عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Aug-2020

إلى أي مدى شكل “النووي الإيراني” رافعة للاتفاق بين إسرائيل والإمارات؟ - بقلم: المقدم احتياط د. رفائيل اوفيك

 

 في أعقاب ثورة الخميني في 1979 أصبح جهد تطوير السلاح النووي مشروع العلم لإيران. بداية، استهدف الجهد إقامة ميزان رعب في ضوء مشروع السلاح النووي العراقي، ولكن رغم هزيمة العراق في حرب الخليج (1991) وإسقاط نظام صدام حسين (2003)، واصلت طهران وبقوة أكبر تطوير سلاح نووي كأداة مركزية في تحقيق تطلعاتها الإمبريالية في الشرق الأوسط.
 
منذ قيامه، يرى نظام آيات الله في الولايات المتحدة وإسرائيل “الشيطان الأكبر” و”الشيطان الأصغر” على خلفية العلاقات الوثيقة التي كانت لهما مع نظام الشاه. وتعاونت الدولتان على مدى الزمن لمنع الجهد النووي الإيراني (باستثناء عهد الرئيس أوباما)، وتعد إسرائيل منذ زمن بعيد موقعاً متقدماً لوقف التوسع الإيراني في المنطقة.
 
تخشى دول الخليج العربية النظام الإسلامي في طهران، الذي حاول غير مرة ضعضعة أنظمتها وضرب عينيه نحو حقول النفط والغاز الهائلة الموجودة في أراضيها. في 12 أيار 2019 مثلاً أصيبت أربع سفن تجارية بـ “عملية تخريبية” حين رست في المياه الإقليمية لاتحاد الإمارات. ورغم نفي إيران مسؤوليتها، حظي الحدث بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية التي قالت إن من بين سبع وعشر ناقلات (بما فيها سفن بملكية سعودية) قد تضررت واحترقت في معظمها تماماً. فبعد نحو شهر من ذلك، تعرضت ناقلتا نفط في خليج عُمان للاعتداء، وفي 14 أيلول تعرضت حقول نفط سعودية لهجوم بطائرات مُسيرة وصواريخ جوالة، الهجوم الذي تسبب بزعم السعودية إلى انخفاض بمعدل 50 في المئة في إنتاج النفط لديها. ومع أن الميليشيا الحوثية في اليمن (المدعومة من إيران) أخذت على عاتقها المسؤولية عن الهجوم، إلا أن محافل في الغرب ادعت بأن الهجوم نفذ من الأراضي الإيرانية. وثمة مصدر آخر يدعو للقلق، وهو المحاولات الإيرانية للسيطرة على الملاحة في الخليج الفارسي، التي وصلت حتى إلى مواجهات مع الولايات المتحدة.
 
تُذكّر هذه الأحداث، بقدر ما، بغزو العراق للكويت في آب 1990، بعد اتهامها بسرقة النفط من حقول النفط في أراضي العراق الجنوبية. ورغم أن ائتلافاً دولياً بقيادة الولايات المتحدة طرد الجيش العراقي من الكويت في بداية 1991، ولو كان البرنامج النووي العراقي قد نضج ليتضمن سلاحاً نووياً قبل الغزو، لتطور التاريخ بشكل مختلف تماماً. ولا شك في أن تداعيات بعيدة الأثر في الشرق الأوسط ستحدث لو حصلت طهران على سلاح نووي. وليس التهديد النووي الإيراني وحده هو الذي دفع الإمارات إلى اتفاق السلام مع إسرائيل. صحيح أن جيش الإمارات يعد الرابع في قوته في المنطقة، سواء من حيث عقيدة القتال التي اكتسبها جنوده في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أم من حيث الوسائل القتالية التي تحت تصرفه، ولكن إسرائيل في نظره تعدّ قوة عظمى ومصدر إلهام في المستويات العسكرية والتكنولوجية. وثمة افتراض بأن حملة تهريب الأرشيف النووي الإيراني إلى إسرائيل قد أثارت انطباعاً شديداً في الإمارات.
 
أما إسرائيلياً فيشكل الاتفاق اختراقاً آخر في خلق علاقات سلام مع دول عربية سيؤدي قريباً إلى علاقات سلام مع عُمان والبحرين، وذلك إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية والإمكانية الاقتصادية الهائلة الكامنة فيه. ولإدارة ترامب، التي عملت كعراب للاتفاق، مصلحة في تحقيقه، من أجل زيادة فرص ترامب في تحقيق ولاية رئاسة ثانية، ولنيته مواصلة تثبيت إسرائيل كعامل استراتيجي باعث على الاستقرار في الشرق الأوسط يغطي على انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.
 
لا غرو إذن في أن طهران ترى في الاتفاق ضربة كبيرة تعظم الضربات التي تلقتها في الآونة الأخيرة، مثل الانهيار الاقتصادي عقب العقوبات الأمريكية، ووباء كورونا، ثم التفجيرات الغريبة في منشآت استراتيجية في أراضيها، وانتهاء بانفجار ميناء بيروت، الذي حدث على ما يبدو بذنب “حزب الله” وقد يمس بمكانة التنظيم في لبنان.
 
د. خبير في مجال الفيزياء والتكنولوجيا النووية.
 خدم في الماضي كباحث كبير في أسرة الاستخبارات الإسرائيلية
 
مباط / معهد بيغن السادات