الغد-سماح بيبرس
أكد وزير الداخلية مازن الفراية في مؤتمر صحافي أول من أمس على أن هناك توجها من الحكومة لمراجعة سياستها وإستراتيجيتها بشأن اللجوء السوري.
وقال الفراية، في مؤتمر صحفي، إن أكثر من مليون لاجئ ما يزالون متواجدين على الأراضي الأردنية، مضيفا أن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر ولا يمكن تحمله، ولفت إلى أن نحو 93 ألف لاجئ سوري عادوا لبلادهم منذ بدء الأزمة السورية.
وقال إن الأردن لم يعد قادرا على تحمل تبعات اللجوء، بخاصة السوري، مشيرا إلى أن الاستجابة الدولية لدعم استضافة اللاجئين السوريين محدودة جدا.
ويمثل اللاجئون في الأردن أكثر من ثلث السكان البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة، وتعترف المفوضية السامية للأمم المتحدة بالمسجلين لديها حيث تقدر عددهم بـ712,878 لاجئ، من بينهم 638,760 لاجئ سوري و74,118 لاجئ من جنسيات أخرى، ويعيش أكثر من 82.1 % من هؤلاء اللاجئين في المناطق الحضرية وشبه الحضرية.
وتعقيبا على تصريحات الفراية، وكيف يمكن للحكومة مراجعة سياستها للتعامل مع "السوريين، أكد خبراء ومراقبون ضرورة إعادة النظر في الإستراتيجيات والسياسات المتعلقة بالتعامل مع اللجوء السوري، المستمر منذ عام 2011.
وأكدوا ضرورة تحديث السياسات والإستراتيجيات المتعلقة باللاجئين السوريين، بخاصة وأن المؤشرات جميعها تشير إلى استمرار بقائهم على أراض المملكة لسنوات قد تطول مع عدم وجود حل سياسي في سورية يضمن العودة الآمنة لبلادهم.
وركز الخبراء على ملفين أساسيين في هذا المجال الأول ضرورة مخاطبة العالم والضغط عليه لزيادة الدعم الموجه للأردن جراء استضافته لأكثر من مليون سوري، والثاني في كيفية التعامل مع الضغط الحاصل من استضافتهم خصوصا فيما يتعلق بسوق العمل، ومنافستهم للعمالة الأردنية، إضافة الى قطاعي الصحة والتعليم.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق الدكتور ماهر المدادحة، أكد على أن هذه الإستراتيجيات التي تحدث عنها وزير الداخلية لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار بأن "اللجوء السوري بات واقعا صعبا سيستمر لسنوات" وسيشكل عبئا اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا كبيرا، وبالتالي فإن هناك ضرورة للتركيز على آليات التمويل الموجهة للأردن والعمل على الضغط على دول العالم لزيادة هذا التمويل.
كما أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الآثار السلبية للجوء على القطاعات المختلفة خصوصا سوق العمل، حيث إن هناك منافسة كبيرة مع الأردنيين، ناهيك عن القطاعات الأخرى من تعليم وصحة ونقل.
ودعا الحموري لضرورة توفير البيانات والمعلومات الدقيقة عن اللاجئين السوريين بحيث تكون السياسات والإستراتيجيات مبنية بشكل واضح وواقعي .
ويشار هنا إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين كانت قد أشارت في "المسح الإقليمي التاسع حول تصورات ونوايا اللاجئين السوريين في "مصر، العراق، الأردن، لبنان" بشأن العودة إلى سورية، إلى أن 97 % من اللاجئين السوريين في الأردن لا ينوون العودة لبلادهم خلال الأعوام القريبة المقبلة.
وتابعت هي نسبة كانت في ارتفاع مستمر بحسب نتائج المسوحات الثمانية السابقة والتي تجريها المفوضية منذ عام 2017، حيث كانت هذه النسبة قد قدرت في المسح الأول للمفوضية الذي جرى في تشرين أول "أكتوبر" 2017 قد وصلت لحوالي 73 % وبقيت بارتفاع إلى أن وصلت في المسح الأخير97 %.
ويأتي هذا في الوقت الذي تؤكد فيه تقارير عدة لمؤسسات دولية على العبء الكبير الذي يشكله اللجوء على الاقتصاد الأردني، ومن بين هذه التقارير كان تقرير المراجعة لعملياته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية للعام الماضي لبرنامج الأغذية العالمي الذي أكد على أن "الأردن يكافح من أجل تحسين أدائه الاقتصادي الضعيف، المتأثر بالأزمة السورية، والتي باتت تفرض ضغوطا إضافية على سوق العمل المحدود والرعاية الاجتماعية والموارد الطبيعية". وذكر أن "النقص الحاد غير المسبوق في التمويل، بات يجبر البرنامج على تقليص مساعداته الغذائية الشهرية بشكل كبير لـ465 ألف لاجئ، غالبيتهم من السوريين".
ويشار هنا إلى أن "إستراتيجية الاستجابة للاجئين والقدرة على الصمود 2025/2024" الصادرة عن المفضوية السامية لشؤون اللاجئين كانت قد أكدت على أن الاردن أظهر ضيافة استثنائية في استضافة اللاجئين السوريين منذ عام 2016، وأنه وعلى الرغم من الضغط الحاصل على موارده الخاصة، إلا أنه أعطى أولوية لإدماج اللاجئين، وتوفير الخدمات المختلفة لهم.
وقالت إن الأردن يعتبر ثاني أعلى بلد مضيف للاجئين من حيث نصيب الفرد، على الرغم من عدم توقيعه على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، إلا أن الأردن لديه تاريخ طويل في استضافة اللاجئين وحمايتهم، مؤكدة على أن "هذه الجهود تجسد التزام الأردن بدعم حقوق الإنسان الأساسية للاجئين".
وأضافت أنه بعد مرور 13 عاما على الأزمة السورية، تجاوز الأردن حالة الطوارئ الإنسانية الأولية، إلا أنه ومع ذلك، ما تزال هناك احتياجات كبيرة للاجئين السوريين، بما في ذلك الوصول إلى المأوى والنظم الغذائية المتوازنة والسلامة.
وأشارت إلى أن النمو السكاني، الذي يتفاقم جراء الظروف الاقتصادية البطيئة، وعدم الاستقرار الإقليمي، والاضطرابات التجارية، بات تحديات في استيعاب اللاجئين ضمن أنظمة الرعاية الصحية والتعليم وسوق العمل، ولمواجهة هذه التحديات المستمرة، يعمل الأردن بالتعاون الوثيق مع شركاء الخطة الإقليمية 3RP لتنفيذ نهج موجه نحو الحلول يتماشى مع أهداف التنمية الأوسع.
وأكد التقرير أن اللاجئون السوريون يواجهون نقاط ضعف متزايدة، وذلك بسبب محدودية فرص كسب العيش وعدم كفاية فرص الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والسكن.
وتؤدي محدودية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية إلى تفاقم التحديات التي تواجهها هذه الفئات الضعيفة، مع الإشارة إلى أن "الوضع مأساوي بشكل خاص بالنسبة للفئات الضعيفة، بما في ذلك الأطفال والنساء اللاجئين".
وذكر التقرير أن معدلات عمالة الأطفال زادت، وما يزال الوصول لخدمات التعليم والحماية غير كاف، كما أن العنف القائم على النوع الاجتماعي منتشر على نطاق واسع، حيث يواجه الناجون تحديات في الوصول إلى حماية ذات معنى جراء الثغرات في تنفيذ القانون والخوف من الوصمة.
ويواجه الأطفال والنساء اللاجئون نقاط ضعف متزايدة، حيث تشير الأرقام المثيرة للقلق إلى زيادة معدلات عمالة الأطفال، وما يزال الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية محدودا.
وأشار التقرير إلى أن نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية صارخة، حيث يؤدي انخفاض المساعدات إلى ارتفاع مستويات الديون وتصاعد معدلات الفقر.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن قبل أيام عن "اضطراره" لتعليق المساعدات الغذائية لـ 100 ألف لاجئ سوري (16,650 أسرة) يقيمون في المجتمعات المحلية ابتداءا من تموز "يوليو" الماضي وذلك "بسبب النقص الحاد في التمويل".
وكشف البرنامج في تقرير صدر مؤخرا أنه يواجه نقصا في التمويل في إطار محفظة التغذية المدرسية الخاصة به، الأمر الذي سيحد من قدرته على الوصول إلى الطلاب الضعفاء في المجتمعات المحلية في المملكة.
وأكد على برنامج الأغذية العالمي يحتاج إلى 1.3 مليون دولار للفصل الدراسي الأول ( أيلول "سبتمبر" 2024 - كانون الثاني "يناير" 2025) لمواصلة تقديم وجبات صحية وألواح التمر للطلاب الضعفاء في المخيمات والمجتمعات.
يأت هذا في الوقت الذي أشار فيه البرنامج أن رصد نتائج الأمن الغذائي للربع الثاني من عام 2024، توصل الى أنه وبعد مرور عام على تخفيض مساعدات البرنامج التي كانت قد بدأت تموز العام الماضي، ارتفع انعدام الأمن الغذائي بشكل عام من 70 % إلى 92 % بين المستفيدين من المجتمعات المضيفة.
وفي المخيمات، يعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 14 % من انعدام الأمن الغذائي الشديد، مقارنة بـ 0 % في نفس الوقت من العام الماضي.
ويلجأ اللاجئون في المجتمعات والمخيمات لإستراتيجيات التكيف الضارة ذات الآثار الطويلة الأجل حيث تضاعف انسحاب الأطفال من المدارس، وزاد الزواج المبكر بمقدار ستة أضعاف.
وقال التقرير إنه خلال حزيران "يونيو" الماضي، واصل برنامج الأغذية العالمي تقديم المساعدات الغذائية الشهرية لحوالي 410 آلاف لاجئ من الفئات الضعيفة في المخيمات والمجتمعات المضيفة بقيمة تحويل مخفضة قدرها 15 دينارا (21 دولارا) للشخص الواحد شهريا.
وكان البرنامج قد بدأ بتخفيض هذه المساعدات ابتداء من تموز "يوليو" 2023 ، حيث خفضها من 23 دينارا شهريا (32 دولارا) إلى 15 دينارا.
وأكد على أنه واعتبارا من الشهر الماضي، "وبسبب النقص الحاد في التمويل، يضطر برنامج الأغذية العالمي إلى تعليق مساعداته الغذائية لـ 100 ألف لاجئ سوري (16,650 أسرة) يقيمون في المجتمعات المحلية".
وأوضح أنه ومع محدودية الأموال المتاحة، يعطي برنامج الأغذية العالمي الأولوية لمساعدة 310 آلاف لاجئ سوري في المخيمات والمجتمعات المحلية، بمستويات المساعدة المنخفضة.