عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Nov-2019

مسؤولية الإعلام العربي تجاه الاحتجاجات الإيرانية - احمد زيدان
 
الجزيرة - تجدد الاحتجاجات الإيرانية للمرة الثالثة خلال عقد من الزمن تقريباً منذ اندلاعها عام 2019، ثم في العام الماضي، وتجددها اليوم يكشف عن حقيقة واحدة وهي أن الاحتجاجات التي قاربت من الانتفاضة ليست عابرة، ولا وقتية وإنما هذه الانتفاضة تخفي تحتها موجات بحرية ضخمة تظهر لنا بعضاً من موجاتها على السطح، وما على الناشطين والإعلاميين إلاّ التعامل معها بذكاء يعكس فهماً دقيقاَ للواقع الإيراني، ويساعد الشعب الإيراني على نيل حقوقه، لا على عرقلة تحركاته، أخذاَ بالحسبان الحساسيات التاريخية بين العرب والعجم.
 
لعل الزاوية الأهم التي بإمكان الناشطين والإعلاميين وتحديداً الإعلام الجديد إضاءتها فيما يتعلق بالتحركات الإيرانية هو عكس ما يجري هناك، والمساهمة باستخدام الهاشتاغ الإيراني الثوري الموحد، لإظهار مدى تجاوب وتفاعل المنطقة العربية مع التحركات الإيرانية، وبالتالي كلما انتشر الهاشتاغ الإيراني الموحد للانتفاضة على نطاق أوسع، كلما زادت قناعة التحركات الإيرانية أن الوسط العربي يؤيدها ويدعمها ويساندها.
 
زاوية أخرى مهمة في دعم الحراك الإيراني وهو الحديث عن مدى الانشغال الإيراني بالساحات العربية على مدى سنين إن كان في لبنان أو في سوريا والعراق و اليمن وحتى أفغانستان، ويشمل التركيز على تبديد الثروات الإيرانية في هذه المناطق مما انعكس سلباً وبشكل خطير على اتساع الفجوة والشقة بين الشعب العربي والشعب الإيراني نتيجة سياسات حكوماته، والتي وصل الأمر فيها إلى استخدام كافة أنواع الأسلحة الإيرانية المميتة والقاتلة التي دفع ثمنها الشعب الإيراني، ولم تكتف بذلك وإنما جيّشت مليشيات طائفية لقتل الشعب السوري، ووصل الأمر إلى إقناع ودفع روسيا لاحتلال سوريا وتدمير ما عجزت طهران عن تدميره، كل هذا ربما يكون وقوداً لاستمرار الانتفاضة الإيرانية ضد حكام طهران.
 
أما الزاوية الثالثة فهي قصر الحديث عن التداعيات السلبية للسياسة الإيرانية وعدم التطرق إلى المسألة الطائفية التي في الأساس الشعب الإيراني بغالبيته ربما بعيد كل البعد عنها، وإلاّ لما احتاج حكام طهران أن يستدعوا مليشيات طائفية من دول أخرى لإحراق المنطقة، لينتقل الحريق اليوم إلى عقر دارهم، وبالتالي فإن تحميل ما يجري للحكومات الإيرانية، وتجنيب اتهام المجتمع الإيراني بذلك، ربما يكون في صالح الاحتجاجات والانتفاضة، ويوفر ماءً لطاحونة النظام الحاكم هناك ضد الانتفاضة التي يصفها بالتآمر على الدولة والمجتمع.
 
الزاوية الرابعة المهمة في الحديث عن الاحتجاجات الإيرانية إعادة تغريد ما ينشره المحتجون، ومن استطاع ترجمته بتعليق على التويتر والفيس بوك فيكون أفضل، وذلك من أجل تثبيت الرواية الاحتجاجية وتضييق الخناق على الرواية الرسمية السمجة، والتي هي تكرار بالأساس والأصل للرواية العربية الرسمية ضد الثورات العربية وانتفاضاتها، والسعي ما وسع الجهد إلى ربط الثورات العربية في اليمن والعراق وسوريا ومصر ولبنان بالثورة في إيران وانتفاضتها، كلهن يعني كلهن، وإيران واحد منهن.
 
أخيراً لن يقنتع الحكام عرباً وعجماً أن هذه الثورات إنما هي ثورات إنسانية شعبوية واحدة ترنو إلى هدف واحد وهو تحقيق العدالة والمساواة، وانتزاع الحقوق، وهي ثورات عبارة عن سلسلة حلقاتها مترابطة يأخذ بعضها برقاب بعض، وحال فرط حلقة واحدة من هذه السلسلة انفرط العقد كله، يعرف ذلك أعداء الشعوب كما تعرفه الشعوب.