عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Dec-2019

يسار إكسترا - جدعون ليفي

 

هآرتس
 
اليسار الإسرائيلي في جنون، هذا جنون أبو بريص. مقالات، عرائض مناشدات، بيانات، متاريس وإعلانات. “يسار موحد، أو يسار منتحر” صرحت أول من أمس واحدة منها. منذ زمن- منذ الانتخابات السابقة – لم يكن هنالك لنا يسار صاخب ونشيط بهذا القدر على ماذا ولماذا؟ على قصف العائلة في غزة؟ على قرار المدعية في لاهاي؟ على طرد أطفال اللاجئين؟ على إشعال الحرب مع إيران؟ بعيداً عن هذه. الأمر الذي أيقظ اليسار من إغماءته هو السؤال الوجودي هل رافيتال سويد ستكون في الكنيست القادمة أم لا، هل أيضا جيلان جيلاؤون سيكون في الكنيست أم لا. هذه هي الحقيقة عن النضال من أجل توحيد اليسار: هو يتركز على السؤال هل الرقم 6 في حزب العمل – جيشر ورقم 5 في المعسكر الديمقراطي سيكون أو لا يكون.
اليسار الصهيوني يغيّر الأسماء والتنظيمات مثلما يغيّر الجرابين، هكذا هو الأمر عندما يكون المعسكر كبيرا وضخما ويفيض على جانبيه. ولكن هذا الاحتفال هو احتفال سنوكر في أحد الأحياء شبه الخالية. في فصائل اليمين، ومن يستطيع حفظ كل أسمائها، الأهداف لديهم واضحة: إحكام قبضة الاحتلال، زيادة المستوطنات، زيادة التنكيل بالفلسطينيين، المزيد من سفك الدماء والمزيد من النهب، تعميق الاضطهاد لعرب اسرائيل، المزيد من هدم البيوت، إغلاق الأفواه التي من شأنها أن تعارض ذلك، تحييد جهاز القضاء، والحفاظ على حكم نتنياهو للأبد، هكذا وبصورة واضحة.
وماذا يريد اليسار الصهيوني؟ لماذا أصلا من المهم وجوده؟ هدفه الواضح والوحيد إقصاء نتنياهو. وهو هدف جدير ولكنه ليس مصيرياً ،كما هو موصوف في التاريخ، لهذا أيضاً السؤال هل عمير بيرتس سيخضع للضغط ويتوحد مع المعسكر الديموقراطي ليس سؤالاً مصيرياً. من أجل ماذا يتحد؟ من أجل أن يجتاز نسبة الحسم. ومن أجل ماذا يجتاز نسبة الحسم؟ من أجل أن يكون سويد وجيلاؤون في الكنيست القادمة.
إن فشل واحد من حزبي اليسار لا يبدو حالياً في الاستطلاعات. ولكن أيضاً إذا حدث هذا فلن يكون نهاية العالم. صحيح أن الكتلة ستفقد عشرات الآلاف من الأصوات ولكن بالتأكيد فإن وجهتها لحكومة وحدة مع الليكود والذي لن يكون فيها لليسار صوت، وحتى لو شُكلت حكومة وسط- يسار فماذا سيحدث؟ ميرتس لا تستطع التأثير فيها، العمل أيضا لن يحاول. حيث الهدف الوحيد هو إقصاء نتنياهو، وعندما يكون هذا وجه كل شيء، فإن كل شيء آخر يتضآءل ويصبح زائداً ويتلاشى. النضال من أجل إقصاء نتنياهو كان يجب أن يرافقه رسم طريق آخر، إلى جانب إطلاق شعارات معظمها لم يعد ذو قيمة، ولكن عندما لا يكون هنالك حقاً طريق أخرى، لماذا نكون قلقين من مستقبل هذين الحزبين المتعفنين.
يسار انتحاري هو يسار ضائع. هو يسار يؤيد تقريباً كل نشاط للجيش الإسرائيلي، هو يسار يؤمن أن جهاز القضاء وإنفاذ القانون لإسرائيل سوف ينقذها، ولهذا يحظر المس به. يسار انتحاري هو يسار لا يجدد قيادته. يسار انتحاري هو يسار يواصل الإيمان بحل الدولتين رغم أنه يعرف أنه انعدمت احتمالات تطبيقه. يسار انتحاري هو يسار لا يتجرأ أن يطرح حوارا مع حماس في غزة، يسار انتحاري هو يسار لا يحاول الاتحاد مع القائمة المشتركة، يسار انتحاري لا يؤمن بحكومة الجنرالات لأزرق أبيض، ويؤمن أنه حينئذ سيكون الوضع جيداً. يسار انتحاري هو يسار يؤمن أن تجنيد الحريديين للجيش الإسرائيلي هو قيمة بحد ذاتها. يسار انتحاري هو يسار وحتى مؤيد للتماهي ما بين معاداة اسرائيل في العالم مع اللاسامية. يسار انتحاري هو يسار كل ما يهمه هو مصالحه التنظيمية، من سيتنافس مع من ومتى. لماذا نزيد قوته في الانتخابات؟ هنا تتوقف الكلمات.”هل ربما اليسار يجب ببساطة أن يموت؟” سألت كارولينا ليندسمان عالم الاجتماع نسيم مزراحي، في نهاية مقابلة مستنيرة ومؤثرة في ملحق “هآرتس” أول من أمس. “إنه ميت” هذا هو جواب المفكر الملهم.