عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jun-2019

الساحر فقد سحره - بقلم: تسفي برئیل
 
ھآرتس
بعد ثلاثة اشھر تقریبا على الانتخابات البلدیة في تركیا، وبعد أن قام بلي ذراع مجلس الانتخابات
الاعلى وأجبره على اعادة اجراء الانتخابات في اسطنبول، یقف رجل طیب اردوغان امام الھزیمة الاكثر شدة في فترة ولایتھ. رئیس تركیا سیضطر الآن الى اجراء نقد ذاتي لحزبھ، وبالاساس لنفسھ، ازاء الخسارة الساحقة لمرشحھ بینالي یلدرم، والفوز الساحق لخصمھ اكرم ایمامولو بفارق 9 في المائة من الاصوات.
كما ھي الحال في الحملة الانتخابیة السابقة، ایضا ھذه المرة اعتبر اردوغان بأن الانتخابات ھي
تصویت على الثقة بھ شخصیا ولیس فقط بمرشحھ، الذي كان رئیس حكومة تركیا من قبل حزبھ،
وبھذا حول نفسھ الى صاحب الفشل.
خلافا للمدن الكبرى – العاصمة انقرة، ومدینة الاعمال التجاریة الرئیسیة أزمیر، والمنطقة السیاحیة
الرائدة انطالیا – التي فیھا كلھا خسر مرشحو حزب العدالة والتنمیة، فإن الخسارة في اسطنبول ھي
الاكثر تدمیرا، المدینة الاكبر في الدولة التي یعیش فیھا نحو 15 ملیون نسمة كشفت عن الشرخ
العمیق في السور الحصین الذي اقامھ اردوغان حولھ وحول حزبھ في الـ 16 سنة من ولایتھ المتواصلة كرئیس للحكومة وكرئیس للدولة. وقبل ذلك كرئیس للبلدیة التي حكمھا حزبھ حوالي 17 سنة.
توزیع الاصوات غیر واضح تماما، لكن یبدو أن اصوات الاكراد ھي التي رجحت الكفة، بعد أن قرروا عدم طرح مرشح خاص بھم وتأیید مرشح المعارضة.
اردوغان حاول اغراء الاكراد بمنح زعیم حزب العمال الكردي، عبد الله اوجلان، امكانیة الالتقاء للمرة الاولى منذ تسع سنوات مع محامییھ وفي المقابل حصل منھ على تصریح تأیید مھم.
اوجلان وشقیقھ طلبا من الاكراد عدم تأیید المعارضة، لكن یبدو أن الحرب الضروس التي شنھا اردوغان ضد القیادة السیاسیة للاكراد على المستوى القطري تغلبت على توصیة الزعیم الكردي.
في الاحیاء الثریة في اسطنبول تعزز تأیید ایمامولو مقارنة بالانتخابات السابقة، رغم حقیقة أن مرشح المعارضة تعھد بعدم بیع الكحول في المراكز الجماھیریة والفصل بین الرجال والنساء في برك السباحة العامة.
ایضا في الاحیاء الفقیرة والمتدینة في المدینة، ومنھا حي باتیا المحافظ – الدیني، حظي ایمامولو
بزیادة كبیرة في الدعم. یبدو أن خطاب ”درع الاسلام“ الذي تبناه لم یساعد اردوغان. اذا كان قد
وضع نفسھ في الانتخابات السابقة على رأس الحرب ضد الخوف من الاسلام عندما استخدم قتل
المسلمین في نیوزیلاندا، استغل في ھذه المرة موت الرئیس المصري المعزول محمد مرسي من
اجل المطالبة باجراء تحقیق دولي ضد الرئیس الحالي عبد الفتاح السیسي. وحتى أنھ وصف حزب
المعارضة التركي كمن یقلد السیسي الذي سیطر على الحكم بالقوة. ولكن یبدو أن ھذه النصوص
تدعو للتفاؤل.
یبدو أن السبب الاساسي للسقوط الذي حدث في الانتخابات أمس یكمن في تعاظم الازمة الاقتصادیة الشدیدة التي توجد فیھا تركیا، زیادة الاسعار ونسبة البطالة التي وصلت الى 25 في المائة في اوساط الشباب. ھذه الامور كانت وبحق موجودة قبل ثلاثة اشھر، لكن في الفترة الانتقالیة فقد الشعب التركي الثقة بوعود اردوغان لاجراء تحسین اقتصادي وتطبیق اصلاحیات تسھل حیاة المواطنین.
اللیرة التركیة واصلت الھبوط ومستثمرون جدد یبتعدون عن الدولة. التوتر، أو أكثر دقة، الشرخ في العلاقة بین تركیا وامیركا بسبب تصمیم اردوغان على شراء الصواریخ المضادة للطائرات ”اس 400 ”من روسیا وعدم الجدوى من تدخل تركیا في الحرب السوریة – كل ذلك ساھم بدوره في فوز ایمامولو.
اردوغان قطف ثمار قراره عرض الانتخابات المحلیة كحسم وطني. وبھذا اطلق للمعركة اخفاقاتھ السیاسیة والاقتصادیة. الآن سیضطر ایضا الى مواجھة الفشل على المستوى الوطني. كرئیس
انتخب قبل سنة تقریبا لولایة من خمس سنوات وكمن یسیطر بشكل مطلق على البرلمان، فان نتائج الانتخابات لا تھدد مكانتھ.
یوجد لدى اردوغان صلاحیات علیا من خلالھا یمكنھ تنغیص حیاة رئیس بلدیة اسطنبول الجدید، تأخیر ومنع المیزانیات، وقف مشاریع أو سن قوانین قطریة تقید حریة عمل ایمامولو. رئیس البلدیة ایضا یتوقع أن یقدم للمحاكمة بسبب اھانتھ لحاكم اقلیم أوردور في حملتھ الانتخابیة. واردوغان سارع الى التحذیر من أنھ اذا حكمت علیھ المحكمة بعقوبة السجن لمدة طویلة فانھ لا یستطیع أن یكون رئیس بلدیة. اردوغان الذي قام بتأسیس صناعة الدعاوى ضد الذین وجھوا الاھانة لھ ونجح في التسبب بسجن خصومھ بھذه الطریقة، بالتأكید لن یتردد في استخدام كل أداة من اجل ازاحة ایمامولو عن الكرسي الجدید الذي حصل علیھ أمس.