عمون-
تختلف بيئة الخطاب في موقع الفيسبوك حيث يقوم التواصل على الحدود الدنيا من المعرفة الشخصية عن تلك السائدة في موقع التويتر سابقًا الذي يمتلكه اليوم شخص عُصابي ولديه الكثير من ملامح الاختلال النفسي فيبدو أن شيوع خطاب الكراهية على موقعه لا يلقى أي عناية أو اهتمام حقيقي إلا إذا تعلق الأمر بإسرائيل، أما أن يكون الأردن موضوعًا للتراشق فالمسألة غير مهمة، ويبدو أن علينا أن نجد الحل الذي يخصنا وأن نناقشه لأن ما يحدث يحمل مؤشرات مقلقة للغاية.
في الأردن شخصيات تقف على طرفي النقيض في الرأي والفكر والتصورات، ومع ذلك لديها الحد الأدنى من النضج والمسؤولية والتأهيل الفكري لتصنع أرضية للحوار، أما أن يخرج بعض المراهقين والعاطلين عن العمل والإنتاج بخطاب تحريضي صريح وفجور في فكرة الخصومة وتشكيك في المؤسسات وتفتيش في النوايا فالأمر يؤشر إلى أزمة حقيقية، خاصة أن بعضًا ممن يصبون الزيت على النار مقيمون خارج الأردن، ومن يقيم فهو يبحث عن شعبية بين فئة تجد حديثه تفريغًا نفسيًا عن أزمات شخصية هي تعبير عن فهم خاطئ أو غير دقيق في الحد الأدنى أنتجته حالة غياب النخبة المشتبكة مع الناس وصعود نخب متفرغة لذاتيتها التي يجب أن تصبح محلًا للمساءلة والمراجعة.
مفاهيم خاطئة وانطباعية ومواقف شخصية وترصدات وتأويلات وفقدان كامل لمبادئ الحوار فضلًا عن أخلاقياته، كلها عوامل فاعلة تجد أرضيتها في موقع يمثل سحابة ثقيلة في سماء مجتمع قامت ملحمته ومسيرته على حساسية أخلاقية واجتماعية تستحق الاحترام والبحث عن روافعها الأساسية داخل المجتمع.
هل يمكن أن يستفيق من يفترض أن يتقدموا لصناعة خطاب وطني من غفوتهم التي تلقيهم للحديث عن مراراتهم الشخصية التي حدثت قبل عشرين عامًا ليبدأوا مرحلة قيادة بناء وعي جديد في الأردن، أم أن عليهم أن يفسحوا المجال لمن يستطيع ذلك، ولماذا يصمت المثقفون الأردنيون في هذه المرحلة، وأين دور الأحزاب في توسعة قواعدها بدلًا من التحول إلى أندية للمتقاعدين السياسيين الباحثين عن فرصة لإعادة إنتاج دورهم من جديد، وأين هو التثقيف الحزبي، ومن يستطيع أن يقف في جامعة أو منتدى ويتحدث بصراحة وشفافية وشجاعة وقبل ذلك بحرص ومسؤولية.
كتبت قبل سنوات عن فكرة غياب الآباء في الأردن، في الثقافة والفكر والأدب، واليوم أخشى أن نصل إلى مرحلة نقول فيها، الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون.