عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Aug-2025

آفاق جديدة تفتحها "صوت الجبل".. إبداع شبابي وتساؤلات ثقافية

 الغد-عزيزة علي

 تناولت مصفوفة العدد الخامس والثلاثين من مجلة صوت الجيل سؤالا محوريا بعنوان: "هل تهزم القراءة أمام عواصف التكنولوجيا والتحولات الجديدة؟"، أعدتها الكاتبة هدى الخوالدة.
 
 
تصدر مجلة صوت الجيل عن وزارة الثقافة الأردنية، وهي مجلة متخصصة في الإبداع الشبابي، وتسلط الضوء على طاقات وإبداعات الشباب في مختلف مناطق المملكة، إلى جانب تقديم مواد تعبر عن آمال وتطلعات الجيل الجديد.
 
في عتبة العدد كتب رئيس تحرير المجلة، الروائي والشاعر جلال برجس، "الراوي والروائي هل أنت بطل هذه الرواية؟"، يقول فيها "كثيرا ما يتساءل القراء بعد انتهائهم من قراءة رواية ما: هل بطل الرواية هو الروائي نفسه؟"، مشيرا إلى أن هذا السؤال غالبا ما ينشأ من شدة الصدق في رسم الشخصيات، ومن قدرة الكاتب على الإقناع واقتياد القارئ بسلاسة ليصبح جزءا من النسيج العام للعمل السردي، الأمر الذي يدفع القارئ – من حيث لا يدري – إلى البحث عن تقاطعات بين الشخصية ومبتكرها.
ويرى برجس، أنه لا يمكن للروائي أن يكون بعيدا عن نصه بشكل مطلق، فالرواية هي حصيلة زمن طويل من المشاهدات والتأملات، وما يمر به على الصعيدين الذاتي والموضوعي. قد يتجلى في الشخصية الرئيسية، أو في شخصية فرعية، أو حتى في روح العمل بأكمله. في البدايات قد لا يدرك الكاتب حجم هذا التقاطع، لكنه مع مرور الوقت سيعيه لا محالة.
ويعتقد أن الروائي المتمكن من أدواته هو من يتقن التخفي داخل النص، فلا يسمح بأن يختلط وعي السيرة بوعي الرواية. لكن، ماذا لو اختار موضوعا لا يتيح له أي تقاطع مع مفردات حياته وتجربته؟ هنا يبرز السؤال الأهم: كيف يمكنه أن يقدم شخصية صادقة ومقنعة لقارئه؟ ذلك القارئ الذي إذا ما وجد الطريق إليها ممهدا، تبادر إلى ذهنه سؤال آخر: "هل هذه الشخصية هي نفسها شخصية الروائي؟ أرى هذا التساؤل دليلا على نجاح الكاتب في بناء الشخصية وترسيخها".
ويقول برجس، حرصت على أن أبعد مفرداتي الذاتية عما كتبت من روايات، غير أنني انشغلت دائما بصدق الشخصية وعمق إقناعها للقارئ. وأكثر الشخصيات التي عشتها بكل تفاصيلها كانت شخصية "إبراهيم الوراق"، بطل رواية "دفاتر الوراق"؛ إذ تقمصتها على مدى أكثر من خمسة أشهر.
وكان إبراهيم فقيرا، منعزلا رغم صخب المدينة، يعاني من الفصام، تحاصره المخاوف، وتثقله حيوات مؤجلة. لأشهر تصرفت بوعيه، بملابسه ومشيته، بطريقة تفكيره وحتى في أبسط عاداته. في البداية كان الأمر صعبا، ثم وجدت الشخصية تتلبسني، حتى أنني في أحد الأيام الماطرة، وبينما أعبر الشارع غارقا في حوار داخلي بين إبراهيم وصوته الكامن، اصطدمت بي سيارة.
لكن، هل يعني ذلك أن إبراهيم هو جلال برجس؟ بالطبع لا. إنما هو مثال على كيفية التوغل في أعماق الشخصية إلى الحد الذي يجعل الخروج منها تحديا في حد ذاته.
ويرى برجس أن الذاكرة تلعب إلى جانب حساسية النظرة إلى العالم، دورا مهما في تسلل التجارب الشخصية إلى النصوص الروائية. فالخبرة الأثمن في حياة الروائي هي خبرته الذاتية، أي مجموع ما عاشه وعاينه قبل قرار الكتابة. ولذا يرى بعض النقاد أن كتابة الرواية في عمر مبكر ليست خيارا موفقا، إذ ينبغي للكاتب أن يخوض تجارب حياتية متراكمة تؤهله للكتابة العميقة. ورغم أن هذا الرأي ليس قاعدة ثابتة، إلا أنني أجد فيه قدرا من الصواب.
ومن جهة أخرى، يرتبط هذا الجدل بالرأي النقدي القائل إن الروائي يكتب رواية واحدة فقط، فيما تأتي بقية أعماله لتدور في فلكها. وهو رأي لا يصلح كقاعدة عامة، لكنه قد ينطبق على بعض الكتاب، خصوصا أولئك الذين دفعهم حدث مأساوي أو أزمة وجودية إلى خوض تجربة الكتابة.
في النهاية، حتى لو تقاطعت حياة الروائي مع الراوي، فإننا في النهاية أمام رواية ينبغي التعامل معها بمعاييرها الفنية والسردية والمعرفية. فحيواتنا، على اختلافها، ليست إلا روايات؛ منا من يكتبها، ومنا من يكتفي بقراءتها في أقلام الآخرين.
وفي زاوية "البوابة الرقمية"، كتب الشاعر علي شنينات بعنوان "التفرد التكنولوجي"، أما في ملتقى الأجيال، وبعنوان "حوار على طاولة صوت الجيل"، فقد أجرت الشاعرة والكاتبة المسرحية نور الرواشدة حوارا مع الروائي والكاتب المسرحي هزاع البراري.
كما أعدت الكاتبة هدى الخوالدة مصفوفة العدد التي حملت عنوان: "القراءة.. هل تهزم أمام عواصف التكنولوجيا والتحولات الجديدة؟"، شارك في إعدادها كل من: روند الكفارنه، حسن النبراوي، مريم خلاوي، أحمد أسامة أحمد، بيسان محمد خليفة، وإبراهيم أحمد الخلايلة.
وفي الباب المخصص للأعمال الإبداعية الشبابية بعنوان "ورد بلدي"، نشرت مجموعة من القصص والقصائد والخواطر والنصوص لكل من: سلام طلال خشّان، عز الدين أبو حويلة، رنيم نزار، فرح بني عامر، طاهر عدنان عصفور، زينب السعود، سماح موسى، ندى وائل، أحمد نمر الحمارنة، عزيز جمال، حنين خالد ورولا العمري.
أما زاوية "خرائط البوح"، فقد خصصت للكاتبة فاطمة الهلالات، وجاءت بعنوان: "بنت الصحراء". وفي مختبر العدد، تضمن الملف المواد الآتية: "أدب الفتيان والشباب"، د. سلطان المعاني "الأدباء الشباب ووهج البدايات"، همسة عوضي، "أدب الشباب بين الواقع والطموح في الأردن"، محمد رمضان الجبور، "حبر لا يهدأ": قصائد نثرية تتخطى زمن الفوضى وتستكشف الهوية الإنسانية، انتصار عباس، "الشباب في المشهد الثقافي الأردني بين الواقع والمأمول"، أماني خالد الشناق، "عبقرية الشباب: أبو القاسم الشابي شاعر الأمل والإنسان"، ديما سلمان، "الكورال السردي والأبعاد الأنطولوجية في (جنة الشهبندر) لهاشم غرايبة"، منال العبادي.
وفي زاوية "مراسيل"، كتبت سهام السايح بعنوان: "من الفكرة إلى السرد: رواية الشباب الفلسطيني"، أما زاوية "نقوش"، فجاءت فيها مقالة سوار الصبيحي بعنوان: "السلط... حين تمشي المدينة على رؤوس أصابعها".
ومن خلال هذه الزوايا والمواد، وما ضمته من أسماء أدباء شباب، يتضح مدى قدرة وزارة الثقافة وهيئة تحرير المجلة على الإحاطة بالمشهد الثقافي الشبابي في المملكة، وإبراز تجلياته الإبداعية وما يتميز به من تنوع يثري الحراك الثقافي.  
وتتألف هيئة تحرير المجلة من: الروائي والشاعر جلال برجس (رئيسا للتحرير)، وعضوية كل من: الشاعر علي شنينات، والأديب والإعلامي جعفر العقيلي، والشاعر تيسير الشماسين. فيما تولى محمد المشايخ إدارة التحرير، وفادية نوفل سكرتاريا التحرير، أما التدقيق اللغوي، فقام به د. أنس الزيود، والإخراج الفني لعبد الهادي البرغوثي.