الاعتراف بفلسطين.. أوروبا تراوغ*محمود خطاطبة
الغد
يُراوغون، يُناورون، يُماطلون، يكذبون.. هذه مُصطلحات أو كلمات تنطبق تمامًا على ما تقوم به دول أوروبية من وعود وأقاويل حول نيتهم أو عزمهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
دول أوروبية تسعى، حسب تصريحات مسؤوليها، بأنها ستتخذ قرارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. هذا قولهم بأفواههم، لكن ما تُخفيه صدورهم أهم وأخطر وأصعب، فتلك الدولة أُنشئت أو وجدت من أجل مصالحها وشعوبها أولًا وأخيرًا، وما بين كُل ذلك تحطيم أو تدمير ما يقف في طريق تحقيق ذلك.
وفي أضعف حالات الإيمان، أستطيع القول بأن ذلك «الاعتراف»، وكأنه ينطبق عليه قول «كلمة حق يُراد بها باطل».. فالمُجتمع الأوروبي، وأقصد هُنا أصحاب القرار والمسؤولين، يسعى بشتى الطُرق إلى وضع حد للأزمة الروسية - الأوكرانية، ولو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية، و»دغدغة» عواطف الشعوب العربية.
مُلخص القول، أرى بأن ما صرحت به دول أوروبية، بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يأتي من باب الضغط على الولايات المُتحدة الأميركية، كي تتخذ قرارًا أكثر حزمًا وجُرأة، بشأن الحرب الدائرة ما بين موسكو وكييف، خصوصًا بعد استقبال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في ألاسكا مؤخرًا.
فالمصلحة الأوروبية تقضي بضرورة إنهاء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، كون أوروبا تعتبر الأخيرة خط حماية لها من «الغول الروسي»، حسب ما يدور في خلدهم وأفكارهم ومُعتقداتهم، فمن خلال الضغط على الرئيس ترامب، المعروف باتقانه فن المُراوغة، وكذلك فن الكسب الكثير، تم اللجوء إلى التلويح بورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
والاعتراف بالدولة الفلسطينية، غير معلوم الملامح، فالأوربيون لم يتطرقوا أبدًا إلى حدود هذه الدولة، ولا إذا ما سيكون لهم سُفراء فيها، وهذا أقل ما يُعرف بشأن «الاعتراف»، لكنهم تركوا الأمور «حائرة»، حتى يتمكنوا من المُراوغة أو المُناورة، في حال أقدم الرئيس ترامب على مُساعدتهم بشأن الأزمة الروسية - الأوكرانية، أو على الأقل التخفيف من حدة أضرارها.. وذلك ما صرح به مسؤولون فرنسيون بأنهم «قد يُعيدوا النظر في موقف بلادهم بناء على مُستجدات سياسية أو ضغوط اقتصادية».
فلا تعقدوا آمالًا على الموقف الأوروبي، فهم الأكثر دهاء بالسياسة، والمُراوغة والمُناورة!، فأوروبا لن تغامر بمصالحها الإستراتيجية من أجل فلسطين أو العرب.. وبالمُقابل هُناك لاعب أساسي في المشهد الدولي، وهو الشيطان الأميركي، الساعي دومًا للحفاظ على مصالحه والاحتلال الإسرائيلي، حتى لو تطلب الأمر التضحية بدول مُقابل أُخرى.