عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jun-2022

“الإبعاد”… سياسة إسرائيلية “متعثرة” لتهويد القدس وتفريغها

 الغد-نادية سعد الدين

تلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بكثرة في الفترة الأخيرة، إلى تنفيذ سياسة “إبعاد” المقدسيين عن مدينتهم، بوصفها وسيلة لتهويد القدس المحتلة وتفريغها من سكانها الأصليين وكسر شوكتهم، والاستفراد بالمسجد الأقصى المبارك، ولكنها تعد سياسة “مُتعثرة” لم تنجح حتى الآن في تحقيق مبتغاها أمام الثبات والصمود الفلسطيني.
وتدخل سياسة “الإبعاد” الإسرائيلية بقوة في معركة القدس المحتلة، إلى جانب إجراءات القمع والتنكيل وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، باعتبارها جميعا أساليب الاحتلال العدوانية لتهويد المدينة وطمس هويتها وإحلال المستوطنين المتطرفين مكان المقدسيين، فضلا عن هدف إحكام السيطرة على الأقصى.
وقد صعد الاحتلال مؤخرا من سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى، التي أخذت الطابع الجماعي بداية قبيل تحولها بعد فشلها إلى إبعاد فردي عن المسجد أولا ثم عن محيطه وعن البلدة القديمة نفسها ومن ثم تطورت لاحقا صوب الإبعاد عن كامل مدينة القدس، بتقاسم الأدوار بين شرطة الاحتلال كجهة رسمية، والجماعات اليهودية المتطرفة المنضوية في إطار ما يسمى “منظمات الهيكل” المزعوم.
وبات اتباع سياسة الإبعاد بحق العاملين في الأقصى ورواد المسجد سياسة ثابتة تأخذ منحى تصاعدياً، لمعاقبة الفلسطينيين وقمع تصديهم للعدوان الإسرائيلي، بهدف إفراغ المسجد الأقصى من المرابطين فيه، وتهيئة الأجواء للمتطرفين باقتحامه واستباحة باحاته، من خلال انتهاج سياسة الإبعاد بأمر عسكري، تحت طائلة السجن 6 أشهر عقوبة المقدسي الذي يخرق قرار الإبعاد.
وقد أصدر الاحتلال عشرات قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى لشبان مقدسيين في محاولة لتفريغه من الفلسطينيين الذين يتصدون لاقتحامات المستوطنين المتواترة، أسوة بما حدث أمس عبر تنفيذ الجولات الاستفزازية وأداء الطقوس التلمودية المزعومة تحت حماية قوات الاحتلال.
ويلاحظ ارتفاع وتيرة تنفيذ “الإبعاد” في الفترة الأخيرة؛ فبحسب مركز معلومات وادي حلوة في القدس المحتلة، فقد أصدرت سلطات الاحتلال في شهر أيار (مايو) الماضي وحده 107 قرارات “إبعاد”؛ منها 4 عن مدينة القدس، 65 عن الأقصى، 38 عن البلدة القديمة.
وطالت معظم قرارات الإبعاد شباناً فلسطينيين اعتقلوا من المسجد الأقصى، كما واصلت سلطات الاحتلال سياسة “الابعادات عن مكان الاعتقال الميداني”، أي عن شوارع المدينة “باب العامود، الساهرة، السلطان سليمان، صلاح الدين”، حيث رصد المركز 186 اعتقالا ميدانيا، أصدرت ضد 132 شخصاً قراراً بالإبعاد، تزامناً مع الاعتقالات الجماعية بالقدس المحتلة.
في حين أسدل عام 2021 الستار على 519 قرار إبعاد للمقدسيين، وفق ما رصده المركز، وقد توزعت ما بين 357 عن المسجد الأقصى، 110 عن القدس القديمة، 31 عن مدينة القدس، 11 منع دخول مدن الضفة الغربية، وهي الحصيلة الأكبر خلال السنوات الأخيرة تبعا لما شهدته الأراضي الفلسطينية، والقدس -كبؤرة صراع- خلال العام المنصرم.
بالمقابل؛ تم تسليم 375 قرار إبعاد للفلسطينيين خلال عام 2020، منهم 315 أبعدوا عن المسجد الأقصى، و33 عن البلدة القديمة، و15 عن مدينة القدس، من بينهم 15 قاصراً و66 سيدة فلسطينية، إضافة لإبعاد أربعة مقدسيين عن الضفة الغربية، ومنع ثمانية آخرين من السفر.
وطبقاً للمؤسسات والهيئات المقدسية؛ فقد تم، منذ احتلال مدينة القدس، “إبعاد” أكثر عن 5 آلاف مقدسي من أصل نحو 400 ألف مقدسي من السكان، من دون أن تسهم تلك السياسة الإسرائيلية كثيراً في تغيير المعادلة الديموغرافية لصالح المستوطنين اليهود والتي يسعى الاحتلال إلى الوصول إليها بشتى الطرق الجُرمية بحق الفلسطينيين.
وتتراوح فترات الإبعاد من يومين إلى 6 أشهر، وفي معظم الحالات تسلم لعدة أيام ثم تجدد لعدة أشهر، فيما تطال قرارات “الإبعاد” الإسرائيلية المقدسيين على اختلاف نشاطهم، فمنهم أسرى محررين ومرابطين ومرابطات في الأقصى وحراس المسجد والشخصيات السياسية الفلسطينية.
فيما تكثفت مؤخراً قرارات الإبعاد بحق النشطاء المقدسيين عن الأقصى؛ في محاولة جديدة لتفريغ الحرم القدسي من النشطاء المؤثرين، إذ تأتي الحملة في ظل تكثيف سلطات الاحتلال مخططات تهويد الأقصى عبر مضاعفة عمليات اقتحام المستوطنين للمسجد والتضييق على المصلين فيه أو الوصول إليه.
واستكمالا لسياسة تهويد مدينة القدس والمسجد الأقصى؛ لم تكتف سلطات الاحتلال بمنع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول المدينة لأداء الصلاة إلا في أوقات ومناسبات نادرة، ووفق شروط وقيود محددة خاصة؛ بل سارعت بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 إلى نصب المزيد من الحواجز في محيط المدينة المقدسة؛ ثم بناء جدار الفصل العنصري، لتبعدهم بذلك عن المسجد مقابل السماح لغلاة المستوطنين باقتحام باحاته.
ولجأت سلطات الاحتلال إلى تقييد وصول الفلسطينيين للمسجد الأقصى بشروط وأوقات معينة، بما فيهم سكان مدينة القدس المحتلة، كمنع وصول المصلين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً من الذكور من دخول المسجد لأداء الصلاة فيه؛ لتتسع بذلك دائرة المبعدين عن المسجد والممنوعين من الوصول إليه.
وتزداد قرارات سلطات الاحتلال بالإبعاد في فترة ما يسمى الأعياد اليهودية المزعومة؛ والتي أصبحت موسماً لإغلاق معظم أبواب المسجد الأقصى، أو في أعقاب حدوث مواجهات تسميها سلطات الاحتلال “الإخلال بالأمن العام”، وفق مزاعمها.
ويتزامن ذلك مع ملاحقة الموظفين بالمسجد الأقصى من الخطباء والحراس، واستهداف الشخصيات الوطنية والدينية، بالإضافة إلى إعتقال طلبة مصاطب العلم والمرابطين، بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ وفرض الغرامات المالية الباهظة عليهم.