عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-May-2019

التربية الإعلامية ضرورة حضارية ووطنية - د. إنصاف أيوب المومني

الراي -  ثمة حاجة ملحة تدعونا؛ لتفعيل دور التربية الإعلامية في عصر الفضاء الإعلامي، والتدفق المعلوماتي، حيث أصبح الإعلام يضطلع في تشكيل أدق الخصوصيات النفسية، والثقافية بل وصياغة وتوجيه بوصلة المنظومة الاجتماعية، والإنسانية وفق الإرادة الإعلامية وأهدافها، يقول (جوزيف جوبلر): أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعي.

إن نشأة التربية الإعلامية عميقة الجذور، فقد دعت (اليونسكو) لتدريس التربية الإعلامية عام (1982م)؛ لتكون التربية الإعلامية جزءاً من الحقوق الأساسية لكل مواطن، وتوصي بضرورة إدخال التربية ضمن أنظمة التعليم، وقد جاءت فكرة تشكيل فريق حكومي لمتابعة مشروع التربية الإعلامية، والذي تعهدت فيه الحكومة؛ بتبني إطار استراتيجي وطني ضمن أولويات عملها للعامين (2019م/ 2020م) لنشر التربية الإعلامية؛ تلبية لنداء الواقع، كما وقد اعتبرت ممثلة (اليونسكو) كوستانزا مارينا أن اندماج الأردن بالتربية الإعلامية والمعلوماتية يعزز مفهوم المواطنة، ومفاهيم حقوق الأنسان.
لقد أضحت التربية الإعلامية مشروعاً وطنياً ينقلنا من مشروع دفاع وردود أفعال إلى التمكين، وحيث إن التربية الإعلامية ضرورة حضارية، وواجب وطني، فهي المؤهلة لبناء واستثمار الطاقات واستنطاقها، واتاحة الفرصة لاستقلالية الفهم؛ للمشاركة في بناء المنظومة الاجتماعية، واقصاءً للعقول الإمعية (الآبائية) أو (الوعي المعلب)؛ لتوظيف الإعلام بشقيه الجديد والتقليدي في مساره المنشود حيث يقودنا حسن الانتقاء والقدرة على القراءة الواعية للوافد إلينا من مختلف النوافذ، والقدرة على انتاج واستثمار معطيات الإعلام المعاصر، والانفلات من سلبياته في عصر بات فيه جهد الفرد (المواطن الصحفي) يفوق جهود منابر إعلامية مؤسسية، وتؤكد الرابطة الوطنية الأميركية للتربية الإعلامية أن التربية الإعلامية هي: سلسلة من الكفاءات الإعلامية، التي تتيح للأفراد أن يكونوا مفكرين، وناقدين في العديد من الرسائل الإعلامية، مثل:- الصورة، واللغة..، وتمنحهم الوعي بإمكانات ومخاطر الإعلام. فإذا كان المشهد التربوي الذي تتصدره الأسرة والمدرسة منذ عقود قليلة قد خلت فإن المشهد التربوي في اللحظات الراهنة يتصدره الإعلام بشقيه: الجديد والتقليدي، فإن لم نخطط لحاضرنا ومستقبلنا، فسيأتي من يفرض علينا مخططه، وستأتي حلولنا ردود أفعال مبتورة قاصرة عن اشباع ظمأ المعاصرة؛ لذا جاءت فكرة إعداد منهاج، ودورات تدريبية محكمة، تتسق وتتناغم، وثقافة المجتمع، وتحدياته، وتطلعاته وخصوصياته مطلباً رئيساً تتعاضد عليها الجهات المؤسسية والفردية.
كما أن التربية الإعلامية تلزم الإعلام بمواثيق، وضوابط أخلاقيات الشرف الإعلامي لتحد من الانفلات إضافة إلى أنها ترفدنا بمضامين إعلامية جديدة قادرة على التفاعلية والمشاركة؛ لترفد منظومتنا الوطنية بدماء، وأنفاس شبابية متجددة؛ للصمود أمام التحديات؛ لاستبدال ثقافة العنف والكراهية، وثقافة التنوع والاختلاف الذي يكمن فيه سر انسياب الحياة؛ للحفاظ على حصانة اللحمة الوطنية من إفرازات الإشاعة، وطوفان الأخبار المغرضة المضللة التي تنساق إليها بعض الشرائح الإجتماعية جهلا أو قصدا للاستسلام لثقافة اليأس والهزيمة الداخلية والانكسار الحضاري بعيدا عن ثقافة التثبت.
* أستاذ مشارك في التربية الإعلامية