عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Sep-2025

الإعلام ومواجهة الاخطار والتحديات*العين د. زهير ابو فارس

 الراي 

لقد اثبتت التجربة العملية لبلدنا خلال مائة عام ونيف، أنه كان دائما وسط عواصف الإقليم والمنطقة ، متاثرا بها وبمجمل الأحداث الدولية ، وكان الرهان دائما معقود على الإعلام الرسمي، ممثلا بوزارة الإعلام واذرعها الرئيسية،في حمل السردية الرسمية للدولة الأردنية، والدفاع عنها. وهذه الحالة لا تزال قائمة الساعة، بل وتزداد أهميتها مع المخاطر الوجودية التي اخذ يشكلها اليمين الصهيوني- القومي -الديني، الذي لا يخفي أطماعه ومخططاته التوسعية العدوانية تجاه بلدنا الدولة والهوية،
 
من منطلق أن الأولوية يجب أن تكون لمصالحنا الوطنية العليا. حيث يعود للبروز الدور المحوري الذي يجب أن يضطلع به الإعلام الرسمي في الدفاع عن سردية الدولة الأردنية ومصالحها، كاولوية رئيسية ، خاصة مع تشعب انواع وسائل الإعلام الجماهيري ، والتطورات المتسارعة في هياكله وأدواته، كما ونوعا ، إضافة إلى الدور المتعاظم لوسائل الإعلام الجماهيري الحديثة، وبخاصة وسائل الإعلام الاجتماعي غير التقليدية، وكذا تحديات الحرب الاعلامية غير المعلنة على الأردن ، وسياساته ومكانته، ودوره الإقليمي والدولي، بما في ذلك، حملات اعلام التشكيك ، والكراهية، وبث الإشاعات ، وزرع الفرقة، والتضليل ، والفتنة،وانتهاك حرمات الأشخاص، والاساءة لمؤسسات الدولة، وغيرها من الممارسات المخالفة لحرية الإعلام. مما يتطلب اللجوء إلى أساليب وخطط واستراتيجيات، تتناسب مع حجم هذه الأخطار على الوطن والمجتمع.
 
من هنا تأتي أهمية التفكير الجدي بالإجراءات التي يجب اتخاذها لضبط بوصلة العملية الإعلامية، باتجاه مصلحة الوطن العليا، خاصة عندما نواجه مثل هذه الأخطار الوجودية، التي يمثلها الأعداء الخارجيون، واؤلئك من أمثال الطابور الخامس المرتبطون باجندات خارجية ، تعمل دون توقف للاساءة لبلدنا خارجيا، واثارة الفتن وكل ما يضعف جبهتنا الداخلية. إضافة إلى الدور المنوط بالإعلام الرسمي في المرحلة القادمة ، كرافعة لانجاح المشروع الوطني للتحديث السياسي، والاقتصادي، والاداري، وصولا الى التنمية الشاملة. مع أهمية الإشارة إلى أن كل ذلك لا يعني، البتة ،اننا نطالب بإعاقة او تقييد حرية تدفق المعلومات، في عصر ثورة المعلومات الرقمية، بل على العكس من ذلك، تعزيز حرية الوصول إلى المعلومات الصحيحة، وعدم احتكارها ، وتسهيل تدفقها، وفق سياسات راسخة للإعلام، ترتكز على مبادئ الدستور ، والتي تشمل : ضمانات لحرية التعبير عن الرأي ، وتعزيز النهج الديموقراطي، والتعددية السياسية، وتوسيع دور الإعلام الوطني في الدفاع عن المصالح العليا للدولة الأردنية، والتمسك بالقيم الأصيلة للشعب الأردني. وهذا يعني بالضرورة انفتاح الحكومة ومؤسساتها على وسائل الإعلام المختلفة، وتوفير المعلومات المتعلقة بها، والتصدي المشترك للشائعات ،وخطاب الكراهية ، والتشكيك ،وبث الفتن،وانتهاك حقوق الناس. وهذه بمجملها هي ضمن أهداف وزارة الاتصال الحكومي.
 
يبدو اننا بحاجة إلى مراجعات موضوعية هادئة وعميقة، لسياساتنا واجراءاتنا التنفيذية في مجال الإعلام الوطني ، والذي يحتاج إلى تظافر جهود العديد من المؤسسات والهيئات السياسية، والثقافية ،والفكرية، والتربوية، والدينية، وغيرها،لصياغة استراتيجية الإعلام الوطني للدولة الأردنية. وهذا قد يعني ضرورة وجود، ما يشبه العقل الإعلامي للدولة ،في اطار ما قد نسميه "وزارة الاعلام والتوجيه الوطني"، القادر على احداث تغييرات جوهرية في الوعي الجمعي ، وتحصين المجتمع ، وتعزيز مناعته الذاتية. وهذا سيعني، في المحصلة، حشد الطاقات ، بما فيها ، تحريك الاغلبية الصامتة، وانتقالها من الرصيف إلى ساحة الفعل في الجهود المجتمعية للتصدي للاخطار الخارجية والداخلية التي تواجه بلدنا، وتشكيل الجبهة الوطنية الملتفة حول قيادتنا ونظامنا السياسي.
 
ويقينا ان الرهان لانجاح هذا المشروع الوطني سيبقى معقودا على دور محوري للإعلام في المرحلة القادمة.
 
واخيرا فإن ما نطرحه الساعة ، هو مجرد قضية للنقاش، تحتاج إلى مزيد من الحوار ،للإجابة على السؤال المركزي: بغض النظر عن التسميات("وزارة اعلام"،"وزارة اتصال"، "مجلس أعلى"..الخ).. ماهو دور الإعلام على ارض الواقع في ضوء الاخطار والتحديات القادمة؟