عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Apr-2020

القصور التشريعي في حماية البيانات الشخصية يفاقم أنماط انتهاك الحياة الخاصة

 

هديل غبّون
 
عمّان – الغد-  رغم حالة الجدل الواسعة التي شهدتها الأوساط الشعبية والرسمية أول من أمس، بشأن مخالفة أحد موظفي مستودع أدوية سلسلة صيدليات مشهورة في البلاد لتعليمات الحجر الصحي، شكّل نشر بياناته وبيانات عائلته الشخصية المصابة بفيروس كورونا، تكرارا لـ”نمط” التشهير بهذه البيانات باعتبارها بيانات تمس حق حماية الحياة الخاصة للأفراد، منذ بداية أزمة الجائحة، بحسب حقوقيين وقانونيين.
وأكد هؤلاء لـ”الغد” أن حماية المجتمع من مخاطر فيروس كورونا، واتخاذ تدابير احترازية لمنع انتشار العدوى بما في ذلك أيضا ضمان حق حماية الحياة الخاصة، “تقع مسؤوليته على الحكومة والجهات الرسمية، استنادا إلى المعايير الدولية ومنظومة القوانين المحلية”.
وكانت الحكومة من جهتها، حذرت عبر المتحدث باسمها وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال أمجد العضايلة في إيجاز صحفي ظهر أمس، من الخوض مما وصفه بـ”حياة المصابين الخاصة أو حالات الاشتباه أو حالات المخالطة”، مهيبا بـ”التبليغ عنها بدلا من التشهير بها”.
المعايير الدولية وخاصة العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، في المادة 17 منه، تؤكد عدم جواز “تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصيته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، وكذلك عدم جواز شن حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته”، في الوقت الذي لا تتوفر فيه نصوص تشريعية أردنية صريحة ومباشرة لحماية البيانات الشخصية للأفراد.
وتقول الخبيرة الحقوقية في القانون الدولي، الدكتورة نهلا المومني لـ”الغد”، إن التشريعات المحلية وردت بها العديد من النصوص التي تحمي “حق الحياة الخاصة من الانتهاك لكن دون الإشارة مباشرة إلى حماية البيانات الشخصية وتداولها، بما في ذلك البيانات الطبية والصحية”.
وبينت المومني أن المواثيق الدولية التي التزم بها الأردن توجب إيجاد تدابير لحماية حق الحياة الخاصة للأفراد، منوهة إلى أن المبادئ التوجيهية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة نصت على عدم جواز جمع المعلومات المتعلقة بالافراد أو تجميعها بأشكال غير مشروعة أو استخدامها لمقاصد غير مشروعة، في حال جمعت من جهات ذات علاقة بالبيانات الشخصية ومنها الطبية، كالمستشفيات مثلا.
كما أن اللجنة الأممية المعنية بحقوق الانسان المسؤولة عن مراقبة تنفيذ العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، أكدت بحسب المومني، “ضرورة تنظيم بيانات الملفات الشخصية المعدة بالحاسبات الالكترونية”.
وأضافت، “يجب أن ينظم القانون المحلي عملية جمع البيانات الشخصية وحفظها باستخدام الحاسوب وغيره من الوسائل الالكترونية، حتى لو كانت العملية تجريها السلطات العامة أو الافراد أو الهيئات الخاصة المعنية بأي بيانات مرضية كالمستشفيات مثلا”، مبينة أن اتخاذ تدابير فعالة لكفالة عدم وقوع المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة بأيدي الاشخاص الذين لا يجيز لهم القانون الحصول عليها أو تجهيزها أو استخدامها، “هي مسؤولية تقع على عاتق الدولة”.
واستثنى قانون حق الحصول على المعلومات قبول أي طلب يتعلق بالمعلومات الطبية للأفراد، فيما رأت المومني أن “كل التشريعات النافذة يمكن تفعيلها لمحاسبة الانتهاكات الواقعة على الافراد بشأن حماية حق الحياة الخاصة، رغم أن هناك حاجة لقانون خاص لذلك”.
ولم تنجح محاولات إقرار مشروع قانون حماية البيانات الشخصية، الذي كانت مسودته طرحت للنقاش بداية العام الجاري وأحيلت إلى ديوان التشريع والرأي.
في حين تشير المومني إلى أن “قانون الجرائم الالكترونية لم يعالج انتهاك الدخول غير المصرح به لأنظمة المعلومات ونسخ البيانات الشخصية ونشرها، إلا أنه سمح بملاحقة مرتكبي جرائم القدح والذم والتشهير”، معتبرة أنه “لا حاجة لإصدار أوامر دفاعية جديدة قد تفرض قيودا على حرية التعبير”.
ولا يتوفر في التشريعات الأردنية وفقا للمومني، “قانون مخصص لحماية البيانات الشخصية، كما لم ترد نصوص مباشرة تفرض عقوبات على انتهاك حق الحياة الشخصية بشكل صريح، واقتصرت على الاشارة إلى التنصت على الاتصالات وإفشائها، وخرق الحياة الخاصة كما ورد في المادة 384 مكرر من قانون العقوبات، وحماية إفشاء الاسرار الرسمية أو المهنية بحكم الموقع الوظيفي كما في المادة 355 من قانون العقوبات”.
ويكتفي قانون المساءلة الطبية والصحية الأردني لسنة 2018 في المادة 8 بمنع مقدم الخدمة من إفشاء أسرار متلقي الخدمة فقط، ما يعني أن “هناك قصورا تشريعيا في محاسبة ناشري المعلومات الشخصية والطبية”، بحسب المحامي فراس سليمان القضاة.
ويشدد القضاة، على “إمكانية ملاحقة منتهكي حق الحياة الخاصة للأفراد عبر النصوص المختلفة، إذا اشتمل على جرائم الذم والقدح والتحقير، حيث أن الدستور الأردني حفظ الحرية الشحصية للأفراد في المادة 7 منه”.
ويؤكد أن نص المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية، يمكن تفعيلها في حالات الذم والقذح بالنشر الالكتروني، حيث نصت على أن “يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الالكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة مالية لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على ألفي دينار”، أو المادة 15 التي تنص على أنه كل من ارتكب أي جريمة معاقب عليها بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات أو موقع الكتروني أو اشترك أو تدخل أو حرض على ارتكابها يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع.
ويعارض القضاة اللجوء إلى أوامر دفاع جديدة، لفرض عقوبات على ذلك، لما قد يشكله التوسع في تفعيل قانون الدفاع تضييقا آخر على الحريات العامة، فيما يعتقد أن صلاحيات واسعة تمكن وزير الصحة بموجب قانون الصحة العامة لتخاذ تدابير حماية كافية، وضبط عملية التداول للمعلومات المتعلقة بالاشخاص المتضررين من عدوى فيروس كورونا.
ويعتقد القضاة أن صلاحيات الوزير، تسمح أيضا بـ”نشر أسماء مخالطين لغايات طلب إجراء فحوصات فقط، وليس أسماء المصابين وذلك ضمن تدابير الحماية”.
من جهته، قال الناشط الحقوقي كمال المشرقي، إن احترام الخصوصية وحماية حق الحياة الخاصة، “مسؤولية تقع على عاتق الحكومة عبر اتخاذ مزيد من الاجراءات في هذه المرحلة تحديدا، وعدم نشر أي معلومات أو إشارات أو صور تتعلق بالمصابين أو المشتبه بهم بالكورونا”، قائلا إن هناك العديد من الاجراءات الحكومية إلا أنها يجب أن تترافق مع مزيد من الضمانات لعدم المساس بخصوصية الأفراد خاصة السجل الطبي.
وقال، إن هناك “حاجة ماسة لإصدار الحكومة مزيد من التعاميم والتعليمات لحماية خصوصية الأفراد عبر أدواتها المختلفة”، مبينا أن مجابهة الكورونا تتطلب تكاتف كل أفراد المجتمع، والتركيز على احترام الكرامة الانسانية ونشر مزيد من رسائل التوعية للمجتمع. وعدم نشر أي معلومات تتعلق بخصوصية المرضى.
وأكد المشرقي أنه لا بد من التعميم حكوميا، على الجهات المختصة والطبية والمعنية بالتعامل مع المصابين أو المشتبه بهم، بعدم نشر أي معلومات تخص المرضى أو حتى إشارات، أو التعرض لخصوصيتهم بأي شكل من الاشكال.
وقال، “المرحلة دقيقة وحساسة والمطلوب التوعية بتجنب الترويج بوصم المصابين، كونهم أشخاصا لهم الحق في احترامهم وحفظ كرامتهم الانسانية” ومساعدتهم”، داعيا الى تشديد الرقابة على جميع المؤسسات والقطاعات التي تعمل على حماية المصابين.