يديعوت أحرونوت
في السنة الاولى لمنصب رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب تباهى بانه هو وحده الذي سيحقق صفقة القرن لاسرائيل والفلسطينيين، والطرفان سيوقعان على معاهدة سلام. كما تخيل نفسه حاصلا عن جائزة نوبل للسلام. في حينه ايضا، عندما تحدث عن الرؤيا استخدم تعابير عقارية: فبالنسبة له كانت هذه صفقة اخرى بين طرفين متساومين، يخدع الواحد الآخر، يغضبان، يتصالحان وفي النهاية يتصافحان ولعلهما يقيمان معا نصبا من الرخام مرغوبا فيه أن تتصدر جبهته المذهبة باحرف اسم الرئيس الاميركي.
كانت صيغته بسيطة: ان يصب السعوديون والقطريون المال على الفلسطينيين، فاذا بهم يذوبون تحت هذا المطر الطيب سيأتون حاملين امر استسلام. في عالم ترامب المال يشتري كل شيء. واذا كان هذا لا يكفي، فيؤتى بمزيد من المال وسلاسل الذهب: تملأ محفظة الطرف المارق بالاوراق المالية وبالتوازي يضرب على رأسه بالعصا.
والآن، حين يكون في ذروة المعركة التي قد تكون الاخيرة على حياته السياسية، فإن آخر ما يشغل باله هو الضم. حجم الكورونا مقلقة وقد بدأ يفهم بانه مذنب في أنه لم يعد اميركا في الوقت المناسب، ويلقى الضربات على ذلك ليس فقط من الديمقراطيين بل وايضا من رجال حزبه الغاضبين. اما الانتفاضة الاجتماعية في اعقاب مقتل جورج فلويد فتتعاظم وترتدي الف لون كلها ضد ترامب. الرجل الذي درج على التبجح معظم حياته وعرض نفسه كمنتصر، فنان الصفقات، عبقري زمانه، الثري وعظيم السحر الآسر وزير النساء، قد يكون الآن لاول مرة في حياته يوشك على هزيمة نكراء: هكذا على الاقل حسب الاستطلاعات. يمكن لهذا بالطبع أن يتغير.
ثمة ما يكفي من الوقت حتى الانتخابات، ولكن الضم الآن هو مثل ذبابة مزعجة. لترامب مصلحة في ضم ما: الافنجيليون، الذين هم قاعدة قوته السياسية، سيحبون مثل هذه الخطوة، وهكذا ايضا المتبرعون اليهود الاثرياء الذين سيكون مبلغ الشيك الذي يحررونه للحملة كعمق الضم. ولكن أساس وقته يكرسه ترامب الآن للانتخابات، وفي محيطه القريب كان هناك من قال انه اذا رأى انه غير قادر على الفوز فانه سينسحب من السباق. اذا حصل هذا، يمكن الافتراض بانه سيلقي خطابا يقول فيه انه افضل بكثير مما تستحقه أميركا وان هناك أغبياء لم يفهموا بانه هدية الرب لاإشفاء امراء الامة ولم يجثموا على ركبهم كي يقدسوا عظمته. وبالتالي يحتمل ان يعطي ضوءا اخضر لاسرائيل، ولكن فقط لانه يعتقد أن هذا يخدمه. لا يهمه حقا – لا الآثار ولا نحن. مشكوك أن يكون ضالعا في شؤون الخرائط. وهو بالتأكيد ليس ضالعا في التداعيات. اما من يهمه هذا الضم، فهو جو بايدن خصمه وقيادة الحزب الديمقراطي. اذا اصبح بايدن الرئيس التالي للولايات المتحدة، فانه لن يتمكن من تجاهل الاصوات الصاعدة في حزب لوقف المساعدة لاسرائيل اذا ما ضمت. ومن يهمه هذا الضم حقا في العالم الغربي يرى كيف تتحول دولة اسرائيل الى دولة أبرتهايد. الناس لا يحبون هذه الكلمة، ولكن هذا هو التعريف لمجموعتين سكانيتين تعيشان على ذات قطعة الارض ولكل واحدة منهما منظومة قوانين منفصلة. الضم لن يؤدي الى حل الدولتين. ويبدو انه لم يعد ممكنا. فقدر كبير من رواسب العداء وعدم الثقة تربض بين اسرائيل والفلسطينيين: في هذا الجيل هذا لن ينجح. وبالتالي فان ترامب غير ذي صلة في هذه اللحظة. ليس له ما يساهم به وضرره كبير. جوهريا، ليس مهما اذا ما اصدر ضوءا اخضر أم اصفر. فالخطوط الحمراء نحن مواطني الدولة من يجب ان نضعها وان نقرر ما الذي نريد أن نكونه.