عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jan-2019

“عائلات داعش” في العراق: وصفة للصراع في المستقبل

 الغد-طلحة عبد الرزاق* – (ذا أراب ويكلي) 6/1/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
قالت كبيرة باحثي منظمة “هيومن رايتس ووتش” في العراق، بلقيس ويلي، إن أكثر من 100.000 عراقي يمكن أن يتأثروا بسياسات الحكومة العراقية تجاه العائلات التي كان بعض من أفرادها مرتبطين بتنظيم “داعش”. وقد صودرت وثائق هويتهم وتم إلزامهم بالمكوث في مخيمات تم إنشاؤها لإيواء اللاجئين الفارين من العنف الذي اندلع في جميع أنحاء العراق من 2014 إلى 2017. وهم يتعرضون الآن لانتقام شرس من الميليشيات الشيعية التي ترعاها إيران.
* * *
نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مؤخراً هجوماً لاذعاً ضد الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية بسبب السياسات التي أدت إلى احتجاز عائلات عراقية في ظروف تشبه معسكرات الاعتقال.
ولم يتم اتهام هذه العائلات بارتكاب أي جريمة، باستثناء كونها مرتبطة بأعضاء من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المفترضين أو الفعليين.
وقالت كبيرة باحثي منظمة “هيومن رايتس ووتش” في العراق، بلقيس ويلي، إن أكثر من 100.000 عراقي يمكن أن يتأثروا بهذه السياسات. فقد صودرت وثائق هويتهم وتم إلزامهم بالمكوث في مخيمات تم إنشاؤها لإيواء اللاجئين الفارين من العنف الذي اندلع في جميع أنحاء العراق من 2014 إلى 2017.
وتم توريط عائلات بأكملها لأن الآباء، أو الأبناء أو الأزواج كانوا من موظفي الخدمة المدنية والمعلمين والأطباء أو غيرهم من المهنيين الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي مواصلة الذهاب إلى العمل في المدن التي استولى عليها “داعش”. وتمت معاقبة عائلات أخرى لأن أقارب لها قاتلوا إلى جانب “داعش”، حتى لو شجبت هذه العائلات أفعالهم ولم تُرد أن تكون لها أي صلات معهم.
وفي التعامل مع هذه العائلات، بذلت السلطات العراقية والمؤسسة الأمنية جهوداً كبيرة لاستخدام أساليب لا يمكن وصفها إلا بأنها عقاب جماعي، وهي جريمة بموجب القانون الإنساني الدولي.
وكان مما زاد الأمور سوءاً أن البعض من قوات الأمن العراقية يسيئون استغلال الأطفال والنساء، وتُجبر النساء في كثير من الأحيان على إقامة علاقات جنسية لمجرد طلب مغادرة المخيمات لإجراء الفحوصات الطبية الروتينية. وهذا سلوك وحشي لا شيء يمكن أن يعبر عنه بما فيه الكفاية.
كان العالم قد احتج بشدة، مُحقّاً، عندما كان تنظيم “داعش” يمارس التمييز ضد الجماعات الدينية المختلفة، واستخدم الجنس كسلاح ضد النساء الأيزيديات. كما استخدمت الولايات المتحدة هذه التهديدات التي واجهتها كردستان العراق كذريعة للتدخل وتوفير الغطاء الجوي والأسلحة لبعض من أسوأ وكلاء إيران من الشيعة الجهاديين لمواجهة المتطرفين السنة في “داعش”.
والآن، أصبح هؤلاء الجهاديون الشيعة جزءاً لا يتجزأ من القوات المسلحة وأجهزة المخابرات العراقية، وهم يمارسون الاعتداء الجنسي على النساء في المخيمات في الوقت الذي يحرمونهن فيه، مع غيرهن من الضعفاء، من وثائق الهوية بحيث أصبحوا مجردين فعلياً من جنسيتهم.
من دون وثائق هوية، يستحيل على أفراد “عائلات داعش” العودة إلى منازلهم واستعادة ممتلكاتهم القانونية والبدء في إعادة بناء حيواتهم المدمرة. وكثيراً ما يتعرض هؤلاء الأشخاص لتهديدات باتهامهم بالمساعدة أو التحريض -أو حتى ارتكاب أعمال إرهابية، بحيث يواجهون بالتالي عقوبة الإعدام.
وحتى إذا تمت تبرئتهم، فإنهم يُجبَرون على العودة إلى المخيمات، ويمكن بعد ذلك اعتقالهم مرة أخرى لأن الأجهزة الأمنية لا تنسق جهودها بحيث توجد لديها العديد من الأسماء نفسها في قوائم المطلوبين.
تخيل إفلاتك من حكم الإعدام وإعلانك بريئاً في المرة الأولى، ليتم إخضاعك إلى تحقيقات ومحاكمات جديدة، والتي يمكن أن تنتهي بسهولة بإدانة وفترة انتظار صغيرة في طابور الموت قبل تنفيذ الإعدام.
حذرت كبيرة باحثي “هيومان رايتس ووتش” في العراق، السيدة ويلي، من أنه من دون الالتزام بالمصالحة الوطنية وإعادة إدخال هؤلاء الأشخاص في المجتمع العراقي، فإن هذا الوضع قد يؤدي إلى صعود توترات قد تشكل حاجزاً هائلاً على الطريق المؤدي إلى تحقيق السلام.
الحقيقة أن مثل هذه الاعتداءات الجنسية الوقحة ضد النساء والأطفال الضعفاء، التي يرتكبها في حقهم أولئك الذين من المفترض فيهم أن يوفروا لهم الحماية، يمكن أن تثير غضب السكان، وخاصة العرب السنة الذين يمثلون معظم أولئك الذين يعانون في ظل السياسات التمييزية والطائفية.
وإذا حدث ذلك، فإن العراق قد يواجه انبعاثاً آخر للعنف على نطاق البلد بأكمله، وكذلك المزيد من تمكين المنظمات الإرهابية التابعة لإيران، والتي تسيطر على جزء كبير من سلطة الدولة العراقية. وهذه كارثة يجب تجنبها.
 
*باحث في معهد الاستراتيجية والأمن بجامعة إكستر في إنجلترا.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Iraq’s ‘ISIS families’ are a recipe for future conflict