”بطالة الإناث“.. التفوق أکادیمیا وضعف فرص العمل
دیمة محبوبة
عمان- الغد- ”أنھیت مرحلة الثانویة بمعدل عال، كنت فتاة مجتھدة وطموحي كبیر، وفي الجامعة أردت التخرج بتفوق لأصل إلى الوظیفة المناسبة وأحقق ذاتي“، ھذا ما بدأت بھ العشرینیة روان كلامھا.
روان اجتازت الثانویة العامة بمعدل 94 ،ودرست العلوم المالیة والمصرفیة في جامعة الیرموك، وأنھت تعلیمھا بثلاثة أعوام ونصف، وكانت دائما على لوحة الشرف، بمرتبة الامتیاز.
بعد التخرج، انضمت روان إلى ركب المتعطلین عن العمل، وباتت جزءا من الـ1,27 % من الإناث العاطلات عن العمل اللواتي ظھرن في تقریر دائرة الإحصاءات العامة للربع الثالث من العام الماضي.
روان باتت من صفوف البطالة، على الرغم من محاولاتھا المتعددة أن تبتعد عنھا؛ إذ تحضرت لذلك من خلال التفوق الأكادیمي، لكن ”جمیع الأبواب التي طرقتھا على مدى ستة أعوام أغقلت“، ولم تجد فرصة واحدة للعمل.
وتشیر إلى أن الجمیع كان یطلب منھا سنوات خبرة أقلھا عامان، موضحة أنھا لم تعمل فكیف ستحصل على الخبرة، خصوصا أنھا لا تبحث عن الراتب المریح، بینما ترید الخبرة في العمل كدرجة أولى ومن ثم تبحث عن الوظیفة المناسبة والراتب الجید.
وأظھر تقریر دائرة الإحصاءات العامة، أن معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام 2018 بلغ 6.18 ،% وبلغ معدل البطالة للذكور (3.16 % مقابل 1.27 % للإناث).
ویعزو اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جریبیع، أسباب بطالة الإناث إلى الظروف التي تعیشھا الفتیات كالخطبة والزواج والمسؤولیات التي تقع على عاتقھن، مما یجعل رب العمل یفكر ملیا في مدى استفادتھ من ھذه الموظفة في حال تعرضھا لظروف كھذه ومن ثم الحمل والوضع والرضاعة.
ویربط جریبیع بین البطالة وضعف النمو الاقتصادي والتشغیل بشكل عام وھذا ما یصیب الذكور والإناث، إضافة إلى عدم تفعیل برامج دعم التشغیل، وتدني مستویات التدریب، وسوء وضع قطاع النقل العام، ناھیك عن أن الاقتصاد الأردني أصبح مثقلا بسبب الأزمات الجاریة في المناطق المجاورة.
ویتفق الخبیر الاقتصادي حسام عایش مع جریبیع، بأن البطالة ھي جزء مھم من المشكلات الجوھریة في الأردن، ومعالجتھا ترتبط بعدد من الحلول مثل مشكلة النقل العام، الذي یساعد على التنقل بأقل التكالیف وعدم ترك أبناء المحافظات لأماكن سكنھم بھدف البحث عن فرص عمل أفضل.
وأشار إلى أن صعوبة التنقل تؤثر على الإناث في الأردن أكثر من الذكور، والأصل تمكین المرأة في المجالات كافة، وتعزیز تنافسیة القطاع الخاص، وتصحیح الاختلالات في النظام التعلیمي بكل مستویاتھ، وتطویر التعلیم والتدریب المھني والتقني ومخرجاتھ وھذا مھم، حسب عایش، للذكور والإناث على حد سواء، وتنمیة بیئة الأعمال.
ویعود جریبیع للحدیث عن مساوئ البطالة وأثرھا الكبیر على الشعور بالظلم وأثره على المجتمع والذي یھدد الأمن الاجتماعي نتیجة الإحباط لدى المتعطلین؛ كازدیاد حالات الانحراف والجریمة والأمراض الاجتماعیة الأخرى، الأمر الذي یوجب توجیھ جمیع الجھات المعنیة لتنفیذ السیاسات والبرامج ذات العلاقة بالحد من البطالة، والتركیز على المبادرات وتنظیم سوق العمل لاستیعاب الداخلین الجدد.
ویشیر عایش إلى أن البیروقراطیة التي تتعامل بھا الحكومة من حیث التراخیص والإعفاءات تجعل حتى العمل الحر والخاص على الشباب صعبا جدا، مما یجعلھم مكتوفي الأیدي ویصعب حركتھم.
وأشارت النتائج إلى أن 2.58 % من إجمالي المتعطلین ھم من حملة الشھادة الثانویة فأعلى، وأن 8.41 % من إجمالي المتعطلین كانت مؤھلاتھم التعلیمیة أقل من الثانوي.
أما نسب المتعطلین، حسب المستوى التعلیمي والجنس، فبلغت لدى الذكور من حملة البكالوریوس فأعلى 4.28 % مقابل 1.80 % للإناث.
ویلفت جریبیع إلى أن مشاركة المرأة في الاقتصاد فعالة، وخصوصا الأمھات؛ فرغم جمیع الظروف الصعبة والتحدیات إلا أنھن أوجدن أنفسھن بشكل جمیل في الساحة العملیة، وذلك لأنھن عادة ما یطورن ذاتھن ویقدمن الأفضل إثباتا لذاتھن ما یجعلھن أفضل في سوق العمل.
ویؤكد جریبیع أن الأعباء العائلیة تعد سببا رئیسیا لضعف المشاركة الاقتصادیة للمرأة في الأردن، فمن مجموع الإناث الأردنیات في سن العمل وھن حاصلات على تعلیم جید ومؤھلات عالیة، إلا أن نسبة البطالة كبیرة جدا، وھذ بحسب جریبیع، یشكل وضعا غیر طبیعي لبلد ترتفع فیھ نسب التعلیم بین الإناث.
ویتضح ذلك جلیا في حجم المسؤولیات التي تتولاھا المرأة المتزوجة في رعایة الأسرة، وتعد عاملا أساسیا في انسحابھا من سوق العمل خاصة في مرحلة الزواج والإنجاب، أو إحجامھا عن دخول سوق العمل من الأساس، وتخلیھا عن فكرة البحث عن وظیفة لعدم توفر الظروف المناسبة لھا للتوفیق بین متطلباتھا والواجبات والأعباء الأسریة.
ورغم وجود قوانین، حسب جریبیع وعایش، لصالح المرأة العاملة؛ كعدم فصل المرأة الحامل أو المرضعة وحصولھا على إجازات، إلا أن ھناك قوانین یجب أن تسن لتساعد وتقوي من المرأة، ما یقلل من نسبة ابتعاد الإناث لأجل الظروف الصعبة التي یتعرضن لھا في سوق العمل.
وذلك عبر المساواة وعدم التمییز في العمل في الحقوق والامتیازات، وإلغاء أي قیود تشریعیة أو ثقافیة تمنع المرأة من الوصول إلى أي فرصة عمل ترغب بھا وتتناسب ومؤھلاتھا، وحصولھا على فرص التدریب والتأھیل المناسب والترقیة الوظیفیة.
إلى ذلك، وضع قوانین وأنظمة تساعد المرأة في العمل من خلال منزلھا أو بساعات عمل تتناسب مع ظروفھا الأسریة ومسؤولیاتھا، وتوفیر برامج ومشاریع تشغیلیة خاصة بالمرأة ذات المسؤولیات العائلیة في المناطق التي لا تتوفر فیھا فرص عمل كافیة وتوفیر المخصصات المالیة اللازمة لذلك.