عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Aug-2020

التدفق مع الأكاذيب - بقلم: بن كسبيت

 

معاريف
 
أجرى بنيامين نتنياهو أمس كمينا لازرق أبيض. فهو لا يوافق على اقرار نظام الحكومة. لا يوافق على سد الثغرة التي تتيح له الخروج الى انتخابات في اذار (مارس) 2021 (اذا لم تقر الميزانية القادمة). وهو في واقع الامر لا يوافق على أي شيء باستثناء تأجيل الازمة، التي ستسمح له بعد ثلاثة اشهر للفرار من الاتفاقات التي وقع عليها. وهو في واقع الامر مزق الاتفاق الائتلافي إربا وألقى به في سلة القمامة.
مشكلة أزرق أبيض بسيطة: فقد وصلوا الى هذه الحرب بلا ذخيرة. معظم الاحتمالات هي الا يتمكنوا من منع إقرار تسوية “هاوزر – هيندل” اليوم. وحتى لو تمكنوا، مشكوك أن ينجحوا في اقناع الجمهور ليفهم لماذا عارضوا التسوية، وهم سيعتبرون كمن جرونا الى الانتخابات الرابعة، وهذا لن يضيف لهم مقاعد. وهم سيضطرون الى قبول الحسم اليوم، والبقاء في الحكومة وتنغيص حياة نتنياهو من الداخل.
في هذه الاثناء نتنياهو نفسه وقف أول من أمس وكذب بلا خجل. احد لم يتأثر. مذيعو ومحللو التلفزيون لم يقطعوا البث. احد لم يقل “ستوب، لماذا يُسمح لهذا الرجل أن يكذب بالبث الحي والمباشر في التلفزيون؟”. بالعكس. اعتدنا. حين عدنا الى الاستديوهات، سجل الابتسامات. هكذا يبدو الضفدع المتجمد بردا بعد أن اعتاد على درجة الحرارة. نعتاد، نتكيف، نتدفق مع الزعيم الذي لا يخجل، المرة تلو الاخرى، من ان يقف أمام كاميرات التلفزيون، التي تواصل الاستسلام له في ظل تبطل ليس مفهوما – ويكذب.
غني عن اللزوم تحليل اكاذيبه أول من أمس. فلنركز على اللغز الذي يسهل حله: فقد اشتكى من أنه لا يمكن العمل هكذا، مع “حكومة في داخل حكومة” ومع حقيقة أن وزراء أزرق أبيض يتحدثون ضد رئيس الوزراء!! أحقا، يا لهم من وقحين. ولم ينته من الشكوى من ذلك حتى شرع بهجوم كاذب، شرير، مقيت، على وزير العدل لديه: “الان اكتشفنا امرا مذهلا”، كشف نتنياهو، “في أنه عشية تعيينه في منصب وزير العدل، اغلق له المستشار القانوني ملفا كان له في الشرطة. يفتحون من تحت الطاولة، يغلقون من تحت الطاولة. لماذا لم يرووا للجمهور انهم اغلقوا لنيسنكورن الملف؟ لماذا؟”.
فها هو الجواب يا سيد نتنياهو: لم يغلقوا لنيسنكورن ابدا اي ملف. لم يفتحوا لنيسنكورن ابدا أي ملف. لم يفعلوا هذا ابدا “من تحت الطاولة”. هذه اسطورة، هذه شكوى رفعت ضد هيئة انتخابات نيسنكورن في الهستدروت قبل ثلاث سنوات، في اثناء حملة الانتخابات للهستدروت. الشكوى نشرت، الشرطة فحصت وبعد وقت قصير من ذلك اعلنت بانه لا يوجد ما يبرر فتح التحقيق. لا ضد نيسنكورن ولا ضد هيئته. بمعنى ان كل الاسطورة التي تعصف بها في وجه وزير العدل لديك وفي وجوه مواطنيك هي كذبة. انت تعرف أن هذه كذبة. يوجد احتمال لا بأس به بان تكون أنت نفسك، او مبعوثوك، تقفون خلف الكذبة. ولكن هذا لا يمنعك من ان تدوي بـكذبة وتشكو لماذا نحن (لا نجري تحقيقات ولا نقدم تحليلات) حول هذه الـكذبة.
لا افهمك يا سيد نتنياهو. ألا تحصي أبواقك في وسائل الاعلام؟ ألا تشاهد القناة 20؟ ألا تستمع لابواقك التي سيطرت على قناة الجيش؟ ألا تستمع لارال سيغال، الذي وافق على ان يرفع هذه الكذبة من المجاري بعد أن تخلى امير ايبكي من صوت الجيش عنها؟ كل الاشخاص المتفانين اولئك الذين يكررون الكذبة صبح مساء، غير موجودين في نظرك؟ اين الاعتراف بالجميل؟
في السطر الاخير، لم يخرج نتنياهو الى هذه المغامرة لانه كان مقتنعا بأن سيطوي أزرق أبيض كمروحة يابانية. في نهاية اليوم، نجح. وقف أزرق أبيض امامه، ولكن بمخازن ذخيرة فارغة. ما كان يمكن لازرق أبيض ألا ان يلوم نفسه، سذاجته والصياغات الملتوية للاتفاق الائتلافي. ليس لبيني غانتس ما يخسره، ولكن في هذه الجولة عليه أن يمسح البصقة عن وجهه ويواصل الى الامام. وحتى عندما ينظر الى شريكه، الذين وعد أول من امس فقط بانه سينفذ كل تفاصيل الاتفاق “دون احابيل ودون ألاعيب” يكذب للجمهور بدم بارد في التلفزيون. ذات التلفزيون الذي يواصل، المرة تلو الاخرى منحه زمن البث الاكثر شعبية وغلاء.