عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    31-Jul-2019

صومعة آلاء تبث الحياة في سكون الأخشاب المهملة

 

تبث آلاء عبدالرازق الحياة في قطع خشب مهملة فتحيلها الى لوحات فنية تجد لها رواجا بين من يسعون الى اقتناء نماذج الجمال هذه. تقول عبدالرازق التي تتفنّن في محاورة السنديان والبلوط والزان والصنوبر والأرز والجوز، انها تعشق الخشب بأنواعه، فهي تشم فيه رائحة الحياة، فعملت على تطويعه بأشكال هندسية مدهشة الجمال. من الحطام، تنتشل عبد الرازق، قطع الأخشاب المهملة لتعيد إليها الروح والألق في قطعة إبداعية تزين المكان، "فهو عطر المطر الذي نستنشق شذى عبقه"، بحسب تعبيرها. استهوتها النجارة وأعمال الديكور منذ ثلاث سنوات، فهي ترسم قطع الأثاث بدقة متناهية عبر جهاز الحاسوب، وطورت أفكارها إلى فتح منجرة خاصة لها أسمتها (خشبيات) في منطقة حوارة بإربد، تفصّل الأخشاب كيفما تشاء، لتتحول إلى نتاجات تلامس الوجدان وفق ما ترسمه في مخيلتها. "كنت أراقب عمل النجارين من أجل تنفيذ تصميماتي" تقول آلاء، "وكنت أتحمل الكلفة المرتفعة" الا أن سرعة تعلمها للنجارة أسعفتها للعمل باستقلالية داخل مملكتها الخاصة "المنجرة"، وبالرغم من أن هذه المهنة فيها نوع من المشقة - بحسب تعبيرها- إلا أنها تشعرها بالسعادة. يعزّ على آلاء رؤية قطع الأخشاب ملقاة، أو ان تكون نهايتها رمادا بعد حرقها "يحترق قلبي عليها" كما تقول، "فلا أتحرج من حملها وأخذها لإعادة تدويرها واستخراج جماليتها الدفينة في تحفة فنية ذات قيمة، فيصفو حينها ما ما كدر عيناي". "لا توجد كلمات تصف الخشب" بتعبيرها، فأغلب أخشابي من المستعمل، أحيي فيها الروح من جديد، في نسق احترافي، فتجنح نفسي لعملية التدوير، إلا أن الضرورة تستدعي احيانا شراء أخشاب جديدة تدعم تصاميمي وفقاً لرؤية ومتطلبات الزبون". تغريها الأخشاب أينما كانت، فعند ذهابها إلى مصانع الأخشاب ،"النفس تشتهي حينها شراء كل ما بداخله"، وبحسب قولها فهي تحبذ الخشب خاماً غير مدهون وهو ما تحرص عليه في صناعاتها الخشبية. الفن يشكل جزءا لا يتجزأ من مفردات حياة آلاء ،فقد أقامت العديد من المعارض الفنية، وباعت عشرات اللوحات الفنية منها، ما ترك بصمة في شخصيتها . تمضي آلاء وقتها بين الرسم والنجارة، لا فرق عندها بين الليل والنهار طالما الفكرة قابلة للتنفيذ، فموقع منجرتها في الطابق الأرضي لمنزلها، يعد ملاذاً للهروب من صخب الحياة إلى واقع تتلاقى فيه روح الجماليات مع تنفيذ التصاميم، وتستلهم ربط عناصر الطبيعة وألوانها الفنية بتمازج في قطعة نادرة من الصعب تكرارها. وتقول، "الإبداع ليس من وحي الفطرة فحسب، وإنما بالتعلم والتطلع المستمر لآخر المستجدات، ومن خلال متابعة المجلات المتخصصة والتكنولوجيات الحديثة". قد تبهرك أجهزة النجارة التقنية في منجرة آلاء، فجهاز النجارة الواحد يشتمل على ثلاث أدوات، تختصر الوقت والجهد بدقة عالية لضمان جودة منتج متقن باحتراف. أخذت على نفسها عهداً أن تسخّر حياتها للخشب، فمنجرتها هي مملكتها، وملاذها وصومعتها، تعتكف فيها لتجسد كل مهاراتها وإبداعاتها في قطعة خشبية، تتجسد فيها الهوية الذاتية والفكرية بلمسات فنية تستلهم فيها قوة الإحساس وما يجول في الخاطر والوجدان. آملها أن تكوّن ائتلافاً من السيدات ضمن منظومة العمل في مهن غير تقليدية، ممن يعملن في مجال السباكة والدهان والحدادة، بحيث يشكلن فريقاً متكاملاً دون الاستهانة بأصحاب المهن الأخرى. ويبدي أحد موظفي شركة لبيع الأخشاب عمر القواسمة، وله في الخشب وصناعته خبرة تزيد على أحد عشر عاماً، إعجابه بالصناعات الخشبية لآلاء، وبإتقانها، إذ لم يوازيها أحد بهذه الجودة والإتقان . ويشير إلى أن آلاء تختار أخشابها بنفسها، ونحرص على دعمها في مجتمع يصعب عليه فكرة وجود نجارة، وحينما يرى أفراد المجتمع أعمالها وصناعتها ، يكون حينئذ قد آمن بها. رئيسة جمعية النساء العربيات رندة القسوس، قالت ان أعمال النجارة لم تعد حكراً على الرجال، فالنساء الآن هُن الأكثر تمكناً وإتقانا والتزاماً وجدَة في العمل من أي وقت مضى. وأرجأت هذا التمكين إلى وعي المجتمع نتيجة الانفتاح والاقبال على التعلم، وطبيعة التكاليف المعيشية المرتفعة، التي دفعت الكثيرين لتقبل فكرة أنماط جديدة في العمل، والعمل على التشغيل الذاتي ضمن مشاريع تهدف لتحسين مستوى المعيشة وتقليل نسب البطالة. الارقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة للعام 2018 بينت أن نسبة المشتغلات صاحبات الأعمال اللاتي يعملن لحسابهن الخاص تبلغ 8ر3 بالمئة من إجمالي المشتغلات، ونسبة مشاركة المرأة اقتصاديا نحو 2ر15 بالمئة. فيما خلصت أحدث دراسة صادرة عن المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية بعنوان مساهمة المرأة الأردنية في سوق العمل (الواقع والتحديات) إلى جملة من التوصيات لصناع القرار لتبنيها كأساس نحو دعم المرأة وتعزيز عملها في سوق العمل المحلي، منها ضرورة تبني سياسات واضحة وصريحة تدعم دور المرأة، والعمل على تحفيز المؤسسات المالية ليكون لها دور أكبر في تقديم المزيد من التمويل لمشاريع موجهة للإناث.
 
بشرى نيروخ  --(بترا)