عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Apr-2019

طارق مصاروة - عبدالهادي راجي المجالي

الراي - ..رحل طارق مصاروة، وهذا المقال الثالث الذي أكتبه عنه... خلال هذا العام، فأنا عرفته جيداً.. سافرت معه إلى ألمانيا، وزرته في الكمالية.. ورافقته في مشاويره إلى الأصدقاء، وياما قادتنا خطانا إلى جاره المرحوم (مريود التل)..

كتبوا اليوم عنه في الصحافة، أنه كاتب تنويري... وللأسف هم لا يعرفونه مثلما عرفته، هم لا يعرفون أن طارق مصاروة كان الصحفي الأقرب إلى وصفي التل، هو والراحل جورج حداد.. وطارق لم يكن صحفياً تنويرياً، طارق كان مشروعاً في السياسة ومشروعاً في الصحافة... هم لا يعرفون أن الراحل صدام حسين قال عنه: (لقد قاتل طارق مصاروة معنا.. كما لواء عراقي مدرع)... وهم لا يعرفون أن طارق كان قريباً جداً من الراحل الحسين، وقربه هذا لم يكن حباً فيما يكتب فقط، وإنما كان شريكاً في طبخ القرار السياسي وكان رأيه مهماً وحاسماً...
وها هو يغادر العمر، بعد أن ترك البيان السياسي الذي كان يصيغه، في الإذاعة الأردنية.. زمن الصدام مع عبدالناصر، ترك زمن الحرب الذي أبدع فيه وتفنن في الدفاع عن مشروعنا الوطني وعرشنا ووجودنا، وترك اللحظة التي استشهد فيها هزاع، ويومها تداعى مع أصدقائه وصاغوا بيان الشهادة الأهم.. الذي كان مطلعه: (بورك الدم يا كرك... بورك الدم يا خليل...).
وها أنا أكتب عنه، دمعاً وحزناً... لأنه هو وسليمان عرار.. أول من اهتما بي في منتصف التسعينيات، حين كنت على أول العشرين من العمر، وبدأت الصحافة على خطى القلق والاعتقال والمحاكم، وكانا يحبان الهوية الكركية التي غلفت كل حرف، وكل فاصلة..، كل جملة نثرتها على الورق.. وكانا يحترمان بي هذا الجنون، الذي تفتح مبكراً كبرعم.. يعاند الريح.
طارق مصاروة عاش زمن الحرب، ولم يترك البلد.. ظل في الإذاعة يقاتل مثله مثل أي جندي، وعاش زمن السلام..
ورفض أن يزور إسرائيل، ولم يؤمن بالمشروع كله بل عانده وقاتل ضده، ودفع ضريبة التهميش، وظل ذهنه مشغولاً في وصفي التل... كأنه لم يستشهد وكأنه لم يمت، وكلما كنا نجلس في منزله.. الذي بناه بجانب منزل الشهيد الراحل، ظل يسترجع صفحات من تاريخ وصفي، ويعلمنا نحن الجيل الجديد في القلم والحياة...
كيف يدافع الإنسان عن المعتقد، وكيف يتفادى الظلام والخراب.. لأجل بلده.
غاب طارق (أبو علي)، واكتفوا في الصحافة أن قالوا عنه أنه: كاتب تنويري... لكني لا ألومهم فهم لايعرفونه مثلي، لم يذهبوا معه في المشاوير الطويلة إلى مأدبا، لم يرافقوه إلى ألمانيا... ولم يسهروا في منزله، لم يجلسوا معه ساعات طويلة... ولا يعرفون أن الراحل صدام حسين قال عنه: (أنه لواء مدرع مقاتل)... ثمة فارق بين وصف الليبراليين، الذين تطغى نعومة أصابعهم على التوقيع.. وبين الحراثين الذي يرون وطنهم بقلوبهم ومن ثقب (سبطانة) البندقية.. ثمة فارق في الوصف، وأنا أنحاز لمقولة الشهيد صدام حسين... والتي وصف فيها طارق باللواء المدرع، وهذا اليوم لا أنعى صديقي ومعلمي بل أنعى لواء مدرعاً أردنياً.. ظل حتى آخر رمق من حياته مقاتلاً شرساً، ولم يتعب.
Abdelhadi18@yahoo.com