عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Apr-2024

المفاوضات مع حماس عالقة وهذا يخدم مصالح الجميع

 الغد-هآرتس

 
بقلم: تسفي برئيل 21/4/2024
الحوار العلني الذي تجريه قطر مع الكونغرس الأميركي والحكومة الإسرائيلية، وصل في الأسبوع الماضي إلى نقطة الغليان. رئيس الحكومة القطري ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أعلن أن "قطر تفحص استمرار دورها في الوساطة حول صفقة المخطوفين"، إزاء الانتقادات ضدها، وبعد "أن شاهدنا للأسف بأن هناك أشخاصا يستخدمون جهود الوساطة لمصالح سياسية ضيقة".
 
 
إذا قامت قطر بتطبيق هذا التحذير، فهو سيشكل ضربة شديدة لجهود الوساطة واحتمالات عقد صفقة للمخطوفين. ليس فقط لأنه يوجد لدى قطر أداة ضغط مهمة على حماس، بل لأنها نجحت في خلق ديناميكية خاصة في المفاوضات التي يوجد فيها لممثلي إسرائيل (وإن كان ليس لحكومة إسرائيل) مكانة الشركاء. وحسب مصدر إسرائيلي مقرب من المفاوضات "لقد تولدت في قطر معرفة شخصية بين الطرفين، طورت الشعور بالتقدير المتبادل، الذي هو حيوي جدا من أجل نجاح المفاوضات".
ما يزال من السابق لأوانه الإعلان عن انتهاء دور قطر في الوساطة. ولكن أيضا لا يجب تجاهل التخوف من أن هذه الجهود، بما أنها لم تثمر أي نتائج، تعرض مكانتها وعلاقتها مع الولايات المتحدة للخطر. هذا التخوف وجد التعبير العلني في رد قطر على دعوة عضو الكونغرس الأميركي ستني هوير، الذي طلب استخدام الضغط على قطر كي تزيد ضغطها على حماس، سواء من خلال تقليص تمويلها لحماس أو وقف إعطاء ملجأ لقيادتها في أراضيها.
"إذا لم تستخدم قطر هذا الضغط، فإنه يجب على الولايات المتحدة إعادة تقدير علاقتها معها"، كتب عضو الكونغرس الديمقراطي في بيان نشر في يوم الاثنين الماضي. وردا على ذلك، نشرت السفارة القطرية في واشنطن بيانا مطولا ومفصلا جاء فيه: "قطر هي وسيطة فقط، وإسرائيل وحماس هما المسؤولان بشكل كامل عن التوصل إلى الاتفاق بينهما". وبخصوص اقتراح هوير بشأن إبعاد قيادة حماس من قطر قالوا في السفارة "هذا في الحقيقة أمر غير مستحسن، والتخلي عن الطرفين اللذين لا يتنازلان. في نهاية المطاف، لا يقدم أي طرف منهما أي منفعة لقطر. ولكن سيكون من المفيد التذكر بأننا ننشغل بهذا الأمر لأنه طلب منا فعل ذلك من قبل الولايات المتحدة في العام 2012، لأن إسرائيل وحماس ترفضان، للأسف الشديد، التحدث معا".
قبل عشرة أيام من ذلك، طلب من السفارة القطرية الرد على اقتراح قانون قدمه السناتور تيد باد، الذي يطالب بإلغاء مكانة قطر كحليفة كبيرة ليست عضوة في الناتو. وقد حصلت قطر على هذه المكانة الخاصة من الرئيس بايدن في 2022 بعد وساطتها بنجاح بين الإدارة الأميركية وطالبان بصورة أثمرت الاتفاق الذي مكن من الانسحاب الهادئ نسبيا للقوات الأميركية من أفغانستان. قطر أيضا استوعبت آلاف الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية وبذلك أنقذت حياة الكثيرين. قطر أوضحت للولايات المتحدة، حتى في تشرين الأول (أكتوبر)، بأنها على استعداد لإعادة النظر في علاقتها مع حماس بعد استكمال صفقة المخطوفين. هذه الأقوال نشرت في حينه في "واشنطن بوست"، لكن لم تتم الإشارة إلى أنه إذا كانت "إعادة النظر" هذه ستشمل إبعاد قيادة حماس من قطر.
ليس بالصدفة أن أعلن آل ثاني عن نية قطر في مؤتمر صحفي عقده هو ونظيره التركي، هاكان فيدان، الذي قام بزيارة الدوحة يوم الأربعاء الماضي، والتقى أيضا مع إسماعيل هنية. لقد كان لفيدان "بشرى" خاصة به، وهي أن حماس ستكون على استعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 (أي الاعتراف بدولة إسرائيل)، وأنه بعد إقامة هذه الدولة الفلسطينية، حماس ستكون على استعداد للتنازل عن الذراع العسكري وأن تصبح حزبا سياسيا.
أول من أمس، هبط هنية في إسطنبول للمرة الأولى منذ تموز (يوليو) 2023، والتقى مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. هذه الزيارة جرت في ظل التقرير في "وول ستريت جورنال" الذي، بحسبه، حماس تفحص احتمالية مغادرة قطر وإيجاد دولة لجوء جديدة لنفسها، والاحتمالية، حسب التقرير، هي سلطنة عمان أو دولة عربية أخرى لم يذكر اسمها.
هل تركيا وجدت لنفسها هذا الملاذ من أجل الانضمام إلى النادي الحصري لدول الوساطة، وهل قيادة حماس بدأت في حزم الحقائب؟. تركيا ستجد صعوبة في ملء مكان قطر والتحول إلى دولة لجوء، ليس فقط بسبب التداعيات التي يمكن أن تكون لمثل هذه الخطوة من قبل واشنطن. أمام تركيا، قطر نجحت في ترسيخ مكانتها كوسيطة ناجعة، في البداية النجاح مع مصر في التوصل في شهر تشرين الأول (أكتوبر) إلى إطلاق سراح أربع نساء في يومين، وبعد ذلك عند توقيع اتفاق التبادل الأول في تشرين الثاني (نوفمبر). إضافة الى ذلك، رغم أنه لا توجد لها أي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلا أنها تجري مع مبعوثيها المفاوضات على أراضيها.
توجد لقطر مكانة خاصة أيضا في نظر حماس، حيث قيادة حماس الخارج نقلت مقرها إلى الدوحة في العام 2012 بعد أن قررت قطع علاقاتها مع سورية، ونتيجة لذلك مع إيران، على خلفية المذبحة التي نفذها نظام الأسد ضد المدنيين السوريين. هذا الانتقال حدث بالاتفاق بين قطر والولايات المتحدة، التي أرادت أن تقيم مع المنظمة قناة وساطة تخدمها وتخدم إسرائيل.
عمليا، في 2006، بعد أن فازت حماس في الانتخابات في السلطة الفلسطينية، توجهت الولايات المتحدة إلى قطر وطلبت منها أن تعمل كحلقة وصل غير رسمية مع حماس. في تشرين الأول (أكتوبر) 2012، زار غزة حاكم قطر حمد بن خليفة آل ثاني؛ والد حاكم قطر الحالي الشيخ تميم، وتعهد بإعطاء حماس 400 مليون دولار لبناء الوحدات السكنية وتعبيد الشوارع وإقامة مركز تأهيل طبي. حمد آل ثاني كان الزعيم العربي الأول الذي زار القطاع بعد سيطرة حماس عليه في 2007. ومنذ ذلك الحين، منحت قطر حماس مساعدات بالمليارات، جزء منها كما هو معروف بموافقة وتشجيع من إسرائيل.
لا يوجد لتركيا أي سجل مثل هذا. المساعدات التي منحتها أنقرة لحماس بعيدة كل البعد عن حجم المساعدات التي حصلت عليها حماس من قطر. إضافة إلى ذلك، تم "تشويه" صورة تركيا عندما طلبت من قيادة حماس مغادرة أراضيها عندما كانت المحادثات حول استئناف علاقاتها مع إسرائيل قريبة من الانتهاء، وهكذا أيضا في بداية تشرين الأول (أكتوبر) بعد اندلاع الحرب. لكن بالأساس بالنسبة لإسرائيل تركيا هي دولة مستبعدة من الوساطة.
حسب موقف اردوغان الذي يطمح إلى الحصول على مكانة محترمة في كل أزمة تتطور في الشرق الأوسط، فإن شروط هذه البداية لا يجب أن تشكل عائقا أمام جهوده لوضع نفسه كبديل لقطر إذا قررت الأخيرة الانسحاب من جهود الوساطة. هذه المكانة مهمة بالنسبة لاردوغان قبل اللقاء المتوقع مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، في البيت الأبيض في 8 أيار (مايو) المقبل. بسبب ذلك، فحص أول من أمس وزير الخارجية التركي فيدان في اللقاء مع وزير الخارجية المصري سامر شكري الذي تم في أنقرة، إمكانية التعاون بين الدولتين، سواء في قضية الوساطة أمام حماس ووضع خطة للسيطرة المدنية في غزة بعد الحرب. الدولتان اللتان قبل سنة تقريبا كانتا عدوتين، وفي شهر شباط (فبراير)، تم الإعلان عن استئناف العلاقات بينهما، تتحدثان الآن عن حجم تجارة بينهما بمبلغ 15 مليار دولار، ستشمل ضمن أمور أخرى، شراء مسيرات تركيا للجيش المصري. يبدو أن انتقاد رئيس حكومة قطر لمن يستغلون صفقة المخطوفين لتحقيق مكاسب سياسية، ينطبق أيضا على صديقه وحليفه اردوغان.