الغد
عواصم- تسري شكوك بإمكانية نجاح مبادرة الحكومة السودانية والتي تتضمن وقفا شاملا لإطلاق النار تحت رقابة دولية وإقليمية، وفق شروط ساقها رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أول من أمس في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي.
وتعليقا على ما طرحه إدريس أعلنت قوات الدعم السريع مساء أمس رفضها المبادرة.
وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طِبيق إن المبادرة "ليست سوى إعادة تدوير لخطاب إقصائي متهالك، لا يختلف في جوهره عن خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان".
وأضاف طِبيق، على فيسبوك، أن إدريس لا يمتلك الإرادة، ولا القرار الذي يؤهله للحديث عن إيقاف الحرب، ناهيك عن إطلاق مبادرة سياسية ذات وزن، ورأى أن ما ورد في المبادرة بضرورة انسحاب قوات الدعم السريع من مناطق سيطرتها ووصفها بالمليشيا، بمثابة طرح أقرب إلى الخيال منه إلى السياسة.
وشدد طبيق على أن "تجاهل الأزمة التاريخية والتشوه البنيوي في بنية الدولة السودانية، وتجاهل وجود الآخر كشريك يجعل أي مبادرة مجرد واجهة شكلية، مضيفا أنه في ظل سيطرة الحركة الإسلامية على القرار، يصبح البرهان وكامل إدريس مجرد أدوات لتنفيذ مشروع سياسي محدد لا علاقة له بإنهاء الحرب أو بناء وتأسيس دولة عادلة".
وكان إدريس قال في كلمته إن السودان دفع ثمنا باهظا بسبب النزاع المستمر، موضحا أن المبادرة تركز على وقف شامل لإطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، إلى جانب ضمان نزع سلاح ما سماها "المليشيات المتمردة".
وأشار إلى أن الخطة تشمل تنفيذ برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للمقاتلين غير المدانين، بهدف دعم عودتهم إلى الحياة المدنية، مؤكدا أن "لا سلام بدون مساءلة".
ودعا إدريس كذلك إلى حوار سوداني-سوداني خلال الفترة الانتقالية للاتفاق على أسس الحكم، على أن تُختتم المرحلة الانتقالية بانتخابات عامة تحت رقابة دولية.
ويقول محللون إن العديد من مثل تلك الحوارات أجريت في السابق ولم تفض الى نتيجة ترقى الى وقف الأعمال العسكرية في السودان والتي راح ضحيتها الآلاف.
وأوضح إدريس أن هذه المبادرة "خيار مدروس لاستبدال الفوضى بالنظام والعنف بالقانون واليأس بالأمل"، مشيرا إلى أن بلاده تعرضت لما سماه "عدوان من قبل مليشيا الدعم السريع وداعميها".
وقال إدريس إن الهدنة "لا فرصة لنجاحها" ما لم تُحصر القوات شبه العسكرية في معسكرات، داعيا الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن إلى دعم مبادرته.
وأضاف "يمكن لهذه المبادرة أن تمثل اللحظة التي يتراجع فيها السودان عن حافة الهاوية، ويقف المجتمع الدولي، أنتم! أنتم!، في الجانب الصحيح من التاريخ". وقال إن المجلس ينبغي أن "يذكر لا كشاهد على الانهيار، بل كشريك في التعافي".
من جانبه، قال نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جيفري بارتوس، الذي تحدث أمام المجلس قبل إدريس، إن إدارة ترامب عرضت هدنة إنسانية كسبيل للمضي قدما، مضيفا: "نحث الطرفين المتحاربين على قبول هذه الخطة فورا ومن دون شروط مسبقة".
وأكد بارتوس أن مسؤولية إنهاء الصراع تقع على عاتق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، محذرا من أن تزويد أي طرف بالسلاح يطيل أمد النزاع.
كما شدد المسؤول الأميركي على ضرورة التزام جميع الأطراف بالقواعد الإنسانية، بما في ذلك حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات بشكل كامل وآمن.
وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد الاهتمام الأميركي بالأزمة السودانية، حيث تسعى واشنطن إلى فرض هدنة قبل نهاية العام، وسط مخاوف من أن تكون هذه الهدنة هشة مثل 12 هدنة سابقة فشلت في الأسابيع الأولى للحرب.
المقترح الأميركي
ويتكون المقترح الأميركي لوقف النار بالسودان الذي قدمه مسعد بولس، مبعوث دونالد ترامب، إلى أفريقيا من خريطة طريق عبر ثلاثة مسارات هي: مسار عسكري وإنساني وسياسي.
ويناقش المسار العسكري وقف إطلاق النار في السودان وفتح الباب أمام عملية إنسانية تسمح بتدفق المساعدات وإيصال الإغاثة واستئناف الخدمات للسكان في كل مناطق البلاد.
كما تضمن المقترح تشكيل لجنة دولية للإشراف على وقف إطلاق النار وآليات المراقبة على الأرض لضمان تأمين المسارات الإنسانية وحماية المدنيين لضمان العودة الآمنة وتضطلع الآلية بمعالجة أي خرق فيما يلي وقف إطلاق النار.
لا لعناصر النظام القديم والإخوان
أما المسار السياسي، فقد نص المقترح على عملية سياسية تقودها القوى المدنية ما عدا عناصر النظام القديم والإسلاميين وتبدأ في مناقشة قضايا الانتقال ودعم المسار الإنساني الذي يبدأ من الموافقة على الهدنة من جانب الجيش والدعم السريع لإطلاق عملية إنهاء الحرب بشكل كامل.
كذلك، نص المقترح على عملية إصلاح عسكري شامل يقضي بإخراج (الإخوان) من الجيش السوداني والأجهزة الأمنية في إطار عملية إصلاح كاملة وإعادة هيكلة تتضمن عمليات دمج المجموعات المسلحة وتفكيك المجموعات التي تقاتل بجانب الطرفين بحيث تخلص العملية إلى جيش موحد ومهني ومؤسسات أمنية خاضعة للسلطة المدنية الوليدة من العملية السياسية.
وبحسب المقترح الأميركي فإن عملية الهيكلة هي عملية إصلاحية لا يقرر فيها الجيش والدعم السريع لوحدهما باعتبارها قضية تهم كل السودانيين.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية بالسودان جراء استمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع منذ نيسان (أبريل) 2023، مخلفة مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.-(وكالات)