عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Feb-2019

فلسفة المسافات وحكمتها - د. فايز الربيع

 الراي - قال تعالى: «والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم - لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار - وكل في فلك يسبحون» من حكمة االله سبحانه وتعالى أن الأفلاك تسير في مسارات تحافظ على مسافات فيما بينها - لو اصطدمت ببعضها نتيجة قرب المسافات لتدمر الكون.

الشمس تبعد عنا بعداً ثابتاً - لو كانت أقرب لاحترق الكون–ولو كانت ابعد لتجمدت الارض.
القمر يبعد عنا بعداً ثابتاً - لو اقترب اكثر لزاد المدّ وغطى الكرة الأرضية - هناك مسافات قدرها االله سبحانه وتعالى لفلسفة وحكمة حتى تستقيم الحياة في نظام الأبنية هناك مساحات تسمى ارتدادات - تهوية بين البنايات يتم المحافظة عليها - هناك في الجسور فتحات لكي تتحمل الجسور أكثر ضمن مسافات محددة.
وهكذا العلاقات بين البشر - هناك نوع من الناس اذا اقتربت منه اكثر فقدت وجودك وتجرأ عليك - لانه رأى منك قرباً اكثر من اللازم - لو بقيت بعيداً عنه - لبقيت المسافة بينك وبينه كافية - لكي لا يقتحمك - ويقتحم خصوصيتك - هناك نوع من البشر يحتاج الى مسافة بينك وبينه لتحافظ على العلاقة معه كي تستمر - كثرة العطاء أحياناً تفقدك قيمة العطاء - تخيل إنسانا دائماً كريم وبيته مفتوح ويساعد الناس، يصبح هذا الشئ عادياً بين الناس، أما الانسان الذي يكسر الحاجز ويعمل شيئاً واحداً مما لم يعتد عليه، يقال فلان عمل كذا وكذا، الم تسمع ما عمل - كان ذلك محل استغراب ولكنه محل نظر عند الناس - الناس تعودت ان تقدر البعيد من حيث القرابة، ولو أعطى القليل لان هناك مسافة تفصله عنهم، ولا تقدر القريب حتى ولو أعطى - تذكر الواحدة - وتنسى العشرات لان قرب المسافة افقد الأمر بريقه وأهميته.
حكاية القنافذ التي كانت تعيش مع بعضها أصابها البرد- حاولت ان تقترب من بعضها - فوخزت بعضها بشوكها - ابتعدت فبردت، بدأت تقترب تدريجياً حتى مسافة بسيطة - حافظت فيها على الدفء - ولم تقترب من شوك بعضها البعض، مصالح الناس قد تضطرهم لان يقتربوا منك أكثر ويتفاعلوا معك وعندما تنتهي المصلحة، تبدأ المسافة بالابتعاد اكثر لان المصلحة قد انتهت، نحن في عصر المصالح بأنواعها - أخلاقيات الاختلاف غير موجودة - هناك مقولة للأمام علي بن ابي طالب رضي االله عنه يقول - لا تعرف الحق بالرجال - ولكن تعرّف الى الحق تعرف اهله - ملخص ذلك اننا نحكم على الفكرة من خلال علاقتنا بالإنسان سلباً أم إيجاباً ولكننا نتناسى ان الفكرة بحد ذاتها هي محل التقييم حقاً أم باطلاً هل اذا تغير الشخص وكنت انا وحملت نفس الفكرة تصبح في نظري أفضل - إذن المشكلة أنني اريد ان أكون انا وليس غيري، ولو كان معه الحق–لانني اريد ان اعرف الحق بالرجال ولا اريد ان أتعرف على الحق لأعرف اهله.