الغد- عزيزة علي
يأتي عدد مجلة "فنون" الـ56، الذي يحتفي بالفن التشكيلي في الأردن من خلال السنوات العشرين الأخيرة، بزخم المشهد الثقافي والفني الأردني؛ حيث يحتفي هذا العدد بذاكرة المكان، بثراء التراث وبتجليات الفن المعاصر.
وقد تناول ملف عدد المجلة التي تصدرها وزارة الثقافة الأردنية، سيرة الفنان الأردني ياسر الديوك، إلى جانب مواضيع تنسج القصص والتجارب جسورا بين الماضي والحاضر، بين الصورة والكلمة، بين الفكر والوجدان، لتفتح أبوابا جديدة نحو فهم أعمق للفن كنبض حياة وإنسان.
كتبت هيئة التحرير بعنوان "تنوع ثقافي يثري مساحات الجمال"، أكدت فيه أن هذا العدد من مجلة "فنون" يتوقف عند فكرة التنوع الثقافي، بوصفه عاملا يعزز النسيج الاجتماعي من جهة، ويثري جماليات الفنون من جهة أخرى. ويضم العدد موضوعا خاصا عن الأزياء الشركسية، التي تعبر عن خصوصية أحد عناصر التراث الشركسي، ممثلة في اللباس بما يحمله من عمق تاريخي، وجمال في الطراز، وتنوع في الألوان، إضافة إلى ما يجسده من قيم الفروسية والاحتشام. وتعد هذه الأزياء في الوقت ذاته جزءا من التراث الوطني الأردني، بما يعكسه من تنوع وتعدد في العناوين الثقافية.
وتضيف هيئة التحرير، أن العدد يشتمل على ملف خاص بالفنان التشكيلي الرائد ياسر الدويك؛ أحد مؤسسي محترف الكرافيك، وأحد واضعي مناهج التربية الفنية، ليس في الأردن فحسب، بل في عدد من الدول العربية أيضا. ومن ذاكرة المكان، يتضمن العدد تدوينا لتاريخ أول سينما في الأردن، التي حملت اسم "الإمارة"، وأقيمت في أربعينيات القرن الماضي، لعرض الأفلام في فترتي النهار والليل. وقد استمرت في تقديم العروض السينمائية لمدة عامين.
وتناول العدد، أيضا، مقاربة بين الزخرفة والكتابة، إلى جانب قراءة فنية في لوحة الفنان المصري الرائد محمود سعيد، التي حملت عنوان "ذات الجدائل الذهبية". وقد صرح الفنان قائلا "لقد حاولت أن أجعل من "ذات الجدائل الذهبية"، موناليزا مصرية أو شرقية، موناليزا الأنوثة والفتنة والغواية"، وقد تعددت التفسيرات والتأويلات حول هوية صاحبة الجدائل، ما أضفى على اللوحة مزيدا من الغموض والجاذبية".
واشتمل العدد، كذلك، على موضوع حول فن العلاج بالماندالا؛ حيث يؤكد عالم النفس الشهير غوستاف يونغ، أن الإبداع الفني يشكل وسيلة فريدة للتواصل مع اللاوعي. ويشير إلى أن هذا النوع من الفن يشجع على إقامة حوار بين الصورة الفنية وصاحبها، من خلال تحفيز النقاش، الذي يعد جوهر ما يعرف بـ"تقنية الخيال النشط".
وتساعد هذه التقنية على تحقيق التوازن النفسي واستكشاف الجوانب الخفية من الذات، إذ تتيح لنا التقاط ما يريد العمل الإبداعي إيصاله، كما لو أننا نلتقي بشخص غريب في الشارع ونصغي إليه وهو يروي لنا قصته. وبهذه الطريقة، نلتقي بجوانب متعددة من ذواتنا الكامنة "اللاواعية".
إلى ذلك، يعاين العدد مجموعة من المواضيع المسرحية التي تتصل بالقضايا النظرية والتطبيقية، من بينها قراءة في مسرحية "كاميرا" للمخرجة مجد القصص، إلى جانب عرض لكتاب "هوامش درجات الفرجة"، الذي يتناول مفهوم الفرجة وتحولاته في سياق العرض المسرحي.
كما تضمن العدد قراءة في فن الكولاج في المسرح، إلى جانب تناول النص المسرحي في سياق فنون ما بعد الحداثة؛ حيث أدت سطوة عصر الصورة في مسرح ما بعد الحداثة إلى تحولات جوهرية في بنية النص المسرحي، سواء من حيث جسده أو طريقة كتابته للمشاهد، ما أسفر عن تراجع دور الحوار، وأصبح الإنسان مجرد عنصر مادي من بين عناصر المشهد الأخرى كافة، التي تؤسس المشهد في شموليته وكليته، وأصبح من الممكن التعبير عن المعاني والأفكار من دون الحاجة إلى الكلمة.
وثمة قراءات في النصوص البصرية التشكيلية تعاين الالتزام الاستيعادي من الفضاء التأويلي إلى العالم المادي، وتجريد المعنى في الفن التشكيلي، والفن الإيكولوجي، ونظرية المحاكاة في الفن، بالإضافة إلى موضوع تقييم العمل الفني.
وأخيرا، ضم العدد رف الكتب، وشهادة في التجربة، ونصا على النص، مما أضاف أبعادا متنوعة وغنية للمحتوى الثقافي والفني.
تعنى مجلة "فنون"، التي يرأس تحريرها حسين نشوان، ويتولى إدارة تحريرها حسين دغيمات، بتسليط الضوء على المشهد الثقافي والفني في الأردن. وتضم هيئة التحرير كلا من: عدنان مدانات، د. إبراهيم الخطيب، ود. فؤاد خصاونة. وتشغل سناء العبداللات منصب سكرتيرة التحرير، فيما يتولى عارف عواد الهلال مهمة التدقيق اللغوي، ويشرف يوسف الصرايرة على الإخراج الفني.