة ديمقراطيا، فمن المؤكد أن يشكّل هذا الأمر خطرا كبيرا.
 
المصدر : مواقع إلكترونية