عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Apr-2025

وقف إطلاق النار.. بين صفقات ترامب وضغوط السعودية*إسماعيل الشريف

 الدستور

الصفقات هي فني. الآخرون يرسمون أو يكتبون الشعر. أنا أحب إبرام الصفقات، ويفضل أن تكون صفقات كبيرة. ترامب.
 
قبيل زيارة ترامب إلى الأشقاء في السعودية والإمارات وقطر، التي ستبدأ في الثالث عشر من الشهر القادم، نُصبت لوحات في القدس وتل أبيب ونيويورك تُظهر الأمير محمد بن سلمان وترامب وهما يتصافحان، وخلفهما علم «إسرائيل» وعلم المملكة العربية السعودية، مع عبارة: «نحن جاهزون»، وذلك ضمن حملة أطلقتها مجموعة تضم أكثر من مئة من رجال الأعمال والقادة الصهاينة تطلق على نفسها اسم «التحالف من أجل الأمن الإقليمي». يرى هذا التجمع أن على الكيان الصهيوني أن ينهي المجزرة الجارية في غزة، وانسحاب الجيش، ومبادلة الأسرى، وتعيين حكومة تكنوقراط لإدارة غزة، وإعادة الهدوء إلى جميع الجبهات الأخرى، بحيث تتولى دول الخليج إعادة إعمار غزة، مع توقيع اتفاقية تطبيع مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، واعتبار الدولة المارقة جزءًا من المنطقة، تتعاون مع دولها في مختلف المجالات.
 
تكشف هذه اللوحة عن مجمل القصة!
 
 لمح الرئيس ترامب إلى أنه سيضغط على مجرم الحرب نتن ياهو لإدخال المساعدات، تزامنًا مع إعلان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن نفاد مخزونه في غزة وعجزه عن تزويد المطابخ بالوجبات الساخنة. وبالنسبة للرئيس ترامب، فإن إدخال المساعدات لا يتعلق إطلاقًا بمساعدة سكان غزة.
 
لذلك، فإن أي ضغط على نتن ياهو لا ينطلق من دافع إنساني، بل يعود إلى حاجة ترامب لاستئناف المساعدات قبل انطلاق جولته الخليجية. ولكن عندما يتوجه إلى المملكة العربية السعودية، سيكتشف أنه من دون وقف إطلاق النار لا يمكن أبداً مناقشة مسألة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان؛ إذ أعلنت المملكة أن شرط التطبيع هو التزام الكيان الصهيوني التزامًا لا رجعة فيه بإنشاء دولة فلسطينية.
 
خلال جولة ترامب، ستطالب المملكة العربية السعودية بضمانات أمنية أمريكية، وتوريد سلاح دون قيود، وإنشاء ستة عشر مفاعلاً نوويًا لأغراض سلمية. ومع ذلك، تستطيع المملكة الحصول على هذه المطالب من دول أخرى، خاصة بعد تحسن علاقاتها مع إيران بشكل كبير. أما ترامب، فهو يسعى بشدة إلى استثمارات سعودية في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار خلال فترة ولايته، وتوقيع صفقة أسلحة بقيمة مئة مليار دولار، واستكمال الاتفاقيات الإبراهيمية، إذ يعتبر توقيع المملكة تتويجًا لهذه الاتفاقيات.
 
حتى لحظة كتابة هذه المقالة، لم يصرّح ترامب بدعوته إلى وقف إطلاق النار، لكنه يدرك تمامًا أن إدخال المساعدات وحده لن يكون كافيًا لجعل زيارته ناجحة، وأنه لا مفر من الضغط على نتن ياهو لفرض وقف إطلاق النار. بالإضافة إلى جولته الخليجية، قد يكون اهتمام ترامب بوقف إطلاق النار مدفوعًا برغبته في الإفراج عن عشرين مواطنًا أمريكيًا محتجزين في غزة.
 
وفي إشارة إلى أن مجرم الحرب نتن ياهو بدأ يشعر بالضغوط، أرسل رئيس جهاز الموساد إلى الدوحة لمناقشة اقتراح لوقف إطلاق النار قدمه الوسطاء القطريون والمصريون. وقبل ذلك، سافرت بعثة صهيونية فنية إلى القاهرة لإجراء محادثات مع الوسطاء، تلاها وصول وفد من حركة حماس إلى القاهرة في اليوم التالي. كنت قد تناولت في مقالة الأمس تفاصيل الاقتراح المقدم من الوسطاء، إلى جانب الاقتراح الموازي المقدم من حركة حماس.
 
ستكشف الأيام القادمة ما إذا كان الرئيس ترامب سيتخذ قرار وقف المجزرة، بعدما أصبح واضحًا أن اليد العليا، بمنطق الصفقات الذي يؤمن به، ليست في واشنطن، بل في الرياض.