بدون مخطوفين وبدون حسم.. الحكومة تهرب من الحل في غزة
الغد
إسرائيل هيوم
يوآف ليمور 14/4/2025
المئات ممن فضلوا التنازل عن ليل فصح عائلي في مساء العيد وجاؤوا الى ميدان المخطوفين لخصوا جيدا المشاعر الجماهيرية: سنة ونصف من الحرب وإسرائيل تغرق مجددا في المستنقع الغزي من دون أن يكون لها اتجاه واضح كيف تعتزم تحقيق الهدفين العلويين اللذين وضعتهما بنفسها -إعادة المخطوفين والقضاء على حماس.
صحيح أن الجيش الإسرائيلي يأمر في كل يوم السكان الفلسطينيين بإخلاء المزيد من المناطق، وبينها تلك التي سبقت أن أخليت من قبل، ولكن أساس الأعمال تتركز في المرحلة الحالية للاستيلاء على الأرض في إطار غارات جوية توقع بحماس ضررا وخسائر محدودة. يخيل أنه ليس في هيئة الأركان حماسة لقتال بري قوي يرافقه مصابون، وبالتأكيد ليس لتجنيد احتياط واسع يكون واجبا إذا ما تقرر الشروع في هجوم كامل.
في إسرائيل يأملون بأن الاستيلاء على المناطق الفلسطينية، في ظل إبعاد السكان ووقف المساعدات الإنسانية -سيشكل ضغطا كافيا يدفع حماس لأن تلين مواقفها في المفاوضات. الصيغة التي توجد على الطاولة معروفة: تحرير بين 5 و11 مخطوفا أحياء (وعدد مشابه من المخطوفين الموتى) مقابل وقف الحرب لـ50-70 يوما، استئناف التموين لغزة وتحرير سجناء فلسطينيين.
تجري هذه المفاوضات، وفقا لمحافل مختلفة، ببطء مقلق، فيما أن إسرائيل لا تبادر بل تنجر في الرد على الاقتراحات (أساسا من جانب مصر). وحسب تلك المحافل، فإن المسؤولية عن ذلك هي على الوزير رون ديرمر الذي يقود الطاقم الإسرائيلي ويبدي، على حد قولها، "اهتماما محدودا" في الموضوع، مثلما تبين أيضا من قلة لقاءاته مع عائلات المخطوفين. كما يذكر، فإن ديرمر حل محل رئيسي الموساد والشاباك اللذين يعدان أكثر من طرح اقتراحات تسعى لتحقيق اختراق للطريق المسدود. في منظور بضعة أشهر، ينبغي التساؤل هل أطاح نتنياهو بهما لأنه فقد الثقة بهما كما ادعى، أم أنه فقد الرغبة في حل المسألة خوفا على مستقبل حكومته؟
نتنياهو لا يقترح أي حل عملي: لا للحرب في غزة ولا للمخطوفين. وحتى لو تحقق اتفاق جزئي ستبقى إسرائيل مع عشرات المخطوفين في القطاع، عشرات منهم على قيد الحياة. هذا يضمن استمرار الضغوط المختلفة، بما في ذلك من داخل الجيش الإسرائيلي. فالكتب المختلفة التي نشرت في الأيام الأخيرة عن مجموعات مختلفة تقلق جدا هيئة الأركان لأنها تدل على إحساس واضح: الناس مستعدون لأن يعرضوا أنفسهم للخطر وأن يسيروا حتى النهاية حين يكون هدفا كبيرا وواضحا؛ لكنهم ليسوا مستعدين لأن يتصرفوا هكذا حين يكون الهدف موضع خلاف وحين يكون أصحاب القرار مشبوهين بدوافع غريبة.
وهكذا، فإنه من المتوقع للانشغال في مواضيع المخطوفين وغزة أن يتعاظم في الأسابيع المقبلة على خلفية زيارة الرئيس ترامب الى السعودية في منتصف الشهر المقبل أيضا. وكان وزير الدفاع الأميركي أنبأنا بأنه سيوقع اتفاق للطاقة النووية المدنية بين واشنطن والرياض. كان هذا الاتفاق مخططا بالأصل لأن يوقع كجزء من الصفقة السعودية الكبرى التي درة التاج فيها كانت ستكون اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل. إن اتفاقا أميركيا سعوديا إسرائيل ليست جزءاً منه سيئ لإسرائيل، ليس فقط لأنه يهمل إمكانية توسيع دائرة السلام الإقليمية بل لأنه يثبت في السعودية قدرة من شأنها أن تسمح لها بالوصول في المستقبل الى قدرة نووية مستقلة.
وبالنسبة لرهان نتنياهو، فيحتمل أن تكون هذه المنشورات جزءا من ضغط تسعى واشنطن لأن تمارسه على طهران كجزء من المفاوضات التي بدأت يوم السبت الماضي على اتفاق نووي جديد. وحتى لو أخذنا بضمان محدود التقارير عن أن الأميركيين وضعوا على الطاولة مسودة اتفاق لا تتضمن تفكيكا كاملا للبرنامج النووي (مثلما طلبت إسرائيل)، فإن هذه المحادثات مقلقة لأنه يخيل أن نفوذ إسرائيل فيها محدود.
تقع المسؤولية عن ذلك، خيرا أم شرا، كلها على نتنياهو الذي ادعى على مدى كل سنواته أنه "سيد واشنطن" و"سيد النووي". الطريق ما تزال طويلة، لكن إذا ما تحقق اتفاق إشكالي أو جزء لا يبعد إيران عن القنبلة بشكل كاف، فلا يمكن لنتنياهو أن يتهم إلا لنفسه: كان بوسعه أن يستغل نافذة الفرص الشاذة التي فتحت في تشرين الأول (أكتوبر) ويأمر سلاح الجو بمهاجمة إيران كما أوصاه كثيرون. رئيس الوزراء تلبث لأنه انتظر ترامب والآن هو وإسرائيل يخضعان لنزواته.
وتتناقض الحراكات في القيادة السياسية مع التنسيق الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة في المستويات الأمنية. فاعتراض الصاروخ الذي أطلق أمس من اليمن تم بمنظومة ثاد الأميركية، وعلم أيضا بزيارة قائد سلاح الجو تومر بار في واشنطن. المؤسسة الأمنية الأميركية مشاركة أيضا في ما يجري في سورية وفي لبنان حيث يخيل أن الضغط العسكري الإسرائيلي على حزب الله ينجح في هز الساحة السياسية الداخلية.
كل هذه الأمور ثانوية بالنسبة للمسألة الأساس: المخطوفون في غزة. كلما ابتعدت إسرائيل عن الحل، فإنها تجرب لنفسها احتدام الصراع الداخلي وتشديد الضغوط الخارجية. تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بأن بلاده ستؤيد إقامة دولة فلسطينية بدون حماس كانت نتيجة فشل متواصل في السياسة الخارجية الإسرائيلية. وهجمة تغريدات ابن رئيس الوزراء التي جاءت بعد ذلك دلت كما هو الحال دوما على ما يجري في محيطه: سواء كانت هذه الأقوال تمثل رأي نتنياهو أم لا فإن ضررها عظيم. وحقيقة أن المغرد يتمتع بقدرة وصول حرة لصاحب القرار الأساس وكذا من خدمات فاخرة لدولة إسرائيل تعظم فقط جنون المنظومات.