عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Apr-2025

وداعاً لحاج الرجاء الكبير البابا فرنسيس| الاب د. رفعت بدر

عمون

ليس صدفة أن يغادر البابا فرنسيس هذه الحياة، في اليوم التالي لعيد الفصح المجيد، فالوقفة التي وقفها يوم أمس، كانت بمثابة التوصيات والأمنيات التي يريد تحقيقها قبل رحيله ، وكأنه كان يسلمها لخليفته، فقد تحدث يوم أمس في عظة عيد الفصح المجيد وفي البركة التي أرسلها لمدينة روما والعالم ، عن ألمه ليس الألم الجسدي وإنما عن ألمه المعنوي، بأن هنالك أموراً ما زالت تؤرق البشرية وأهمها الحرب، والعنف، وقتل الإنسان لأخيه الإنسان. 

 

إلى ذلك دعا بابا فرنسيس إلى وقف إطلاق النار والسلام في أوكرانيا، وكذلك دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة، غزة الجريحة التي نالت كثيراً من همومه وأفكاره واتصالاته المستمرة مع كنيسة العائلة المقدسة وهو إذ يدعو إلى الاهتمام بمسيحيي الشرق ومسيحيي غزة، فإنه يدعو إلى احترام الصورة الرائعة والتاريخية للشرق الأوسط بأن يكون محتضناً للتعددية، ومحترماً للمكونات الدينية كافة.

يمضي البابا فرنسيس اليوم بضمير مرتاح طبعاً، ولكن بقلب متألم على الكثير من الأمور التي لم يبصر النور لها خلال حياته الأرضية. ونحن كمؤمنين نقول بأنه سيتابع صلاته من أجل أهل الأرض لكي تتحقق هذه الأمنيات جميعاً، ولا ننسى بأن البابا فرنسيس قد دمغ حبريته على مدار اثنتي عشر عاماً بالعديد من المرتكزات التي بنى عليها هذا الحضور الساحر، والحضور المتواضع، والحضور المؤثر، في نفوس وضمائر العديد من سكان الأرض، وبالأخص في البلدان التي زارها وبذر فيها بذار الخير والمحبة والأخوة، والأخوة الانسانية. نعم، الأخوة الإنسانية التي كانت موضوع وعنوان الوثيقة التاريخية التي وقعها مع شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب في عام 2019، حينما جدد التعاون والاستعداد الدائم لأن يكون المسلمون والمسيحيون دائماً في خط التعاون، والتلاحم، والتلاقي لما فيه خدمة الإنسانية والأخوة بين جميع البشر.

وهنا نستذكر أيضاً الزيارات التي قام بها البابا فرنسيس إلى بلداننا العربية بين مجموعة من الزيارات أيضاً التاريخية التي قام بها، فقد زار الأرض المقدسة، بحج تاريخي في عام 2014 واستهل ذلك في الأردن بلقاء جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ، وبقداس حاشد في إستاد عمان، وبصلاة من أجل السلام في موقع المعمودية – المغطس. وكذلك زار فلسطين وصلى في القدس، وصلى في بيت لحم، وبكى عند حائط الفصل المقام في بيت لحم، وفي زيارته إلى المسجد الأقصى صلى لكي لا يكون هنالك أي مجال لتطرف الأخ تجاه أخيه. ونستذكر الزيارة التي قام بها إلى العراق الشقيق والأمل الذي زرعه هناك، والزيارة إلى الإمارات وتوقيع الأخوة الإنسانية، والزيارة إلى البحرين، والزيارة إلى مصر الشقيقة وتوقيع اتفاقية تعاون وأخوة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكذلك زيارته التاريخية إلى المغرب العربي.

دعاؤنا إلى الله أن يستمر هذا الإرث التاريخي الذي يتركه البابا فرنسيس، وأن تستكمل الكنيسة الكاثوليكية الإصلاحات التي قام بها البابا فرنسيس، لتكون دائماً خادمة للبشر جميعاً. وثانياً نرجو من الله تعالى أن يصغي الحكام وأصحاب المسؤوليات السياسية، وبالأخص من يقررون مصائر الشعوب أن يصغوا إلى النداءات المتكررة للبابا، وأن يقوموا بصنع السلام وإدامته وبالأخص في غزة، وفي سائر فلسطين، وكذلك في أوكرانيا، والسودان. أيتها البشرية ، لا تنسي الوصايا التي بثها البابا فرنسيس في آخر إطلالة له على البشرية قبل أن ينتقل إلى الملكوت السماوي.

لروحك الرحمة ايها البابا فرنسيس ...