عمان - الدستور- افضى الفنان ايمن سماوي عضو فرقة «بيت الرواد» ان والده الفنان الراحل عازف العود الفرد سماوي لم يأخذ حقه كفنان وقامة فنية كبيرة في بلده ولم يتم ذكره او تكريمه من خلال القائمين على القطاع الفني والثقافي للأسف، لكن تم تكريمة في بلد عربي من خلال المجمع العربي للموسيقى «جامعة الدول العربية ...في مصر» وهو من أوائل العازفين على آلة العود ومؤسس نادي التمثيل والموسيقى في اربد واسمه حاليا النادي «العربي» وهو أستاذ الموسيقار الاردني الكبير توفيق النمري رحمه الله عليه.
العازف الوحيد
ونوه الفنان د. اميل حداد في تصريح لـ « الدستور « بان مدينة إربد التي تقع في شمال المملكة، لم يكن فيها سوى عازف واحد على آلة العود عام 1935م، هو «ألفرد برهم سماوي»، الذي ينحدر من عائلة كبيرة في بلدة الفحيص في وسط الأردن، وهي عائلة سماوي، وقد شاءت الظروف الوظيفية لوالده، الذي يعمل في القضاء «محاميا»، أن جاء إلى إربد في اوائل القرن الماضي، وكان الفرد منذ صغره شغوفا بسماع الموسيقى والأغاني، وقد حباه الله بحنجرة ذهبية، فأحضر آلة العود، وتعلم العزف بنفسه ودون معلم، وكان بذلك اول عازف على العود في تاريخ إربد، بل وأصبح يتقن العزف، بمهارة عالية، فكانت تقاسيم العود والأنغام، تنساب من بين يديه، كأنها سمفونية، كذلك كان صوته الأغن يسحر من يستمع اليه، ويشعره بنشوة عارمة، من شدة الطرب.
من دون دعوة
ولفت د. حداد كان الراحل الفنان الفرد سماوي لا يبخل على أحد من طلابه في تعليمه العزف على العود، فتدرّب على يديه الكثير من محبّي الموسيقى والغناء وتعلموا منه العزف على العود الذي يمتلكه، وهو العود الوحيد الموجود في إربد في ذلك الوقت، كان الناس يدعون الفنان الراحل ألفرد سماوي في أفراحهم لإحياء الحفلات، ويلبي الدعوة بكل طيبة خاطر دون أن يتخذ من فنه سبيلاً للتكسب المادي، بل كان يغضب غضبا شديدا اذا ما أراد احدهم ان يعطيه مالا، فيرفض رفضا باتا ان يأخذ أي مبلغ من أي شخص مهما كان وضعه الاجتماعي والمالي، لذلك كان أهالي إربد، يبجلونه ويكرمونه عند حضوره الى أفراحهم، فيستبقلونه بكل ترحاب، بل ان بعض الأهالي كانوا يتقاطبون الى مكان الحفل من دون دعوة ليستمعوا الى عزفه وصوته العذب.
ولفت د.حداد الى أن الفنان الراحل توفيق النمري تتلمذ على يد الفنان ألفرد سماوي وتعلم منه فن العزف على العود، وظل توفيق النمري طوال حياته وفي كل مناسبة يذكر ان أستاذه ومعلمه على آلة العود، هو الفرد سماوي، فيما كنت قد كتبت عن حياة الفرد سماوي في أطروحة الدكتوراه، (الاغنية الاردنية المعاصرة) كأول عازف على آلة العود في مدينة أربد.
منجزات الفرد سماوي
يذكر بان ولادة العازف الفرد برهم سماوي كانت في العقد الثاني من القرن العشرين، تحديداً في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني عام 1913، حيث شكلت مدينة اربد مسقط رأسه، فقد أقامت فيها عائلته القادمة من بلدة الفحيص في البلقاء، ولم تكن نشأته في هذه البلدة الكبيرة التي سرعان ما تحولت إلى مدينة ناشطة، يختلف عن أبناء تلك الفترة، التي عانى فيها الناس من الفقر وغياب الاهتمام والتنمية، ولم تكن المدارس متاحة للجميع، بسبب ندرتها، وبعدها عن كثير من مواقع إقامة الطلبة، وبالرغم من ذلك حظي الفرد بفرصة الالتحاق بالمدرسة، وقاوم ظروفاً معيشية متعددة وواصل دراسته، حتى وصل إلى الصف العاشر في مدرسة ثانوية اربد، ولم يتمكن من إكمال دراسته بعد ذلك، فقد كان عليه الانخراط في سوق العمل، من أجل تحقيق دخل يساعد في تحمل أعباء الحياة، فيما من منجزات الفرد سماوي تأسيس نادٍ للتمثيل والموسيقى في محافظة اربد عام 1945، حيث عمل النادي على استيعاب المواهب في المنطقة في التمثيل والعزف والغناء، بالتالي قدم للساحة مواهب على مستوى عالٍ من الأصالة والقدرات المدربة والمصقولة، وهذا كان له أكبر الأثر في رفد الساحة الفنية المحلية بالخامات المؤهلة في هذه المجالات النادرة في تلك الفترة، كما عمل النادي ومن خلال نشاط الفرد سماوي على دعوة عدد من الفرق المحلية والعربية، من أجل إقامة حفلات فنية من بهدف تحقيق التواصل وتوفير الاحتكاك للعازفين والمغنين الأردنيين خاصة في منطقة الشمال، ومن هذه الفرق العربية: فرقة علي لوز المصرية، وفرقة المحمصاني اللبنانية، وفرقة المغني سلامة الأغواني، وهذه الأخيرة كان سماوي يعزف معها على آلة العود بدعوة من مؤسسها الأغواني، كما عمل الفرد سماوي على تشكيل فرقة عزف خاصة أطلق عليها اسم « فرقة الشموع « وهي فرقة بقيت تابعة لنادي التمثيل والموسيقى، وقد تشكلت الفرقة من عدد من العازفين منهم، الفرد سماوي على آلة العود، وفؤاد عكاوي مطرباً وعازفاً على الكمان، وجوزيف عكاوي على الكمان أيضاً، وجواد الأفريقي على آلة الناي، وكان يعود ريع حفلات هذه الفرقة لصالح النادي، كما يذكر ذلك أنس ملكاوي في مجلة فنون، وهي فرقة كان لها نشاط ملحوظ في اربد والحصن وبعض المناطق المحيطة، وأسهمت في نشر الثقافة الموسيقية وزيادة تقبل الناس لهذا النوع من الفنون وتقديرهم للعازفين والمطربين، مما أوجد حالة من الوعي المستنير، الذي أحل هذا الفن والقائمين عليه المكانة المناسبة.