عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Jan-2019

مغادرة سوریة أقل خطراً بکثیر من البقاء فیها - آرون دیفید میلر؛ وریتشارد سوكولسكي
– (إن. بي. آر) 
ترجمة: علاء الدین أبو زینة
اُلغد- یظھر ما ذكرتھ التقاریر مؤخراً عن ھجوم ”داعش“ الانتحاري الذي أودى بحیاة أربعة أمیركیین بوضوح أن تنظیم ”الدولة الإسلامیة“، على النقیض من مزاعم الرئیس ترامب ومسؤولي الإدارة الأمیركیین، ما یزال بعیداً كل البعد عن الھزیمة. كما دفع الھجوم العدیدین في الكونغرس ومجتمع السیاسة الخارجیة الأمیركیین إلى التعبیر عن الغضب ودعوة الرئیس إلى التراجع عن قرارة سحب القوات الأمیركیة من سوریة. وھم یضغطون على الإدارة لكي تبقى في البلد إلى أن یتم سحق ”داعش“ تماماً وإلى الأبد.
لكن ھذا سیكون خطأ. وقرار مغادرة سوریة ھو القرار الصحیح، وینبغي أن یتم الانسحاب بطریقة آمنة، منظمة ومنسقة. وسیكون ترك 000.2 جندي ھناك من دون أھداف واضحة ومتماسكة وفي غیاب الوسائل لتحقیق ھذه الأھداف، وصفة للمتاعب المتواصلة -والمزید من الخسائر الأمیركیة غیر الضروریة.
مع الصخب والغضب اللذین رافقا رد الفعل السیاسي في واشنطن، ربما یظن المرء أن قرار ترامب الانسحاب من سوریة یشبھ استرضاء رئیس الوزراء، نیفیل تشامبرلین، لألمانیا النازیة.
وقد وصف السیناتور ماركو روبیو الانسحاب بأنھ ”غلطة كبیرة“ والتي ”ستطارد الإدارة“. وقال اِن ساس إن جنرالات ترامب ”یعتقدون بأن المنتصرین الرئیسیین الیوم ھم إیران، السیناتور ب و’داعش‘ وحزب الله“. وربط السیناتور لیندسي غراھام قرار ترامب بھجوم ”داعش“ الانتحاري في الأسبوع الماضي. وكل ھؤلاء الرجال الثلاثة في الكونغرس ھم أعضاء في حزب الرئیس، الجمھوري. وقد اتھم كل شخص في مؤسسة السیاسة الخارجیة تقریباً الرئیس بخیانة الأكراد الذین كانوا یضطلعون بمعظم القتال ضد ”داعش“.
ھناك بالتأكید مخاطر من مغادرة سوریة، لكن ھناك مخاطر أكبر منھا بكثیر تترتب على البقاء ھناك. وھو صحیح بشكل خاص إذا لم یكن بوسع الولایات المتحدة أن تحقق الأھداف التي عبرت عنھا علناً، وإذا واصلت روسیا وإیران والرئیس السوري بشار الأسد المضي قدماً. ومن المفارقات أن البقاء في سوریة في ظل ھذه الظروف یمكن أن یجعل أمیركا تبدو ضعیفة أیضاً الولایات المتحدة لا تستطیع أن تھزم ”داعش“ تتحدث إدارة ترامب -مثل سابقتھا- بشكل فضفاض عن ھزیمة أو تدمیر ”داعش“. وعن طریق تكثیف الحملة التي بدأتھا إدارة أوباما ضد التنظیم، تمكنت إدارة ترامب فعلاً من قطع رأس شبھ الدولة الإرھابیة التي تعتبر نفسھا خلافة، تاركة إیاھا مع أقل من 1 في المائة من الأراضي التي سیطرت علیھا ذات یوم في العراق وسوریة. لكن ”داعش“ لیس ألمانیا أو الیابان؛ حیث كسرت الولایات المتحدة وحلفاؤھا إرادة القتال عند تلك الأنظمة، ودمروا كل قدرتھا على خوض الحرب، ومحوا أیدیولوجیات الدولة الفاشیة لدیھا وساعدوا على إعادة تشكیل بیئة جدیدة لدولتین دیمقراطیتین. وسوف تكون محاولة تحقیق الولایات المتحدة ھذا الھدف في سوریة مھمة
مستحیلة. وفي الحقیقة لا تستطیع سوى سوریة فقط أن تھزم ”داعش“ والجماعات المرتبطة ِّ بالقاعدة التي تغذي المظالم الطائفیة، والتخلص من الفساد والحكم الرديء اللذین یمكنان الجھادیین. وسوف یتطلب ذلك دولة سوریة جدیدة، والتي یبدو إنتاجھا بوضوح خارج قدرةَ الولایات المتحدة، خاصة بینما یواصل نظام الأسد العلوي وداعمیھ الإیراني والروسي استبعاد العرب السنة. وتظل ھزیمة ”داعش“ إلى حد كبیر قضیة سیاسیة تتعلق بالحكم. وبذلك، یبدو إبقاء القوات الأمیركیة في سوریة مع توقع سحق تمرد ”داعش“ غیر منطقي.
دعم القوات الكردیة في سوریة یعني المتاعب
لیست أجندة القوات الكردیة في شمال شرق سوریة -الذي تسیطر علیھ قوات وحدات حمایة الشعب- خافیة على أحد: إنھم یریدون تأسیس جیب محكوم ذاتیاً حیث یمكن أن یدیروا شؤونھم من دون تدخل خارجي. ویضعھم ھذا التطلع في مواجھة الحكومة التركیة التي تنظر إلى القوات
الكردیة في سوریة على أنھا حلفاء وثیقون لحركة كردیة انفصالیة في تركیا، وتعتبر كلیھما منظمات إرھابیة؛ وفي مواجھة نظام الأسد، الذي یسعى إلى إعادة بسط سیطرتھ على المناطق الغنیة بالموارد تحت السیطرة الكردیة؛ وإیران، التي تواجھ ھي أیضاً انفصالیین أكراداً في الوطن وتخشى أن یشجع استقلال كردي في سوریة المجاورة ھذه القوى على السعي إلى.
الاستقلال ھي أیضاً
كانت العلاقة بین القوات الأمیركیة والقوات الكردیة في شمال شرق سوریة دائماً مجرد زواج مصلحة تكتیكي. لم یكن لدى أمیركا شركاء آخرون یمكن الاعتماد علیھم لتدمیر ”داعش“ واستخدمت المقاتلین الأكراد لھذا الغرض. وكان الأكراد یستخدمون الجیش والدبلوماسیة الأمیركیین لتقویة قدراتھم للدفاع عن النفس ضد أعدائھم وكسب المیزة على نظام الأسد لتأمین موقف أكثر تفضیلاً. ولم تلتزم الولایات المتحدة أبداً بمساعدة الأكراد على تأسیس منطقة حكم ذاتي في شمال شرق سوریة. وتتكون ھذه المنطقة المتنازع علیھا من خلیط مربك من السوریین والأتراك والإیرانیین والقبائل العربیة المحلیة وبقایا ”داعش“. وكلما أطالت الولایات المتحدة أمد تعاونھا العسكري مع الأكراد، زاد خطر امتصاص القوات الأمیركیة إلى دوامة ھذه العداوات، واحتمال اشتباكھا مع الدولة الحلیفة في الناتو، تركیا.
لا نستطیع التنافس مع روسیا وإیران
یحب الجیش الأمیركي أن یتحدث عن تشكیل میدان المعركة لتحقیق انتصار. ومع ذلك، لیس میدان المعركة السوري مستویاً على الإطلاق. فالولایات المتحدة تفتقر إلى المصلحة، والإرادة، والقدرة والعزیمة لتضع نفسھا في وضع التساوي مع روسیا وإیران، مع التزام أمیركي رئیسي بتخصیص الأصول العسكریة والموارد الاقتصادیة. ویعني مستقبل سوریة لھذین البلدین الآخرین أكثر بكثیر مما یعنیھ للولایات المتحدة. ولدى كلیھما حلفاء رئیسیون وأصول على الأرض، والتي تتفوق على ما یمكن أن تنشره الولایات المتحدة ھناك، كما أن موسكو وطھران مستعدتان لدفع كلف أعلى لتحقیق النتائج التي تفضلانھا. ویعطیھما نفوذھما، ومصالحھما، وعلاقاتھما الممتدة لعقود مع عائلة الأسد المیزة في اللعبة. أضف إلى ذلك تركیا، التي تتقاسم حدوداً طویلة متصلة مع سوریة ومصلحة وجودیة في السیطرة على الأكراد. وبذلك، یمكن أن یرى المرء بوضوح السبب في كون واشنطن الشریك الأصغر في لعبة النفوذ في سوریة.
سوریة لیست مصلحة حیویة لأمیركا
ثمة حقیقة واضحة بعد إجراء مسح لحطام عقد من سیاسة الولایات المتحدة في سوریة. لم تر إدارتا أوباما وترامب، والكونغرس والجمھور الأمیركي -خاصة في أعقاب الحروب التي لا تنتھي في العراق وأفغانستان- أن من المناسب رفع سوریة إلى مستوى المصلحة القومیة الحیویة التي تستحق بذل الأرواح والموارد التي تتناسب مع ھذا النوع من الالتزام، بالتساوي مع روسیا وإیران.
في مواجھة كارثة إنسانیة وأمنیة قویة مثل الحرب السوریة التي تنزف اللاجئین والإرھابیین، لم یكن في وسع واشنطن أن تجلس ساكنة، ولذلك تبنت نصف إجراءات، والتي تجاوزت قدرتھا على النجاح. وشملت ھذه الإجراءات تقدیم المساعدات الإنسانیة، وتوفیر الدعم لعملیة سیاسیة تقودھا الأمم المتحدة، ونشر متواضع للجنود والضربات الجویة وبالطائرات من دون طیار، والتبجح أیضاً -من قبیل: ”الأسد یجب أن یذھب“، ”طرد آخر عسكري إیراني“، و“داعش سوف ُیھزم“.
من دون أي دعم سیاسي في الوطن، ومع تفوق إیران وروسیا علیھا في المناورة، وعدم وجود إرادة حقیقیة لتقدیم التزام كبیر، كانت لواشنطن فرصة صغیرة لتغییر المیزان في السیاسة أو میدان المعركة. وما بدا أنھ أشرق أخیراً على إدارة ترامب التي تكره المخاطرة من الأساس ھو الإدراك المؤلم -وإنما الضروري- لحقیقة أن معیار النجاح في سوریة لم یكن أبداً ما إذا كنا نستطیع أن نفوز، وإنما متى یمكننا أن نغادر.
*آرون دیفید میلر: نائب رئیس في مركز وودرو ویلسون الدولي للباحثین، ومستشار سابق في وزارة الخارجیة ومفاوض في الشرق الأوسط. وھو مؤلف كتاب ”نھایة العظمة: لماذا لا یمكن لأمیركا أن تنال (ولا ترید أن تنال) رئیساً عظیماً آخر“. ریتشارد سوكولسكي: زمیل رفیع غیر مقیم في مؤسسة كارنیغي للسلام الدولي. كان عضواً في مكتب وزارة الخارجیة لتخطیط السیاسة من 2005-2015.
Leaving Syria Is Far Less Risky Than :عنوان تحت المقال ھذا نشر*
Staying