إسرائيل دولة قوية، ووضعها الاستراتيجي أفضل مما كان في أي وقت مضى. ومع ذلك لا تزال توجد تهديدات على أمنها. فالأزمة مع إيران من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة علنية معها ومع فروعها. إذا حصل هذا، سينشأ تهديد واسع للجبهة الإسرائيلية الداخلية ولأهداف البنى التحتية. كما توجد إسرائيل في نزاع عنيف طويل وغير قابل للحل في المدى المنظور، مع الفلسطينيين. وبالتالي، فان عليها أن تكون مستعدة للحرب. هذا أيضا هو الاختبار الأعلى للمجتمع في إسرائيل.

إن التحدي الأهم لكل حكومة في إسرائيل هو الحفاظ على تراص الصفوف في المجتمع، واستعداده لأن يقف معاً في وجه أوضاع صعبة من شأن المحيط العنيف أن يخلقها. 

ولهذا التراص أهمية كبيرة أيضا في أوقات الهدوء، بسبب مكانه في معادلة الردع؛ فشرخ اجتماعي أو سياسي عميق، أو كبديل قطيعة بين القيادة السياسية والعسكرية و/ أو بينها وبين المزاج العام، يمسان بتنفيذ السياسة القومية، ويشجعان الخصم على تشديد جهوده لتشويش خطى إسرائيل، ويقوضان صلاحية القيادة السياسية، ويساهمان في تآكل قدرة صمود الجبهة الداخلية تحت النار.

إن دروس العقود الأخيرة هي تحذير من خطوات مغامرة، عسكرية او سياسية، الى جانب المكاسب السياسية اللحظية أدت الى شرخ عميق في النسيج العام وندب لا تزال لم تلتئم بعد. فالخروج الى حرب لبنان الاولى مثلا كان في البداية شعبياً، ولكن التأييد له هبط بشدة، واتفاقات اوسلو كانت تترافق في بدايتها وشرخا عميقا بين اليسار واليمين.

في ضوء ذلك، وبعد حملة انتخابات بشعة، فان الحزب الذي سيفوز في الانتخابات التي فرضت علينا في أيلول يجب أن يتطلع إلى بناء ائتلاف واسع قدر الإمكان. كما أن على الحكومة المنتخبة ان تعمل على تثبيت التراص الاجتماعي في الخطوط التالية: يجب خوض حوار جماهيري منضبط والامتناع عن التشهير بالخصوم السياسيين؛ فالسلوك الواعي تجاه خطة ترامب ومضاعفاتها، على اساس الحفاظ على التراص القومي والتركيز على حفظ تلك الانجازات التي يوجد حولها إجماع شبه كامل.  والاستخدام للقوة يجب أن يكون حذرا، ومن المرغوب فيه ان يبدو انه «لا مفر منه» في ضوء المخاطر على أمن الدولة. ينبغي تبني سياسة لجم البناء في «المناطق» والحفاظ على البعد الإقليمي الحالي الذي يوجد معظمه ضمن الإجماع الإسرائيلي. وبالمقابل، يجب توسيع البناء في نطاق القدس، لتعميق السيطرة الإسرائيلية في القدس الموسعة، المنطقة التي توجد في قلب الإجماع في إسرائيل. إن الحفاظ على تراص شعب إسرائيل في بلاده هو الهدف الأسمى.

 «إسرائيل اليوم»

*رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن