الغد
أشهر الأديب مفلح العدوان، مساء أول من أمس، مجموعته القصصية الجديدة "النباح الأخير"، وذلك خلال حفل في المنتدى الثقافي بمؤسسة عبد الحميد شومان.
وتحدث في حفل الإشهار، الذي حضره نخبة من الأدباء والمفكرين والمهتمين، الدكتورة هند أبو الشعر، والدكتور راشد عيسى، والدكتورة أماني سليمان، وأدار الفعالية الإعلامي والناشر جعفر العقيلي.
في مجموعته "النباح الأخير" الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون، يأخذ العدوان القارئ إلى رحلة عميقة عبر حكايات وأسرار الأماكن التي عاشها وزارها، متناولا العناصر الميثولوجية والدينية التي شكلت هذه الأمكنة، بما في ذلك التراث الشعبي والأساطير.
الدكتورة هند أبو الشعر قالت "إن القاص ينزع في مجموعته إلى الاختلاف والتفرد، ويوظف علاقته الممتازة بالأشكال الإبداعية الأخرى لمصلحة القصة، فتتداخل الأجناس، ويحتشد النص لديه بالشعر، وتبرز مقدرة مفلح على استثمار كل الأجناس لمصلحة النص لديه، والأهم أن هذه الأجناس تتمازج بذكاء وكأنه رسام يحسن خلط الألوان وتوزيعها بيد فنان ماهر".
وأشارت إلى أنه لا يمكن للقارئ أن يكون حياديا وهو يقرأ هذه النصوص، فهي معجونة بروح المكان وأنفاس أهله عبر العصور، "فالمكان نحن ونحن المكان"، وعلاقة مفلح بالمكان أسطورية وعشقه للمكان الأردني هو أكثر ما يعلق بعقل ووجدان وقلب القارئ، فمن عمان وكهف الرقيم، إلى وادي رم، إلى قلعة عجلون، وأم الرصاص، وعفرا، والزرقاء، والفدين وحسبان، والفحيص، وسبيل الحوريات، إلى آيلة في الجنوب، كل هذه الأماكن تستيقظ متألقة بقلم مفلح، وتجعل القارئ يحس بنشوة الانتماء للمكان، وكأنه يراه بعين جديدة.
وقالت الدكتورة أماني سليمان "إن مفلح العدوان طاف عبر قصصه الأربعة عشر في مختلف مناحي الأردن شرقها وغربها وشمالها وجنوبها، ومن مر فيها من أقوام، فثقف السرد بالأمكنة، بل طوع الأمكنة ومنحها حضورا خاصا يتجاوز الدور الذي تناله، بوصفها إحدى عناصر القصة، حتى غدت أبطالا قصصية، كما اقتنص مفلح كل ما تمنحه المدونات التاريخية والنصوص الدينية والأساطير وما تركته الأزمنة من طبقات رمزية ودلالية على الأمكنة، واستثمرها في قصصه".
وأضافت أن الكتاب أشبه ببحث معرفي وحفر اركولوجي ميثولوجي، فيه تدقيق فيما ورد في الكتب القديمة والمعاجم المختلفة من تفاسير ومعان ومعلومات عن أمكنة وطيور وحيوانات وأحجار ونقوش وحفريات ومسلات وغيرها، كما يعج بما وصلنا من ممارسات وطقوس شعبية ومعتقدات موروثة للعوالم القديمة. إنه نص مثقف، لا يمنح المتلقي وجبة جمالية وحسب، بل يغذي الذهن والفكر والوعي، ويعرفه بالكثير مما قد يجهله، أو يعلمه في سياقات معرفية عامة".
بدوره أوضح الدكتور راشد عيسى، أن مفلح العدوان في مجموعته طوع وروض السؤال ماذا نكتب لسؤال كيف نكتب؟ وذلك حينما استثمر استطلاعاته واشتغالاته الطويلة المنوعة في جغرافيا التاريخ الأردني إعلاميا وسياحيا وثقافيا لصالح فن القصة القصيرة، وقد سبق له أن استثمر جزءا من هذه الاشتغالات في روايته العتبات وفي بعض مسرحياته كذلك.
ورأى عيسى أن المجموعة، إضافة ثقافية شفافة مؤثرة لحضارة المكان الأردني وإضافة إبداعية لفن القصة القصيرة التي تجعل من صلادة التاريخ سائلا رقيقا منكها بالدهشة وتجعل في الوقت نفسه، من عتاقة الأحداث الغابرة مشاهد مشتبكة مع نبض المراحل المتتالية".
الأديب العدوان تحدث عن الظروف والمشاعر التي عاشها عند كتابة قصص "النباح الأخير"، وقال "هناك.. لم أكتب "النباج الأخير"، بما تيسر لي من حروف وكلمات، بل بالخطوات التي عايشت بها خريطة مواربة زرتها وعرفتها وتعبدت فيها، وأزيد أنني كتبتها بمسبار أذني وهي تستمع لحديث الصخر والرمل والحجر، وبعينيّ التي كشطت السناج عن فانوس الأمكنة لتتكشف أماكن أخرى".
وأضاف أنه عند كتابة مجموعته القصصية، تتبع حدود بلاد ضاقت بها الجغرافية، ولم ينصفها التاريخ، غير أنها تحمل هم الإنسانية، وحلم الإنسان، حتى وإن ضاقت بهم السبل.
وزاد العدوان "في ترحال الكتابة هذه، كان زمن المكان يحاكي آلاما سيزيف ولا ينتهي، بل يتكرر، كأنه مشبع بعذابات الوجود مذ لثغة البدء حتى كفن النهاية. صار الزمان كما المكان ساكنا جامدا، ولا خلاص لكلا الإثنين، "الزمان والمكان"، إلا باستنهاض حياة الناس المهمشين، وذاكرة شخصيات الملهمين، ليكون خلاص المتعبين".
وفي نهاية حفل الإشهار وقع الأديب العدوان، على نسخ من مجموعته القصصية للعديد من القراء الحضور.
ومفلح العدوان هو قاص وروائي وكاتب مسرح وسيناريو وصحفي وباحث، ولد في مدينة الزرقاء العام 1966، حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية من الجامعة الأردنية العام 1990، وهو من مؤسسي مختبر السرديات الأردني العام 2017 ورئيسه لأكثر من دورة. كاتب في صحيفة الرأي الأردنية، وعمل مديرا لوحدة الشؤون الثقافية في الديوان الملكي الهاشمي (2008-2021)، ومديرا للمركز الثقافي الملكي (2019- 2020). صدر له أكثر من 20 عملا إبداعيا في القصة والرواية والمسرح والبلدانيات. فاز بجوائز عربية عدة، في القصة والمسرح والبلدانيات.