عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Oct-2019

موسکو الرابح الأکبر من الهجوم الترکي - عومر دوستري
معاریف
قرار نظام الأسد مساعدة القوات الكردیة ضد غزو الجیش التركي ومعاونیھ، ”الجیش الوطني السوري“، الى شمال شرق سوریة، كفیل بأن یغیر قواعد اللعب في اثناء القتال التركي. معقول الافتراض بأن قرار نظام الاسد لم یتخذ في عملیة اتخاذ قرارات مستقلة في دمشق، بل في ضوء مبادرة روسیة. والدلیل على ذلك جاء مع التصریحات الاخیرة التي انطلقت من الكرملین في أن على تركیا أن تحترم السیادة السوریة.
تركیا، التي اعتقدت بأن اخراج القوات العسكریة الامیركیة من شمال شرق سوریة سیمنحھا قدرة وصول حرة لاحتلال شمال سوریة، ملزمة الآن بأن تعید الحسابات في خطواتھا المستقبلیة. شيء واحد ھو أن تھاجم قوات كردیة بلا اسناد، وشيء آخر ان تھاجم ھذه القوات وھي مسنودة بجیش نظام الاسد وبشكل غیر مباشر بروسیا.
من الآن فصاعدا كل ھجوم تركي ضد قوات نظام الاسد سیعتبر كھجوم على موسكو. الرئیس التركي رجب طیب اردوغان الذي اتخذ في السنوات الاخیرة سیاسة تقارب مع روسیا، حتى عندما ینطوي الامر على مخاطرة بعلاقات تركیا مع امیركا، في شكل شراء منظومات الدفاع الجوي اس 400 من روسیا – لن یسارع الى ھجر العلاقات الوثیقة التي عمل علیھا بكد.
سیتعین على الرئیس التركي الآن ان یقرر بین امكانیتین: ان یتخلى عن الحملة العسكریة ویكتفي بالانجازات التي تحققت حتى الان، في شكل احتلال تل أبیض وراس العین؛ ام یواصل الحملة العسكریة بمشاركة ”الجیش الوطني السوري“ فقط. وكون روسیا ستساند جیش نظام الاسد، یمكن الاستنتاج بانھ حتى لو اختار اردوغان مواصلة الاعمال العسكریة من خلال الثوار، فان احتمالات ان تحقق تركیا نجاحا في مثل ھذه الحملة متدنیة جدا، ولا سیما اذا كان یدور الحدیث عن احتلال منبج – التي انتقلت لتوھا الى سیطرة الروس. یحتمل أن تنجح حتى القوات الكردیة، بتشجیع من الاسناد الروسي، في أن تستعید اراض احتلھا الاتراك.
وھكذا فان الرابحة الاكبر من بدء الحملة العسكریة التركیة في سوریة ھي موسكو. فقد وفرت الخطوة التركیة على الروس جملة من المخططات والوسائل الدبلوماسیة والعسكریة لان تحقق في المستقبل سیطرة سوریة مرة اخرى على القسم الكردي في سوریة. ان المستفید الاول من ذلك ھو نظام الاسد. منذ الان، دون اطلاق رصاصة واحدة استعاد نظام الاسد عشرات في المئة من الاراضي التي فقدھا في الحرب الاھلیة، ادخل قوات كردیة في جیشھ، ضمن ولاء كردي في المستقبل وقلص التطلعات القومیة الاستقلالیة الكردیة في سوریة.
روسیا نفسھا زادت بشكل كبیر سیطرتھا في سوریة. الخطوة التالیة من ناحیة موسكو كفیلة بأن تكون محاولات الوساطة بین تركیا والقوى الكردیة وجیش نظام الاسد. وھكذا ستزید روسیا مكانتھا في العالم واستقرارھا كلاعب قوي یشارك في السیاقات الھامة في الساحة الدولیة. كل ھذا في الوقت الذي تفقد فیھ الولایات المتحدة أكثر فأكثر نفوذھا في المنطقة طوعا. اضافة الى ذلك، نجحت روسیا في أن تجلب الى صالحھا ثقل وزن تأیید القوات الكردیة، على حساب دول الغرب والولایات المتحدة، إذ ان الاكراد یرون فیھا الآن لاعبا وحیدا نجاھم من التطھیر العرقي.
یجب أن یضاف الى ذلك نجاح روسي آخر في سیاستھا لزرع الخلافات والصدامات في داخل الناتو. الاحداث الاخیرة عمقت فقط التوتر الذي ساد بین ادارة ترامب ودول الناتو في مسألة توزیع نزیھ للعبء العسكري. كما ان التوتر الذي نشأ بین الدول الغربیة والولایات المتحدة – بما في ذلك فرض العقوبات الاقتصادیة الامیركیة على تركیا، وبین أنقرة، اضاف الى الانشقاق داخل الناتو.
*باحث في معھد القدس للاستراتیجیة والامن