عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2019

واشنطن تحرّض لندن على الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق: لا تقلقوا نحن معكم

 

محمد المذحجي
 
لندن ـ «القدس العربي»: حصر الصراع المحتدم بين النخب الحاكمة في المملكة المتحدة البريطانية الخيارات المتاحة للتعامل مع أزمة بريكست بين خيارين رئيسيين، أولهما إعادة التفاوض حول اتفاق جديد لفك الارتباط بين لندن وبروكسل، أو الانسحاب دون اتفاق. وفي هذه الأثناء تواصل الولايات المتحدة الأمريكية التحريض على تعزيز فرص انسحاب بريطانيا من التكتل الأوروبي دون اتفاق، الأمر الذي من شأنه الإضرار بالاقتصادين الأوروبي، والبريطاني على حد سواء، عبر تقديم واشنطن وعودا للندن بأنها ستملأ الفراغ الذي سيخلفه انسحاب الشركات والاستثمارات الأوروبية في اقتصاد البلاد، إذ اقترحت عليها صفقة للتجارة الحرة دون سقف محدد.
ويواصل حزب العمّال معارضته لأي اقتراح تقدمه رئيسة الوزراء البريطانية، تريزا ماي، بهدف تصوير حكومتها على أنها عاجزة عن إدارة الأزمة. ويخطط حزب العمّال لتوفير الأرضية لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من خلال إيصال عملية مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود. وفي الوقت ذاته يعمل معارضو تريزا ماي في الحزب المحافظ (الذين يتزعمهم بوريس جونسون، وزير الخارجية السابق، والذين يقدر عددهم في مجلس العموم بما يقارب 100 نائب)، على عرقلة محاولات رئيسة الوزراء لتمرير اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي، ومنع تمرير أي اقتراح أو حل آخر بهدف فرض بريكست دون اتفاق.
وفاقمت الإدارة الأمريكية محاولاتها لدفع المملكة إلى الخروج دون اتفاق، خلال الآونة الأخيرة، وآخرها تصريحات مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، جون بولتون، قائلاً: «نحن في أمريكا نتطلع إلى توقيع صفقات تجارية كبيرة مع بريطانيا حرة ومستقلة عن الاتحاد الأوروبي». وأوضح معلقاً على رفض مجلس العموم البريطاني للمرة الثالثة اتفاق ماي مع الاتحاد الأوروبي: «نقول لأولئك الذين يتخوفون من الانسحاب من دون اتفاق: لا تقلقوا نحن معكم، وإنكم تلتحقون بحضن الولايات المتحدة». وأشار جون بولتون إلى رغبة دونالد ترامب الشديدة وتطلعاته لانسحاب المملكة المتحدة من التكتل الأوروبي. وقال إن الرئيس الأمريكي يحرص بشكل كبير على تحقيق إرادة الشعب البريطاني فيما يتعلق ببريكست، وإن ترامب يرغب بفارغ الصبر بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع بريطانيا في أسرع وقت ممكن.
وجدد الرئيس الأمريكي دعمه لوزير الخارجية البريطاني السابق، بوريس جونسون، وعلق على سؤال حول إمكانية أن يحل جونسون محل ماي، وأن يصبح رئيساً للوزراء، قائلاً «أنا أحب بوريس جونسون، وهو صديق لي». وأشاد ترامب بمساعي تريزا ماي لتنفيذ بريكست، معتبراً أن «ماي هي امرأة جيدة جداً، آمل أن تسير الأمور بشكل جيد، وأن يتحقق بريكست. ماي هي امرأة جادة وحازمة وتكافح بشكل جيد».
يذكر أنه كان منذ بضعة أسابيع قد انتقدها بالقول: «لقد نصحت (ماي) بشأن كيفية التفاوض لخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تصغ لنصيحتي»، وأكد أن الاتحاد الأوروبي منذ سنوات طويلة أصبح أحادي الجانب، وأنه يريد الآخرين لخدمته فقط، معرباً عن أمله في أن تخرج مفاوضات بريكست بنتائج طيبة، مشيراً إلى أن واشنطن على استعداد لإبرام اتفاق تجاري كبير للغاية مع المملكة المتحدة في أعقاب خروجها من الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن هذه الاتفاقية للتجارة الحرة ستكون مفتوحة ودون سقف محدد.
ورغم رفض البرلمان للمرة الثالثة اتفاق رئيسة الوزراء على أن ترسل طلبا إلى الاتحاد الأوروبي لإرجاء عملية الخروج من الاتحاد مرة أخرى حتى 30 من حزيران/ يونيو المقبل، إلا أنه من المقرر أن تنسحب المملكة من الاتحاد الأوروبي، يوم 12 نيسان/ أبريل نيسان الحالي. وأكدت ماي أنه في حال توصل أعضاء مجلس العموم إلى اتفاق فسيكون على لندن فك ارتباطها ببروكسل قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في 23 أيار/ مايو المقبل. وأوضحت أن بريطانيا قد تستعد لتقديم مرشحين في تلك الانتخابات، في حال عدم التوصّل لاتفاق. وشككت ماي في إمكانية استمرار حالة الجمود الراهنة، قائلةً إنه «لا يمكن السماح باستمرارها لأنها أسهمت في مدّ حالة من عدم اليقين، وأضرت بالثقة في سياسات المملكة المتحدة». وبينت أنه إذا لم تتمخض المحادثات مع حزب العمّال عن مسلك موحد في برلمان بريطانيا، فسيُطلب من النواب التصويت على سلسلة خيارات لتلتزم الحكومة بها.
وكتبت ماي أنها «تقبل وجهة نظر المجلس الأوروبي بأنه إذا بقيت المملكة المتحدة عضواً في الاتحاد الأوروبي حتى 23 أيار/ مايو 2019، فستكون ملزمة قانونياً بإجراء الانتخابات». وأضافت أنه إذا ما وافق البرلمان على اتفاق للانسحاب قبل ذلك، فإن الحكومة تقترح إنهاء المدة مبكراً حتى يتسنى لبريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي قبل ذلك، وأن تلغي الاستعدادات لانتخابات البرلمان الأوروبي.
ومن الزاوية الأوروبية، قال مصدر رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي أن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، سيقترح تمديدا «مرناً» لعملية بريكست، مدته 12 شهراً، مع وجود خيار لاختزال المدة، إذا توصل برلمان المملكة المتحدة إلى اتفاق. لكن مقترح توسك يتطلب موافقة بالإجماع من قادة الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم الأسبوع المقبل.