عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Apr-2020

المعركة ضد كورونا.. قرارات ترامب في ميزان رؤساء الحرب الأميركيين

 

واشنطن - محمد المنشاوي- قال بعض كبار المسؤولين الأميركيين إن تطورات انتشار وباء كورونا، وما يرتبط به من ارتفاع كبير في أعداد الضحايا، تجعل بلدهم "دولة في حالة حرب"، وقدم الرئيس دونالد ترامب نفسه كرئيس دولة في حالة حرب ضد ما وصفه بالعدو غير المرئي، قائلا إنه "موقف صعب جدا جدا". وأما الجراح العام الأميركي الأدميرال جيروم آدامز فكان أكثر تشاؤما حين قال "سيكون هذا أصعب أسبوع وأكثر الأسابيع حزنا في حياة معظم الأميركيين".
وأضاف الأدميرال آدامز أثناء مشاركته في برامج حوارية تلفزيونية الأحد الماضي، "الأمر سيكون أشبه بلحظة بيرل هاربور أو بلحظة 11 سبتمبر/أيلول (2001)، إلا أنه لن يكون في مكان واحد"، في إشارة إلى أن فيروس كورونا لا يهاجم منطقة واحدة، بل يمتد انتشاره في مختلف أرجاء الولايات المتحدة.
 
وتسببت الهجوم على قاعدة "بيرل هاربور" الذي نفذته اليابان على الأسطول الأميركي في المحيط الهادي عام 1941، في مقتل 2400 أميركي، وهو ما أدى إلى إعلان واشنطن الحرب على طوكيو، ودخولها معترك الحرب العالمية الثانية.
 
وأما هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية، فنتج عنها مقتل ما يقرب من 3000 أميركي، وتبعها إعلان واشنطن الحرب على ما أطلقت عليه حينها "الإرهاب العالمي".
 
رئيس حرب
دفع وصف ترامب نفسه بأنه رئيس في حالة حرب ليقارن الكثير من الخبراء والمحللين قرارات ترامب بقرارات نظرائه في حالة الحروب الكبرى التي خاضتها الولايات المتحدة.
 
ولم يقر الرئيس الأميركي بوجود مخاطر جسيمة على بلاده جراء الوباء إلا في منتصف الشهر الماضي، واستمر في حالة الإنكار لمخاطر فيروس كورونا على الولايات المتحدة لشهرين كاملين، وذلك حتى بعدما أبلغت السلطات الصحية بحجم المخاطر المتوقعة في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي.
 
ولم يتخذ ترامب قرارات مصيرية لمواجهة مخاطر الفيروس الذي نتج عنه حتى نهاية أمس الاثنين وفاة 11 ألف أميركي، وإصابة ما يزيد عن 369 ألف آخرين.
 
وبعدما ظهرت لترامب خطورة الوضع وقّع حزمة المساعدات الاقتصادية التي مررها الكونغرس بقيمة 2.2 تريليون دولار لدعم القطاعات الحيوية المتضررة، مثل شركات الطيران والشركات الصغيرة، كما تضمنت الحزمة منح كل أميركي يقل دخله عن 75 ألف دولار سنويا دعما ماليا بقيمة 1200 دولار شهريا.
 
وقررت إدارة ترامب أيضا تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي، الذي يسمح له بإلزام شركات بإنتاج أجهزة التنفس الصناعي الضرورية لمواجهة انتشار وباء كورونا.
 
وتتيح مقارنة قرارات ترامب بنظيراتها التي اتخذها رؤساء "حالة الحرب" في التاريخ الأميركي، إدراك ضآلة ما قام به الرئيس الأميركي حتى الآن.
 
قرارات أبراهام
اتخذ الرئيس أبراهام لينكولن قرارات بين عامي 1861 و1865 أسهمت في حفظ اتحاد الولايات المتحدة من الانفراط والتقسيم إبان الحرب الأهلية التي عصفت بالاتحاد الجديد آنذاك.
 
ونجح لينكولن في إعادة الولايات التي انفصلت عن الاتحاد بقوة السلاح، وإنهاء العبودية قانونيا في العام 1865.
 
ولتحقيق ما سبق ذكره، استطاع لينكولن تشكيل جيش من الولايات الشمالية قوامه مليون رجل، في وقت بلغ فيه عدد السكان 20 مليون نسمة، أي أن قوام الجيش بمعايير الظروف الحالية يتخطى 16 مليون مقاتل.
 
قرارات ويلسون
لم يدخل الرئيس الأميركي السابق وودرو ويلسون الحرب العالمية الأول إلا مضطرا، فقد كان أكاديميا حاصلا على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة جون هوبكنز، وترأس جامعة برينستون المرموقة قبل أن يصبح رئيسا للبلاد.
 
وقاد ويلسون الولايات المتحدة خلال الحرب، وأدخل قانون الخدمة العسكرية الإلزامي، فتم تجنيد عشرة آلاف فرد يوميا، وأرسلوا إلى فرنسا للمساهمة في المجهود الحربي، وأقدم الرئيس على رفع الضرائب على الدخل، واقترض مليارات الدولارات من الشعب عن طريق إصدار سندات حكومية، وأسس مجلس الصناعات الحربية، وأمم كل نظم السكك الحديدية في البلاد.
 
وعقب الحرب، حصل وودرو على جائزة نوبل للسلام عقب طرحه فكرة تأسيس عصبة الأمم التي كان له الدور الرئيسي في خروجها للنور.
 
قرارات روزفلت
فاز فرانكلين روزفلت في أربعة انتخابات رئاسية متتالية، وبرز كشخصية مركزية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية عن طريق محاربته وانتصاره في معركة الكساد الكبير الذي ضرب الولايات المتحدة في العام 1929.
 
ففي أول مئة يوم لولايته، أقر روزفلت مجموعة قوانين اتحادية لإغاثة الشعب من خلال خلق وظائف حكومية لملايين المعطلين، وإصلاح بورصة وول ستريت.
 
وبعد الهجوم الياباني المفاجئ على قاعدة "بيرل هاربور" في ديسمبر/كانون الأول 1941، نال الرئيس موافقة الكونغرس على إعلان الحرب على اليابان، ثم أعلن الحرب على ألمانيا بعد ذلك بأيام قليلة.
 
وأشرف روزفلت على تعبئة الاقتصاد الأميركي لدعم المجهود الحربي في الجبهات الأوروبية والآسيوية، ونفذ إستراتيجية حربية على الجبهتين، والتي انتهت بهزيمة دول المحور (اليابان وألمانيا وإيطاليا) قبل أن يشرف على تطوير وإنتاج أول قنبلة ذرية ألقيت على اليابان في العام 1945. وبعد الحرب، أشرف الرئيس روزفلت على إنشاء الأمم المتحدة، وتأسيس نظام بريتون وودز لتنظيم الاقتصاد العالمي.
 
فرصة ترامب
غيرت تبعات انتشار فيروس كورونا في الأسابيع الماضية وجه العالم والولايات المتحدة، فقد توفي أكثر من 74 ألف شخص حول العالم، وأصيب أكثر من مليون و350 ألفا بالوباء حتى الآن، وتوقفت عجلة الاقتصاد العالمي مع إغلاق الشركات والمصانع والمدارس والجامعات، وبقاء أكثر من ثلاثة مليارات من البشر في عزل منزلي غير مسبوق.
 
وتتيح الظروف القاتمة في العالم والولايات المتحدة ظرفا تاريخيا نادرا للرئيس الأميركي دونالد ترامب لمعرفة وتقييم قراراته، وستكشف الأيام المقبلة ما إذا كانت ستبرز قيادة ترامب في هذه الظروف الاستثنائية أم ستكون فرصة نادرة أضاعها ليُسطّر بها إرثه التاريخي.
 
المصدر : الجزيرة