عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Nov-2019

يجـــب إخــــلاء مسـتـوطـنـة «يتسـهــار» الآن - بقلم: تمار زندبرغ
 
رغم الميزانيات الكبيرة والسيطرة على وزارات الحكومة والدعم والحملات الدعائية لم ينجح مشروع الاستيطان على الإطلاق في «استيطان القلوب». يشكل المستوطنون 4% فقط من إجمالي عدد سكان إسرائيل، وفقط 13% من إجمالي عدد سكان الضفة، إلا أنهم رغم ذلك نجحوا أكثر من المتوقع بالتحديد في مكان آخر، في السياسة والإعلام.
هذا هو حال محاولة إسرائيل هرئيل («هآرتس»، 25/10)، الذي هو من قدامى المستوطنين في الصحف، المقارنة بين دعوتي لإخلاء مستوطنة «يتسهار» بعد جولة أخرى من المواجهات العنيفة ضد الفلسطينيين وجنود الجيش الإسرائيلي وبين اخلاء وهدم كيبوتس «شميرت» أو «رمات هشارون» بسبب المخالفات الجنسية التي حدثت هناك (بالمناسبة، يوجد لليمين استحواذ غريب للانشغال بالمخالفات الجنسية بالذات.
من خلف المقارنة التي قام بها إسرائيل هرئيل هناك ادعاءان كاذبان. الأول هو أن المشاغبين هم «حفنة» لا تمثل جميع مستوطنة «يتسهار». وبالتأكيد لا تمثل جميع المستوطنين. كتبت اقوال كثيرة عن نظرية «الحفنة»، ولكنها تنهار المرة تلو الأخرى.
مستوطنة «يتسهار»، التي تعرض في إعلام اليمين كمستوطنة جماعية معتدلة، هي مقر المدرسة الدينية «يوسف ما زال حيا». من هذا المكان خرج كتاب «توراة الملك». ويقود المدرسة الحاخام غينتسبورغ، الذي ألف كتاب الأناشيد للإرهابي اليهودي باروخ غولدشتاين «باروخ البطل». في العام 2014 أغلق الجيش الإسرائيلي المدرسة الدينية لأنه خرجت منها نشاطات ارهابية يهودية. وعلى التلال المحيطة بـ»يتسهار» الصغيرة والمعزولة يوجد ما لا يقل عن 9 بؤر استيطانية تقريبا، تسمى أحياء من قبل سكان المستوطنة. هذا تعبير آخر للغة الجديدة التي تحول خرق القانون إلى أمر طبيعي، وجريمة العنف الى عمل وطني.
الادعاء الآخر والاهم لهرئيل هو أن «حكم (يتسهار) مثل حكم (رمات هشارون)». خلافا لـ»رمات هشارون» التي هي مدينة في إسرائيل السيادية والديمقراطية، فإن مناطق الضفة الغربية، بما في ذلك المستوطنات التي توجد فيها، توجد خارج حدود دولة إسرائيل، ليس فقط حسب القانون الدولي، بل ايضا حسب القانون الإسرائيلي. في الضفة الغربية يسري منذ 50 سنة حكم عسكري على سكان مدنيين فلسطينيين. وتفرض دولة إسرائيل هناك نظام قانون موازيا ومنفصلا للسكان الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال وقانونا لسكان المستوطنات. في المستوطنات يعيش مواطنون إسرائيليون يصوتون في الانتخابات لكنيست الدولة التي يعيشون خارج حدودها، في حين أن الفلسطينيين في الحدود ذاتها لا يحق لهم التصويت.
 الاحتلال هو مشروع خرق حقوق الإنسان الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل، وتهديد وجودي حقيقي على مستقبلها. هو يجبي ثمنا غير محتمل وغير معقول من حياة الناس، ومن نسبة العنف وايضا يجبي ثمنا اقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا. العائق الأكبر أمام إنهاء الاحتلال وعقد اتفاق سلام بيننا وبين الفلسطينيين هي المستوطنات. الحاجة الى حمايتها والدفاع عنها تحولت منذ زمن الى مسخ انقلب على صانعه. حكومات اليمين الاخيرة تضع دولة كاملة في خدمة مشروع الاستيطان. هذا الوضع تم خلافا لرغبة معظم مواطني الدولة وخلافا لمصالحها القومية، لكن طبقا للمطالب السياسية لقيادة المستوطنين، التي ربما وصلت الى مواقع نفوذ في السلطة، لكنها بقيت لا ترى الثمن الأخلاقي والأمني والاقتصادي الذي تجبيه مطالبها من الجمهور الواسع.
اذا كان الأمر كذلك فإن إخلاء مستوطنة «يتسهار» ليس عقابا لسكان «يتسهار»، بل جائزة لمواطني دولة إسرائيل المأسورين منذ سنوات كرهائن لسادة البلاد في المستوطنات.
ولمن يرددون ويقولون «حسنا، ما الجديد؟ أنت تريدين اخلاء جميع المستوطنات»، الجواب هو نعم. يجب اخلاء مستوطنات كثيرة في اطار اتفاق سياسي متفق عليه مع الفلسطينيين. ولكن الجيوب العنيفة، التي كل هدفها فرض الرعب على الفلسطينيين وإشغال جنود الجيش في مهمات لا جدوى منها، يجب إخلاؤها الآن. المثال على ذلك هو الاستيطان اليهودي في الخليل، عاصمة «الابرتهايد» والكهانية الإسرائيلية. وأيضا مستوطنة «يتسهار».
«هآرتس»