عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Apr-2019

صفقة القرن .. الوقت لتغییر الفکر - بقلم: أفرایم عنبار
إسرائیل ھیوم
 
ان بیان جارد كوشنیر بأن خطة السلام للبیت الابیض، ستنشر في بدایة شھر حزیران یطرح
السؤال، اذا كان یمكن للولایات المتحدة الرئیس ترامب ان تحل النزاع الاسرائیلي – الفلسطیني.
فتفاصیل الخطة بقیت في السر، ولكن یبدو أنھا تعنى بالمسائل الجوھریة كالحدود، القدس
واللاجئین. كما یخیل أن إدارة ترامب ستعرض سكاكر اقتصادیة على الفلسطینیین بخاصة كي
تحلي الصفقة. فخطة الادارة الأمیركیة تقوم اغلب الظن على اساس الافتراض الدارج في الاسرة
الدولیة، في ان السلام یستوجب تنفیذ مبدأ دولتین للشعبین.
لا شك ان الحكومة التالیة ستبحث مع الامیركیین في خطتھم، حتى لو كانت لھا تحفظات على الحماسة الامیركیة لجلب السلام إلى منطقتنا. فرئیس الوزراء نتنیاھو، الذي وافق في الماضي على
خطة بلورتھا إدارة أوباما، سیتمسك بالوعد بالترحیب بالبشرى من واشنطن. ثمة یقین مشابھ بشأن
السلوك المتوقع في الطرف الاخر: فالقیادة الفلسطینیة، التي تقاطع قنوات حوار عدیدة م الامیركیین، ستواظب على رفضھا. من الصعب الافتراض بان عرض إدارة ترامب سیكون أكثر سخاء من العروض لتنازلات كبیرة سبق أن وضعھا على الطاولة ایھود باراك أو ایھود اولمرت ورفضھا الفلسطینیون. للحقیقة، فان التنازلات الاسرائیلیة التي لعلھا كانت ممكنة في الماضي تعتبر
الیوم خطیرة للغایة، للسبب البسیط في أن معظم الاسرائیلیین مرة اخرى لا یرون في الفلسطینیین
جیرانا یمكن التعایش الى جانبھم بسلام.
یفھم معظم الجمھور في اسرائیل بان فجوة المواقف بین الحركة الصھیونیة والحركة الوطنیة الفلسطینیة غیر قابلة للجسر. ومع مرور الایام تبین أیضا، أن الفلسطینیین غیر قادرین على أن یقیموا دولة اختبار وجودھا ھي احتكار استخدام القوة. لیس لھم القدرة على ان یحتفظوا ببنیة تحتیة
دولیة ویسیطروا على المیلیشیات المسلحة، احداھا – حماس – احتلت قطاع غزة. كما ان انھاء النزاع ما یزال بعیدا ایضا لان للحركتین القومیتین ما یزال ھناك طاقة كبیرة لمواصلة القتال في سبیل اھداف تعد اھم من السلام، مثل القدس.
یخیل إذن ان صفقة القرن لن تنجح في انھاء النزاع، وستنضم إلى باقي المبادرات الامیركیة التي
طرحت في الماضي دون جدوى. وبالمقابل، فان الشخصیات التي تقف خلفھا یتركون مجالا للتفاؤل. فادارة ترامب لا تتمسك، على اقل تقدیر، بالصیغ الدبلوماسیة المقبولة والسلیمة سیاسیا.
ویحتمل أن یشجعھا فشل صفقة القرن ویشجع رجالھا على تبني فكر آخر.
على اسرائیل أن تري الامیركیین بان محاولة اقامة ”دولتین للشعبین“، الان لیست عملیة ولن تضمن الاستقرار. ینبغي اعداد الارضیة لتأیید امیركي للسیاسة الاسرائیلیة التي اتخذت عملیا في السنوات الاخیرة وبنجاح غیر قلیل: ادارة النزاع.
في ظل غیاب امكانیة لانھاء النزاع، ومع الفھم بان المحاولات لانھائھ تتسبب فقط بالاحباط وبالاضرار، ینبغي السعي الى ھدف اكثر تواضعا، ولكنھ مجد اكثر فاضعاف: تقلیص المعاناة للطرفین في نزاع متواصل وغیر قابل للحل. ینبغي استغلال حقیقة ان المسألة الفلسطینیة لم تعد توجد في مركز جدول الاعمال العالمي، واحساس الالحاح ”لحلھا“ تبدد. یحتمل أنھ مع مرور الوقت سینشأ من اوساط الفلسطینیین جیل قیادي جدید ذو فكر عملي أكثر، وفي المستقبل قد تنشأ الظروف التي تعطي فیھ محافل عربیة مسؤولیة، أكثر كتفا لاعتدال التیارات المتطرفة للمجتمع الفلسطیني.
في ھذه الاثناء، بسیاسة رقیقة وعاقلة، یمكن ضمان حیاة مریحة قدر الامكان لمعظم الناس بین
البحر والنھر. ادارة النزاع ھي استراتیجیة حذرة تمتنع عن الاستجابة للمطالب الدیماغوجیة من
الطرفین – إما الحسم العسكري او الانسحاب احادي الجانب.
ان الفشل المضمون لصفقة القرن، ھو فرصة لاسرائیل لفتح عیون الامیركیین على الواقع المعقد
في منطقتنا وحملھم على تأیید ”ادارة النزاع“. واشنطن، التي اكتوت غیر مرة في الماضي بـ ”صنع
السلام“ ولا تتمسك بالمسلمات الدولیة، كفیلة بان تحرر اسرائیل من عقاب صیغة لیس فیھا خلاص.
بروفیسور، رئیس معھد القدس للاستراتیجیة والامن