الغد
لم يظفر منتخب النشامى ببطولة كأس العرب، وحل وصيفا بعد تتويج المغرب.
قدم المنتخب الأردني لكرة القدم أداء رفيعا، وحاز على إعجاب الجماهير، واعتبر الكثير من المراقبين الرياضيين أنه خسر البطولة بسبب أخطاء تحكيمية، ولولا ذلك لكان بطل العرب دون منازع.
انتهت بطولة كأس العرب، وبتنا على موعد مع كأس العالم، وهناك اختبار آخر، وفرصة لا تعوض لنقدم الأردن لهذا الكون الذي يتابع بشغف هذه التظاهرة الدولية الأهم، ونروي حكاية وطن عمده شبابه وشاباته بالتضحية والإرادة.
قبل أن نسدل الستار على بطولة كأس العرب هناك حدث وقع، ويستحق التصويب، والتوضيح، ويتعلق بما قيل، وصور عن إحجام بعض لاعبي منتخبنا الوطني عن السلام على مدرب منتخب المغرب الشقيق، وبغض النظر إن كان هذا صحيحا، أو أنه لا يعدو حادثا عابرا ناتجا عن حالة شد الأعصاب، والتوتر، والتوقيت، أو بسبب مكان تواجد مدرب أسود الأطلسي قبل منصة التتويج، فإنه يستحق إزالة حالة الالتباس، فالعلاقة التي تجمع الأردن والمغرب أكثر متانة من أن يعرضها موقف عابر للتكدير، والوشائج التي تربطنا بشعب المغرب عميقة الجذور، والتوافق القومي يتعدى البطولات الكروية، فنحن وهم وطن ممتد رغم بعد الجغرافيا.
تلقيت اتصالات من أصدقاء مغاربة أجلاء يستغربون ما حدث، حاولت أن أشرح أن هناك مبالغات على منصات التواصل الاجتماعي تحاول أن تتصيد تصرفا عابرا، وتجعل منه قضية رأي عام، وقلت لهم إن الكاميرات رصدت غير هذه الادعاءات، وأن وجود المدرب ظهر وكأنه ينظم تدفق اللاعبين لمنصة التتويج وليس للسلام، وأرسلت لهم فيديوهات تظهر العديد من اللاعبين الأردنيين يصافحون لاعبي المنتخب المغربي ومدربهم، لكننا بعد نقاش، وجدل، اتفقنا على أن هناك نافخين في الكير يحاولون إشعال فتنة بين شعبين شقيقين، وبين مملكتين عرفتا بالاعتدال، والتسامح، وكانتا نموذجا مختلفا في كل محطات التاريخ.
ما يهم الآن رأب الصدع، والمبادرة لإطفاء حريق قد يشتعل، لهذا أتمنى أن يبادر اتحاد كرة القدم الأردني إلى إعلان موقف توضيحي يطيّب مشاعر الشعب المغربي، وبطولة كأس الأمم الأفريقية على الأبواب في المغرب، ويمكن لوفد يحضر بقيادة سمو الأمير علي إلى الرباط أن يخمد نيران الفتنة، والأكيد أن سفارتنا في المملكة المغربية بقيادة زميلتنا الإعلامية والدبلوماسية معالي السفيرة جمانة غنيمات قادرة على تجاوز أي سوء فهم قد نجم.
كثيرة هي المبادرات المطلوبة فعلاقتنا مع المغرب تتقدم على ما عداها، فالإعلام قادر على بناء جسور الأخوة، وتعزيز مداميك الثقة إن اهتزت، والبرلمان (مجلس الأمة) صوت الناس وهمزة وصل، وزيارة وفد برلماني رفيع من مجلسي الأعيان والنواب إلى سفارة المملكة المغربية في عمان خطوة مهمة، وكافية لإيصال رسالة المحبة.
الرياضة طريق للتفاهم والسلام بين الشعوب، ولم تكن يوما مسارا لإشعال الفتن، وتأجيج مشاعر الكراهية، والبغضاء، ومهما كانت الحقيقة فدرء الفتنة عروبيا، وقوميا، وإنسانيا يتقدم، ومنتخب النشامى كان ويجب أن يظل نموذجا للأخلاق الرفيعة، ولرسالة الأردن التي توحد، ولا تفرق.