عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Aug-2020

إصدارات جديدة في الرواية والسيرة الذاتية والعلوم

 إربد ـ الراي - أحمد الخطيب - تقدّم الكتب الجديدة الصادرة حديثاً عن الدار العربية للعلوم/ ناشرون، وتقع بين الرواية وأدب الطفل والسيرة الذاتية والكتب العلمية، وتجمع هذه الإصدارات بين الكتب الأصيلة والكتب المترجمة، مفتاحا معرفيا للدخول إلى عوالم إبداعية متنوعة، ففي الكتاب الأول الذي جاء تحت عنوان » إجازة في بركة ماء»، تقدم الدار الطبعة العربية لرواية «ECHO PARK ،«وهي من تأليف مايكل كونللي وترجمة ماجد حامد ومراجعة وتحرير مركز التعريب والبرمجة في بيروت.

تدور أحداث الرواية في أجواء الجريمة الغامضة؛ فبعد ثلاثة عشر عاماً على اختفاء ماري غيستو في ظروف مبهمة، رُجحت فيها فرضية الموت، ظل المحقق هاري بوش يبحث عن الجاني المفترض ليعرف مصير الفتاة او على أقل تقدير ليسترجع رفاتها.
وذات يوم يتلقى اتصالاً من مكتب المدعي العام، هذا الاتصال قلب الأمور رأساً على عقب، فقد ظهر القاتل، بعد أن عُثِرَ في سيارته على أشلاء امرأتين مقطعتين. وبعد أن طلبت له النيابة العامة عقوبة الإعدام، عرض محاميه استبدال الإعدام بالحبس المؤبد مقابل أن يخبر الشرطة عن إحدى عشرة جريمة من بينها جريمة مقتل ماري غيستو، عند هذا المنعطف، تبدأ المعضلة الأخلاقية الأولى في الرواية؛ فعقوبة قتل امرأتين هي الإعدام، ولكن الاعتراف بقتل إحدى عشرة ضحية عقوبته السجن المؤبد.
تتوالى المعضلات وشكوك هاري بوش تطال الجميع من المدعي العام إلى المحقق المساعد، وتتسع دائرة شكوك المحقق المحنّك لتشمل مشتبهاً به قديماً، تتطور الأحداث بشكل سريع وما كان تحقيقاً واحداً يصبح تحقيقات بعد أن تسيل دماء وتزهق أرواحُ محققين، وهذا ما يحرف مسار التحقيق أكثر من مرة.
إلى ذلك تقدّم الدار العربية قصّة من الأدب الفلمنكي بعنوان «بَيْتي في حَدِيقَةِ الحَيَواناتِ»، يعيش الأطفال معها يوماً في حياة «لِيَانَا». فكلّ صباح، توقظها الزرافة، وتصطحبها لتحضير الفطور مع الدبّين اللطيفَين، ثمّ تذهب بعد ذلك لتنظّف أسنانها مع التمساح. بأسلوب فريد ومتنوع يغلب عليه الحنين، يحكي بيتر غاوديسابوس عن «لِيَانَا» التي تصطحب القارئ في يوم مليء بالأنشطة الجنونية، كاللعب بكرة السلّة مع القردة والانزلاق على خرطوم الفيل للغطس في بركة من الطين. وتساعد الأفعى «لِيَانَا» للاستمتاع بالسباحة بعد ذلك، وبرف?ة طيور النّحام، تذهب لرؤية الدبّ القطبي ويتناولون جميعاً المثلّجات، ترسم مع البطاريق، ويحمل إليها الجمل طبق المعكرونة. أخيراً، تقرأ «لِيَانَا» قصّة لجميع أصدقائها في حديقة الحيوانات، قبل أن تنام على فراء الحمار الوحشي.
أما كتاب «وجْدٌ لا ينام» فهو سيرة ذاتية اختار له صاحبه الكاتب الدكتور معن السلطان شكلاً فنياً خارجياً هو الرواية، ويأتي ذلك بعد تعرُّضه لنوبة وجْدانية اضطرابية في عام 2017 ،أيقظته–كما يصف – من غفلة طويلة وأعادت بناءه وساهمت في تصحيح الكثير من المفاهيم وأنماط التفكير لديه.
تبدأ السيرة، على مستوى السرد، من مكان محدد هو منهاتن، ومن زمان محدد هو الماضي القريب 2017 ،ومن واقعة معينة هي الإصابة بالاضطراب الوجْداني «ثُنائي القطب»، وتنتهي السيرة بإتمام مائة جلسة علاجية عند الانتهاء من تأليف هذا الكتاب. وبين البداية والنهاية تجربة حياة تنبض بالأحداث العميقة التي شكلت تحولاً في حياة الكاتب وحافزاً لكتابة رواية تمزج بين الواقع والخيال، تتمظهر فيها بداية ارتباط جديدة بالحياة من خلال شخصية «وجد» التي ترافقه في رحلة العلاج، بعد أن عبرت إليه من خلال اللاوعي، لتجعل منه شخصاً آخر. وبهذا الاش?غال السردي البديع نجح كاتب السيرة في نقل الاهتمام من السيرة أو من الحياة إلى الذات/الكاتبة، التي حوّلت السرد إلى اتجاهات فلسفيّة ونفسيّة وأدبيّة، بدت ملامحها واضحة في تشكيل النص.
يقول الكاتب معن السلطان عن كتابه «وجدٌ لا ينام»: «قد لا يعيش الإنسانُ الحياةَ حقًّا إلا إذا تمكّن من مآسيها، ربما يكون أكثر من يستطيع تمييز الجمال من عاش وسط الحُطام الروحي، الذي كان يرى الحياة سوادًا أبديًّا، من ثَقب إبرة. لقد كنت غارقًا في اللاّوعي لسنواتٍ عديدة، وحدها النوبة أيقظتني. حصل ذلك عندما انهار عالمي كله وفقد معناه، عندما واجهتُ الموت نفسيًا؛ فبزغتْ شمس السلام وأبصرتُ عالمًا جديدًا. لقد تحول عندها الحديد إلى ذهب، والعذاب إلى وعي، والكارثة إلى نور. لقد أدركتُ أنّ أسوأ ما قد يصيب المرء قد ينقلب إ?ى أفضل شيء يحدث له».
وفي باب الكتب العلمية تقدم الدار العربية، الطبعة العربية لكتاب «كوفيد – 19 :الوباء الذي ما كان يجب أن يظهر وكيف نتجنب الوباء التالي» الكتاب من تأليف ديبورا ماكينزي وترجمة زينة إدريس ومراجعة وتحرير مركز التعريب والبرمجة في بيروت، بعد ترجمته إلى 14 لغة عالمية.
تُعدّ ديبورا ماكينزي التقارير عن الأمراض الناشئة منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتستفيد من هذه التجربة لتشرح لنا كيف انتقل كوفيد–19 من وباء يمكن السيطرة عليه إلى جائحة عالمية.
تروي ماكينزي في كتابها «كوفيد–19 :الوباء الذي ما كان يجب أن يظهر وكيف نتجنب الوباء التالي» تاريخ أهم الأوبئة الأخيرة، بما في ذلك السارس وميرس وإنفلونزا H1N1 وزيكا وإيبولا، كما تعطينا دورة مكثّفة في علم الأوبئة – كيف تنتشر الفيروسات وكيف تنتهي الجوائح – وتحدّد الدروس التي فشلنا في تعلّمها من الأزمات السابقة كما تخبرنا بتفاصيل حيّة كيف ظهر كوفيد–19 وانتشر، وتوضح الخطوات التي عرفت الحكومات أنّه كان بإمكانها اتّخاذها للحؤول دون انتشار الفيروس أو على الأقل الاستعداد له. أمّا بالنسبة إلى المستقبل، فتُقدم ماكينزي?حجّة جريئة ومتفائلة. قد تؤدي هذه الجائحة في النهاية إلى تحفيز العالم على أخذ الفيروسات على محمل الجدّ. فمكافحة هذا الوباء وتجنّب الوباء التالي يستلزمان إجراءات سياسية متنوّعة على مستوى العالم، من جانب الحكومات والمجتمع العلمي والأفراد – لكنّ ذلك ليس مستحيلاً.
لم يسبق لأحد حتّى الآن أن جمع في عمل واحد ما نعرفه عن كوفيد–19 بطريقة شاملة وغنيّة بالمعلومات، وبأسلوب يسهل فهمه. غير أنّه ليس من المبكر عرض هذه الدراسة التي عجّلت ديبورا ماكينزي في وضعها بين أيدينا، بل إنّ قراءتها واجبة في هذا الوقت وما بعده. صحيح أنّه من السابق لأوانه أن نعرف إلى أين تتجّه جائحة كوفيد–19 ،لكنّ أوان الحديث عن الأخطاء التي ارتكبت وكيفيّة تجنّبها لاحقاً قد آن منذ زمن.
في نصٍّ مشوّق يسهل فهمه على المجتمع غير العلمي، تعرض صحفية علمية مخضرمة القصّة الصادمة لكيفية تفشّي جائحة الفيروس التاجي كوفيد–19 ،وما يجب فعله لتجنّب حدوث ذلك مجدّداً.