عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Mar-2023

قواعد لعب جديدة.. شرق أوسط جديد

 الغد-هآرتس

بقلم: تسفي برئيل
12/3/2023
 
حلم إسرائيل بإقامة تحالف عربي – دولي ضد إيران تبدد في يوم الجمعة عند الإعلان بأن إيران ستستأنف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية خلال شهرين. هذه الخطوة الدراماتيكية يمكن أن ترسم خارطة علاقات جديدة في الشرق الأوسط وخارجه. فهي ستمنح شرعية حيوية لإيران في أوساط الدول العربية في المنطقة، الأمر الذي سيثمر فيما بعد علاقات دبلوماسية أيضا مع دول أخرى مثل مصر.
الاتفاق حتى يمكن أن يمهد الطريق أمام انتهاء الحرب في اليمين وأن يؤدي إلى حل قابل للبقاء للأزمة في لبنان، وربما ايضا أن يدفع إلى استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي. هذا تطور سيجبر الولايات المتحدة أيضا على إعادة فحص موقفها بعد أن ثبت بأن الصين – ليس واشنطن أو موسكو – هي التي نجحت في إعادة تشكيل بنية سياسية معقدة، التي بصورة تقليدية كان يمكن أن تكون برعاية وإدارة أميركا.
استئناف العلاقات بين إيران والسعودية نضج على نار هادئة وحتى متوسطة في السنتين الأخيرتين. بوساطة العراق وسلطنة عمان جرت خمس جولات من المحادثات بين شخصيات رفيعة من الرياض وطهران. جزء من هذه الجولات كانت في بغداد وفي مسقط عاصمة عُمان. الاخيرة توسطت في السابق بين ايران والولايات المتحدة في المحادثات قبل التوقيع على الاتفاق النووي في 2015.
العلاقات بين الدولتين قطعت في 2016 على خلفية قرار السعودية اعدام المفتي الشيعي نمر النمر. ايران ردت على ذلك بهجوم على السفارة السعودية في طهران. قبل سنة من ذلك اعلنت السعودية الحرب على الحوثيين في اليمن، ايران فتحت الباب للتدخل في دولة اخرى في المنطقة – إضافة الى لبنان والعراق.
هذه الحرب الفاشلة التي قتل فيها تقريبا 150 ألف شخص تحولت الى محور خلاف رئيسي في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة والدول الأوروبية. لذلك أضيفت ايضا قضية قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في اسطنبول في 2018. في أعقاب عملية القتل أغلقت واشنطن بابها امام السعودية الفعلي. اذا كان هناك ادنى شك فإن الرئيس الأميركي جو بايدن اوضح بأنه ينوي “إعادة معايرة” العلاقات مع المملكة.
في نفس السنة كانت ايران ما تزال خاضعة لبنود الاتفاق النووي. ممثلون لشركات دولية كانوا يقفون على بابها وصفقات ضخمة وقعت، وكان يبدو أنه بفضل حرصها على تطبيق الاتفاق فهي ستحل محل السعودية كحليفة للولايات المتحدة والغرب بشكل عام. ولكن ضائقة السعودية لم تستمر فترة طويلة. في أيار 2018، بضغط من اسرائيل، اعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن الانسحاب من الاتفاق النووي. بعد ذلك بسنة بدأت ايران الانسحاب من التزامها بشروطه.
ترامب دفع قدما بعد ذلك بـ “صفقة القرن” و”اتفاقات ابراهيم”، ودفع نحو إقامة التحالف العربي ضد ايران. ولكن في العام 2021 تبين أن هذا تحالف خيالي عندما سحبت دول قواتها من اليمن وأبقت السعودية وحدها في الحرب. بعد ذلك بسنة، في آب 2022، استأنفت أبو ظبي والكويت العلاقات مع ايران، بعد شهر فقط على الزيارة المثيرة للخلاف لبايدن في جدة .
ايضا بعد هذه الزيارة لم ينمو أي حب كبير في الزعيمين. في تشرين الاول الماضي تلقى بايدن صفعة مدوية عندما اعلنت السعودية بأنها لا تنوي زيادة حصتها في انتاج النفط – مثلما طلب بايدن، الذي كان يهدف الى التغلب على أزمة الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا. هذه لم تكن ضربة وحيدة من جانب الرياض.
في كانون الاول رافقت أربع طائرات قتالية سعودية طائرة الرئيس الصيني شي جينبينغ أثناء زيارته الرسمية، فعليا الملكية، في السعودية. هذه لم تكن الزيارة الاولى له في السعودية. ولكن في هذه المرة وقع تحالف استراتيجي يشمل اتفاقات تجارية واستثمارات بعشرات ملايين الدولارات، وبالأساس تطوير مفاعل نووي لغرض إنتاج الكهرباء لصالح الرياض. السعودية أرادت منذ سنوات من الولايات المتحدة أن تساعدها في بناء مثل هذه المفاعلات، لكن الطلبات التي قدمتها الولايات المتحدة – منها تلبية شروط الوكالة الدولة للطاقة النووية – شطبت هذا التعاون من الأجندة. في 2020 نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن برنامج مقلق للتعاون بين الصين والسعودية لإنتاج “كعكة صفراء” من خام اليورانيوم الموجود بكثرة في السعودية. بعد فترة قصيرة نشر أن المخابرات الأميركية تفحص معلومات تفيد بأن السعودية تريد اقامة منشأة لانتاج المياه الثقيلة بمساعدة الصين.
أمس نشرت “وول ستريت جورنال” بأن أحد الشروط التي طرحتها السعودية لاقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل هو، مرة اخرى، مساعدة أميركية في بناء المفاعلات، وهو طلب حتى الآن تم وقفه في الكونغرس في واشنطن. يبدو أن السعودية وجدت في الصين الحل لهذا العائق، كما أنهما وقعتا في 2017 على مذكرة تفاهم لبناء المفاعلات. على أي حال، السعودية تضع الولايات المتحدة في مأزق: مساعدتها في المجال النووي وربما الحصول في المقابل على تطبيع مع اسرائيل أو السماح للصين بجني المكاسب السياسية والاقتصادية.
هكذا تحولت الصين الى حليفة استراتيجية، سواء للسعودية أو لايران. قبل سنتين تقريبا وقعت بكين وطهران على اتفاق استثمارات وتعاون اقتصادي بمبلغ 400 مليار دولار خلال 25 سنة. ولكن من الواضح للصين وايران أن استنفاد الامكانية الاقتصادية الكامنة في الاتفاق سيلزم ايران بالتوقيع على اتفاق نووي جديد.
على خط التماس هذا دخلت الصين الى دور الوسيط بين السعودية وايران من أجل بناء منظومة علاقات تخدم جيدا مصالح الدول الثلاثة دون الحاجة الى خدمات أو موافقة الولايات المتحدة. الى جانب ذلك بكين آخذة في احتلال مكانة واشنطن ليس فقط في المجال الاقتصادي. فقد تحولت الى قوة استراتيجية اقليمية، التي قدرة إسرائيل على التأثير عليها محدودة جدا.