عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2019

الخطیئة والعقاب - ناحوم برنیاع
یدیعوت أحرنوت
 
في ایالون جنوبا، من تحت أبراج عزرائیلي، عصبة اندفعت نحو الطریق أغلقت حركة السیر، حفنة من أفراد الشرطة أطلت علیھم من بعید، من الجسر في طریق ھشالوم. فاتسعت الازمة وتراكمت، لكیلومترات شمالا.
المقطع المفاجئ لم یكن المظاھرة، بل الھدوء الاولمبي الذي قبل بھ العالقون في الازمة.
فالإسرائیلیون متزمتون اجمالا من حیث حریتھم في الحركة. عندما یرون حاجزا یحاولون تجاوزه،
والالتفاف علیھ، والشرح بان وضعا طارئا ینتظرھم في الطرف الاخر. وإذا لم ینجح ھذا فانھم یصرخون، یطلقون الزمامیر، یشتكون من الظلم الذي احیق بھم في الشبكات الاجتماعیة. اما ھنا فصمت. على مدى ساعتین فأكثر سمعت صافرة احتجاج واحدة، من قلب الطابور، وصافرة عطف متقطعة من سیارة سافرت على المسار المقابل أو من قاطرة القطار.
ھذا یعني شیئا ما عن احساس الذنب الذي یشعر بھ الكثیرون من الإسرائیلیین، لعل كلمتا الحرج
والخجل ھما وصف أدق، وھذا یعني ایضا شیئا ما عن موقفھم من المنظومة. فھم یفھمون لماذا لا
یثق المتظاھرون بالشرطة. فھم ایضا لا یثقون بھا. فلماذا یثقون؟ لعلھ یمكن بصعوبة شرح الظروف التي ادت لكل حادثة على حده، ولكن التراكم الذي لا یطاق من الاحداث التي تسببت بالموت یقول كل شيء. ”ھذا لیس خطأ – ھذه سیاسة“، ھتف المتظاھرون بوتیرة منتظمة.
المجتمع الاسرائیلي مفعم بالعنصریة. رغم التاریخ الیھودي، ھذا ھو الواقع. توجد فینا عنصریة
لون، تجاه السود؛ توجد عنصریة قومیة، من الاغلبیة، تجاه العرب؛ وتوجد عنصریة اقدمیة، تجاه
المھاجرین الجدد. لا یوجد طریق بسیط، قصیر للقضاء على العنصریة. لشدة الاسف، حكومة
إسرائیل الحالیة تقوم غیر مرة بالعكس – فھي ترفع العنصریة الى رأس الرایة. كما أنھا تشجع
الاصبع الرشیقة على الزناد، ما یحصل في الخلیل لا یتوقف في الخلیل.
في التصدي لمسألة استیعاب مھاجري اثیوبیا، یتمسك الإسرائیلیون القدامى بكل قصة ایجابیة:
ضابط اثیوبي ینھي الدورة بتمیز؛ نشیطة اثیوبیة تنتخب للكنیست؛ مھندس صواریخ اثیوبي؛ دكتورة
اثیوبیة؛ ملكة جمال اثیوبیة. ھم – نحن – لا یرون الفتیان الذین یتجولون بصفر فعل في ھوامش
الاحیاء القدیمة، الخانقة لریشون لتسیون، كریات ملاخي، كریات حاییم. ھم – نحن – یرفضون استیعاب القصص القاسیة التي یطلقھا الشبان ممن نجحوا، ولكنھم یجتازون في كل یوم تجارب غیر
بسیطة. فالحكومة تتوقع من مھاجرین اثیوبیا أن یكونوا ممتنین على انھا تفضلت بجلبھم الى البلاد،
ان یقبلوا الارض التي یدوسون علیھا وان یصوتوا في یوم الانتخابات لھا. یا لھذا السلوك من مبایي
نموذجي.
بطبیعة الأحوال، فان الشرطة ھي الجھاز الحكومي الذي یقف في مركز الاحتكاك. ھذه وظیفتھا.
فافراد الشرطة یفترض أن یكونوا عمیان الوان: ھكذا ینبغي تربیتھم. ھذه المھامة، كما یتبین كبیرة على الشرطة. فالمرة تلو الاخرى یصطدم افراد الشرطة بشبان سود، ویردون مثلما لا یتجرأون
على الرد تجاه فتیان بیض. ما كان یمكن عملھ ھو تجنید مئات عدیدة من الشبان الاثیوبیین الى الشرطة. فھم لیسوا اقل جودة من غیرھم أو اقل اھلیة. مثل ھذا التجنید كان سیحط الرأي المسبق
الاسود – الأبیض الذي تعاني منھ الشرطة في المدن الأمیركیة. وربما سیمنع موتا زائدا لشبان
أبریاء.
ھذا لم یحصل. الدرس الذي استخلصتھ قیادة الشرطة من موجة المظاھرات العنیفة في 2015 كان
بسیطا: عندما یطلق شرطي النار بالخطأ على شاب ما والمتظاھرون یخرجون الى الشوارع، من
الافضل للشرطة أن تختفي. فاذا لم یكن ھناك افراد من الشرطة فانھ لا تكون صور قاسیة، لا تكون
تندیدات، لا تكون لجان تحقیق ولا یكون ضرر بالصورة. كل شيء جمیل. بتعبیر آخر: عشرات
الاف الاسرائیلیین على الطرقات، مرضى، اصحاء، یدفعون ثمن البقاء لقیادة الشرطة.
لا حاجة لالاف المتظاھرین. احیانا (مثل أول من أمس، على طریق ھشاروم“ تكفي خمس بنات،
ولا واحدة منھن اثیوبیة، یندفعن نحو الطریق من اجل تعطیل الحركة لساعات. لعل أحدا ما من
فوق یظن ان الفوضى تخدمھ.
میني وھداس حاخام، زوجان شابان اصولیان من بني براك، اجلسا بعد الظھر أربعة ابنائھما الصغار في المقعد الخلفي لسیارتھما، وانطلقا على الطریق. وكان المقصد ھو نتیفوت: عرس شقیق
ھداس كان یجري في قاعة ھناك. وارتدى الاطفال من بنات وبنین ملابس العید الفاخرة.
كانوا في رأس أزمة السیر. جلسوا بصبر، بصمت، ساعة ونیف، وبعدھا سألوا اذا كان المتظاھرون سیسمحون لھم ان یتخطوا مسافة بضعة امتار نحو التحویلة واخلاء المكان.
متظاھرتان شابتان اغلقتا الطریق. وانضم الیھا آخرون. ”لا یھمنا“، قالت احداھما غاضبة. ”الان
دوركم في الوقوف“.
سألتھا عن اسمھا فقالت آلا افراتي. واضافت: ”عندما تظاھر المقعدون وقفت انا ایضا. لثلاث
ساعات. انتھى. احد لن یمر“.
فسألتھا اذا كنت واثقة ان ھذا سیجدي نفعا. فقال: ”تریدون اثیوبیین طیبین، جمیلین. لم یعد ھناك
اثیوبیون طیبون. انتھى یعني انتھى“.
سألتھا، إذا ”نحن سنقیم النظام ھنا. اولئك الذین یجلسون على الكراسي فوق – علیكم ان تنزلوا
بضعة كراسي الى تحت“.
وقف في ایالون نحو 500 شخص، ربما 700 ،ربعھم شبان بیض جاءوا للاحتجاج، بعض من مسافري السیارات العالقة، والباقي شبان اثیوبیون. بعض من الجماعات كانوا مخلوطي اللون، والموتور كان دافید مزراحي، لیس اثیوبیا، یعمل في مركز بیرس للسلام. فقد قال لي: ”حتى قبل خمس سنوات كنت عنصریا. كنت في لا فامیلیا بیتار یروشلایم، وكان لي ملف في الشرطة. غیرت آرائي بعد أن عملت مع العرب“.
ھتف بشعارات المظاھرة وردد الجمھور وراءه. وكان الشعار الاكثر شعبیة ”من لا یقفز ھو شرطي“. وقال مزراحي: ”لا فرق بین دم ودم. كلنا بشر. نقف معا – بلا عنصریة وخوف“. وكرر المتظاھرون وراءه. وتلا اسماء كل الاثیوبیین الـ 11 الذین ماتوا في السنوات الأخیرة في احداث مع الشرطة. فأجاب الجمھور بعد كل اسم ”قتل“.
قال لي: ”لا یوجد ھنا زعماء“، حاول ان یقنع المتظاھرین بتحریر العائلة الاصولیة. وذكرھم قائلا:
”كلنا بشر“. ولكنھم رفضوا. ولانعدام البدیل اخرج الاطفال من السیارة. فقد كانوا مذعورین ولكنھم
لا یبكون. وقفوا بصمت الى جانب امھم التي تنازعت مع المتظاھرات. ”ھل كنتم تصدقون؟“، قالت
احداھن. ”فھي لم تعرف على الاطلاق انھم قتلوا شخصا. لم تعرف على ماذا المظاھرة!“.
تركوا السیارة وصعدوا إلى الأعلى على أمل أن یسافروا في القطار، اربعة اطفال صغار وامھم
بلباس عید وبوجوه مكفھرة. ضرر عابر، ھكذا یسمون ھذا في الجیش