عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-May-2020

رمضان شهر التسامح.... وهو خلق العظماء

 

عمان-الدستور-  حسام عطية - بحلول الشهر الفضيل وما يحيط به من أجواء روحانية وتسامحية، يجلس المرء جلسة مصارحة ومصالحة مع نفسه، مراجعاً حساباته ومعيداً النظر في الكثير من الأخطاء التي وقع بها، إذ يعتبر الشهر الفضيل موسماً للتصالح مع النفس والتسامح مع الآخرين.
 
شهر رمضان، جعله الله، فرصة لكل عاص أو متخاصم لأن يبادر بالعفو والصفح، فهو شهر التسامح والغفران والحب والرحمة، فالله تعالى أمرنا بالصيام ليس فقط للامتناع عن الأكل والشرب بل لغرس الفضائل وتعويد الناس عليها.
 
والتسامح من أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام ،وهو دليل على قوة الشخصية، فالمسامح كريم كما يقال في الأمثال العربية. والعفو والتسامح سبيل إلى العزة،
 
ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:» ما نَقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزَّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» رواه مسلم.
 
وكثيرة تلك فضائل شهر رمضان الكريم الذي يتضمن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ومن أهم تجليات رمضان ومزاياه العديدة التي لاتعد ولاتحصى، دعم الإيمان وتقوية مكارم الأخلاق في الإنسان، خصوصا التسامح والغفران؛ ما يطهر القلب من المشاعر السلبية مثل البغضاء والحقد، لتحل محلها المشاعر الإيجابية وعلى راسها المحبة والرحمة والأمان؛ ما يسهم في تحقيق الراحة النفسية والصحة الجيدة وتوطيد العلاقات بين الناس، فتتحقق الوحدة بين افراد الأسرة ثم تنتقل تدريجيا الى المجتمع .
 
شهر فضيل
 
بدوره مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان علق على الامر بالقول، رمضان شهر فضيل تتجلى فيه الأخلاق الحميدة فالصيام ليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب بل لغرس القيم الفاضلة.
 
ويقول سرحان إن شهر رمضان شهر خير وبركة وهو يؤكد على مكارم الأخلاق وفي مقدمتها خلق التسامح، وهو موسم للتصالح مع النفس والتسامح مع الآخرين وفيه يترفع الصائم عن الصغائر والضغائن.
 
ونوه سرحان إلى أن الإنسان اجتماعي بطبعه بمعنى أنه لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين، وأنه من غير الممكن أن تقوم علاقات بين الناس بدون خلافات أو مشاكل بغض النظر عن حجم هذه المشاكل، وإذا سمح الإنسان لهذه المشكلات أن تتحكم في علاقاته ومشاعره فإنه سيخسر الجميع، كما أن ذلك سيؤثر سلباً على نفسيته. لهذا فإن التسامح يساهم في ترميم علاقاتنا مع الآخرين وهو أيضاً يساهم في حل المشكلات بل يمنع حدوثها ابتداءً.
 
ويقول سرحان ان التسامح يجعلنا نترفع بأخلاقنا وتصرفاتنا عن صغائر الأمور، وهو أكثر ما يكون في شهر رمضان شهر الترفع عن الصغائر والضغائن، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يفسق فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم»، فالصائم يتعلم الكثير من الأخلاق الفاضلة من مدرسة الصيام ليعود نفسه عليها لتكون سلوكاً في حياته.
 
ويضيف سرحان: أن التسامح يطهر القلب من الأحقاد والبغضاء وهو خلق شامل يتضمن عدة أخلاق منها الرأفة والرحمة والإحسان والعطف، فهو كما يقال زينة الفضائل، والتسامح لا يعني الضعف كما يعتقد البعض بل هو دليل القوة، فالضعيف لا يمكن أن يسامح؛ لأن التسامح يحتاج لقوة أكبر من الانتقام فهو خلق العظماء.
 
ويؤكد سرحان ان التسامح يدل على قوة شخصية الإنسان؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الضب»،
 
وهو ايضاً دليل على سلامة النفس من الأحقاد التي تكبل النفس وتقيد حركة الإنسان، ويحد من تفكيره ويجعل هاجس الانتقام والثأر يسيطر عليه، فالتسامح يعني نقاء القلب والإحسان للمسيء.
 
ويوضح سرحان ان من مظاهر التسامح وأهمها طلاقة الوجه والابتسامة وحسن الحديث ومبادرة الآخرين بالتحية والسلام، والتجاوز عن زلاتهم وأن يكون الشخص مستعداً للتنازل عن حقه، وأن يعفوا عمن يسيء ليه، وأن التسامح مطلوب في جميع الأوقات والظروف وجميع المعاملات.
 
للتسامح آثار
 
ويقول سرحان ان للتسامح آثار كثيرة منها أنه يحول الشخص الكاره إلى محب والعدو إلى صديق والعنيف إلى رفيق، ويجعل القاسي يميل إلى اللين. فالتسامح يترك اثراً كبيراً في نفوس الآخرين. ويجعل المخطئ يستشعر بخطئه وإساءته وندمه، فيراجع نفسه وربما لا يكرر الإساءة.
 
وحول أثر التسامح على نفسية المتسامح يقول سرحان إن التسامح يترك أثراً إيجابياً على النفسية فيكون أكثر رضا عن نفسه ويشعر براحة الضمير والطمأنينة وهدوء الأعصاب، وأن الأشخاص الأكثر سعادة هم الأكثر تسامحاً والأشخاص الأكثر تسامحاً هم الأقل انفعالاً، مما يؤثر إيجابياً على صحتهم النفسية فهم أقل توتراً وأكثر هدوءاً والتزاماً، كما أن للتسامح آثارا إيجابية كبيرة على المتسامح نفسه، فإنه أيضاً يقوي المجتمع ويبعده عن الضغائن والأحقاد فتزيد المحبة بين أفراد المجتمع وتقل العداوات والثارات وحب الانتقام.
 
ويقول سرحان: من الضروري أن يعود الشخص نفسه على خلق التسامح مع الجميع الصغار والكبار مع الآسرة والأصدقاء والأقارب وزملاء العمل ليكون قدوة حسنة للآخرين حتى يسود التسامح في المجتمع عامة، كما يقال:» أكتب الاساءة على الرمال عسى ريح التسامح تمحها, وإنحت المعروف على الصخر حيث لا يمكن لاشد ريح أن تمحيه»، فغالبا ما يتجه المخطئ إلى الصواب ويبدأ صفحة جديدة مع الآخرين, فالتسامح يطفئ نار الحقد والكراهية من النفوس.
 
ويختم سرحان بالقول: التسامح فن وهو رسالة إيجابية نوجهها للآخرين وخصوصاً ونحن في أواخر شهر رمضان المبارك، فعلينا مراجعة انفسنا لنكون متسامحين مع النفس ومع الآخرين؛ لأن ذلك يقربنا أكثر من الله، مذكراً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».