عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Nov-2019

العنف والضلع المستقيم* رمزي الغزوي

 الدستور -

البيوت ليست مقفلة تماماً، فقد تكون جراراً فخارية، يرشح منها ما يشي عما تخفي. فكم من رجال نحسبهم ملائكة، أو نسّاكاً تأكل الهرة العمياء عشاءهم، رجال من ذوي ربطات العنق اللامعة والبدلات الرفرافة. رقيقين كلوح شوكولا، يسوحون خجلاً مع الزميلات والصديقات، وفي بيوتهم يصيرون صخوراً جلاميد.

هؤلاء لو أفصحت نساؤهم عن سلوكياتهم العدوانية السادية، وعن فنونهم في العنف والتعنيف، وعن براكينهم حين تثور، وزلازلهم إذ يكشرون عن أنيابهم، لتقززنا، وهربنا غير مكتفين بكتم أنوفنا، وعيوننا وأسماعنا!.
ما زلت أذكر اتصالاً هاتفياً لسيدة باكية مع إذاعة محلية كادت فيه أن تفصح عن اسم زوجها الهمام، صاحب المكانة الاجتماعية المرموقة، وحامل اللقب العلمي الكبير(على حد وصفها)، فهو يدللها بالضرب المبرح، والمهانات اليومية، وأنه ينقلب من إنسان مهيب أليف، إلى وحش مخيف عنيف، حين يدخل البيت!. 
في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي صدف مروره يوم أمس، وحفل بنشرات غسيل لأرقام وحالات مرعبة عن عنف موجه (لنصف الحياة الذي يرعى نصفها الآخر). ودون أن نخرج من حدودنا، فما زالت معدلات العنف ضد المرأة تسجل ارتفاعا مقلقاً ومخجلاً.
ودائماً ما خفي أعظم!، فلا يظهر من جبل الجليد الطافي في الماء إلا ثلثه أو أقل قليل!، فلو كشفت بعض من النساء اللواتي يتخذن القاعدة الشعبية (غلب بستيره ولا غلب بفضيحة)، لو كشفن عن البقع الزرقاء لظلال اللكمات، والكدمات، والصفعات، التي علقت بصفحات جلودهن إثر موجات ضرب صاعق من لدن أزواجهن المغاوير؟!. وماذا لو قالت كل امرأة عن هذا الذي يبدو وديعاً مطيعاً مع كل نساء العالم، وينقلب ذئباً هصوراً مع شريكته، وأم أولاده؟!.
ما زال هناك من يعتقد أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وستظل عوجاء، ومهما قومتها، ولن تستقيم إلا بالضرب والعنف، وينسى صاحب هذه النظرة القاصرة الرجعية أن مهمة الضلع، أن يكون منحنياً وحادباً ومعوجاً؛ كي يحمي القلب في قفص الصدر، ويحمي الإنسانية من عوجها. فاستقامة الضلع في إعوجاجه الحاني.
وينسى كذلك، أن المرأة قد تتحمل إلى حد ما عوج الرجل و(جقمه)، كي تستقيم الحياة. ولكنها قد تنكسر في لحظة ما. ربما على هؤلاء، أن يتذكروا أكثر أن ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم. فرفقاً بالقوارير.