عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Oct-2022

من أجل أطفالنا وأطفال العالم*د. زيد حمزة

 الراي 

التزام الحكومات بالمواثيق والاتفاقات الدولية بعد التوقيع عليها يصبح قانونيًا ويندرج في صلب تشريعاتها الوطنية التي على مواطنيها التقيد بها بمرورها بالمراحل الدستورية، وهذا ما عهدناه في علاقاتنا مع منظمة الامم المتحدة وهيئاتها المختلفة كالصحة العالمية والعمل الدولية واليونيسيف واليونيسكو وسواها، لكن ماذا عن دول غير ديمقراطية صادقت حكوماتها مثلاً منذ زمن طويل على الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين الصادريْن بموجبه وتنتهكه أحيانا بلا هوادة، او تتحايل عليه بسن قوانين التوقيف الاداري دون محاكمة او تغض الطرف عن ممارسة اجهزتها الامنية للتعذيب المحرم بموجبه، أو اخرى تخرق حق العمال في تأسيس نقاباتهم المستقلة عن سيطرتها، وماذا عن أخرى صادقت في منظمة الصحة العالمية على الاتفاقية الاطارية لمنع التدخين في الأماكن العامة ومع ذلك ترددت لعدة سنوات قبل تطبيقها جديًا فتساهلت مع المطاعم ومنحتها استثناءاتٍ مضحكة ومنافية للجدوى الصحية بحجة تشجيع السياحة، وأسوأ تلك الاستثناءات ما تعلّق بآفة الارجيلة حفاظاً على الصناعة الوطنية للمعسّل! وتأتي المفارقة الاخيرة بمسايرتها للنواب في السماح لهم بالتدخين تحت القبة ربما لأنهم يحملون هموم الشعب و”دخِّن عليها تنجلي» ! واذا وسّعنا دائرة التعمق في مغزى الالتزام لوجدنا دولاً كبرى ساهمت في صياغة ميثاق الامم المتحدة نفسه كانت مع ذلك في مقدمة خارقيه كالولايات المتحدة في تاريخها الممتد الحافل بالعدوان على سيادة وأراضي دول اخرى لمجرد انها لا تقبل الرضوخ لهيمنتها كما فعلت في ڤيتنام وكوبا والعراق وسوريا وليبيا وافغانستان ودبرت الانقلابات الدموية في اندونيسيا وتشيلي كما ساندت وسوّغت كل اشكال العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
 
نعود للدائرة الأضيق في تعاملنا نحن في الاردن مع مواثيق او اتفاقات دولية صادقت حكوماتنا عليها واصبح لزاماً علينا احترامها وكان آخرها اتفاقية حقوق الطفل التي اندلع الجدل حولها قبل أسابيع وكاد أن يؤدي إلى حرمان اجيال قادمة من أطفالنا من حقوقهم الأساسية بحجج متنوعة منها المحافظة على سلطات أبوية موروثة لم يعد لها مكان في المفاهيم والقيم الإنسانية المعاصرة بل تشكل حجْرًا على عقول الناشئة النامية المتطلعة للحرية فلم تعد تقبل الهيمنة والاملاء، ووضعها في قبضة أجيال ذاهبة، ليس احتراماً لمبادئ التربية الديمقراطية الحديثة بل خوف من انهيار تقاليد قديمة دارسة مضى زمانها وقد أدت فيه دورها (مشكورةً)! أما «التحفظ» لدى المنظمات على مادة أو أكثر من تلك الاتفاقات او العهود ففي ظني ان الحكومات غير مقتنعة به بل تستخدمه كتغطية وتمويه وترضية وهي تعلم انه باطل قانونيًا.
 
وبعد.. لقد توقف صخب الجدل بتصديق مجلس الامة على الاتفاقية واصبحت جزءًا لا يتجزأ من تشريعاتنا واجبة الطاعة والاحترام على الجميع، دون تمييز بين من كان مؤيداً او كان معارضاً، فعليهم ان يثقوا بان الجهود البشرية الخيّرة حول العالم لم تعمل في خدمة الاهداف الغربية المشبوهة حين توصلت لهذه الاتفاقية بل من اجل مصلحة الاطفال وتحقيق مستقبل مشرق لهم في كل مكان، وعلينا ان نلتف حولها لحمايتها من أي عبث او تلاعب حتى لو جاء من الحكومة نفسها..