عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Jul-2022

تنمر.. جريمة..عقاب.. ردْع*ناديا هاشم العالول

 الراي 

حلقات متشابكة من التنمر تؤدي كل واحدة الى الأخرى يتم التغاضي عنها أحياناً حتى بدأ يتفشى بوضوح لعدم تجيير آلة الردع/ العقاب/ وفق معايير قانونية أسرية مدرسية جامعية مجتمعية إعلامية مؤسسية تندرج كلها تحت مظلة رادعة ألا وهي سيادة القانون على الصعد كافة..
 
فالتنمّر الذي هو أساس كل علة إجرامية ينجم عن استعراض القوة او السيطرة على الجاني او استغلال ضعف المجني عليه بسبب جنسه أو عرقه أو دينه او أوصافه البدنية او حالته الصحية او العقلية او مستواه الاجتماعي بقصد تخويفه او وضعه موضع السخريه أو الحطّ من شأنه او إقصائه عن محيطه الاجتماعي..
 
فهؤلاء المتنمرون يجب وضعهم تحت طائلة القانون لأنه إن لم يتوقفوا عند حدهم سيتحول بعضهم الى مشروع مجرم مستقبلاً..
 
ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.. فهل نقبل ان تتراكم سلوكيات التنمّر لتطغى وتصبح بمثابة ثقافة شعبية منفّرة ينأى الآخرون عن الاقتراب منها لئلا ينالهم قسط مؤذ سواء على مستوى السياحة أو الاستثمار..
 
يا الله لو يدرك المتنمّرون عواقب تنمرهم!
 
ولكن للأسف يتم التغاضي عن التنمر الذي تفشّى بوضوح الآن علما بأن بوادره تجلّت وبخاصة في المدارس حيث تتحطم معنويات الأجيال الصاعدة على يد فئة متنمرة تنقضّ على التلاميذ المسالمين فيشرّحونهم نفسيا عبر لعبة قميئة لا تلقى ردعا ولا عقابا من الهيئات المدرسية فتترك آثاراً نفسية سيئة على الضحية/ ذكراً أو أنثى/ فتقودها الى الشك بالذات والإنتحار وقد تنقلب الضحية نفسها إلى جلاد لتثأر لنفسها لتنتقم من ظالميها.. وهكذا..!
 
بالمناسبة ينمو التنمر في المدارس عندما تجامل الإدارة المدرسية المعتدي على حساب المعتدَى عليه وهكذا يترعرع التنمر ويتكاثف لأنه وجد البنية التحتية المناسبة التي ترعاه باستحياء خوفا من عواقب قادمة عنوانها: «أنت مش عارف أنا ابن مين"؟
 
فمنذ عقد من الزمان ونحن نلمس ارتفاع حدة التنمر ولم نفعل شيئا إما حذرا أو خوفا وهذا سبب بليتنا الكبرى التي فتحت المجال واسعا امام المتنمر ليصبح قاتلا مجرما مطلوبا للعدالة..
 
علاوة على أن المتنمر نفسه/ كما يؤكد خبراء علم النفس/ فهو يعاني من أزمات نفسية فيجد من ايذاء الضحية متنفسا له ووسيلة لاثبات ذاته.
 
وهكذا ونتيجة لمثل هذا التغاضي وللعقد النفسية الدفينة ترتفع نسبة التنمر لتصل لحد الجريمة في ظل شقلبة الموازين وبعثرة المعايير حتى اصبحت إساءة الأدب عنوان الثقة بالنفس.. «ومَنْ أساء الأدب أمِن العقاب».. وهنا مربط الفرس!
 
فجريمة القتل التي راح ضحاياها 19 طفلاً بمدرسة في تكساس سببها التنمر والقاتل عانى هو نفسه من التنمر في المدرسة الثانوية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مما خلق عنده عقدة دفعته لارتكاب جريمة نكراء ثأرا لكرامته المهدورة.
 
وها هو جرس الإنذار يقرع عندنا في عقر دارنا آخذا قرعه بالإشتداد منبها لجرائم عدة تم ارتكابها بظرف أيام بسيطة ضحاياها معظمهم من النساء مما يستدعي إعلان حالة الاستنفار لوضع خطة علاجية تستأصل التنمر من جذوره..
 
فالتنمر ظاهرة اجتماعية سريعة الانتشار تحتاج الى تضافر مجتمعي وطني ودولي لمكافحتها، خاصة انها تتسبب في تدمير الأفراد والمجتمعات فبين منتحر وقاتل ومقتول يبرز السبب الأكبر وراءها بداية الشرارة لتلك الجرائم سببها الأهل لإهمالهم فلذات أكبادهم ولم يتم علاجهم لا من قبل الأسرة ولا المدرسة حتى فات الأوان..
 
ومن هذا المنطلق لا بد وان يدرك الأهل ان منبع التنمر هو الأسره فعليهم مراقبة سلوكات اولادهم فالتنمر سلوك مرفوض ينافي قيم السِّلم وحُسْن الخلق فقد خلقنا الله أسوياء ونهانا عن نبذ بعضنا البعض وقد قال تعالى (يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم).
 
نصيحة أخيرة نقدمها إذا كنا نبحث دوما عن السعادة الحقيقية وراحة البال لأنفسنا فهذا يستوجب علينا بأن لا نهدر وقتنا بالتدخل السافر في حياة الآخرين لكي لا يتدخلوا هم في حياتنا.. وحتى لا نصبح جميعا إما قتلى أو متَّهمين..
 
وكان الله بالسر عليم..